د. جودة عبد الخالق يكتب عن التعديل الوزاري: الأحوال لن تتحسن ولو بألف تعديل على شاكلته.. ولابد من إصلاح سياسي شامل
التعديل الوزارى لا يكفي والمطلوب فتح المجال العام ووضع أسس نظام سياسى لدولة مدنية يصبح المصريون أسياد في بلد سيد
التعديل الوزارى اكتنفه غموض شديد في إطار من التكتم والسرية رغم أنه بالدرجة الأولى عمل سياسى وليس عملا أمنيا
كنت أفضل لو أن الرئيس خاطب الشعب بهذه المناسبة مُفْصِحا عن نيته في إجراء التعديل ومُوَضِّحا مبرراته ودواعيه.. لكنه لم يفعل
أهدرنا فرصة ثمينة لتحقيق اصطفاف خلف الحكومة.. ويظل السؤال مُعلَّقاً وجالبا للمزيد من الحيرة والإرباك والبلبلة: لماذا كان التعديل؟
كتب: عبد الرحمن بدر
علق الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التضامن الاجتماعي الأسبق والخبير الاقتصادي، على التعديل الوزاري الأخير، مؤكدًا أنه لن تتحسن أحوال مصر حتى لو أجرينا ألف تعديل وزارى على شاكلة التعديل الأخير.
وتابع في مقال له بصحيفة (الأهالي)، اليوم الأربعاء، بعنوان (التعديل الوزارى لا يكفي؛ بل المطلوب إصلاح سياسي): الحل هو إصلاح سياسى شامل، جوهره فتح المجال العام ووضع أسس نظام سياسى لدولة مدنية (لا دينية ولا عسكرية) يقوم على التعددية واحترام حقوق الانسان. نظام يصبح المصريون من خلاله مواطنين لا رعايا، أسياد في بلد سيد.
وأضاف: نظام تختفى فيه ظاهرة سجناء الرأي، ويكون فيه التعبير عن الرأي مدعاة للثواب بدلا من العقاب، ولعل الحوار الوطنى الذى نسعى جاهدين لتدشينه يفتح آفاقا رحبة وحقيقية للاصلاح المأمول سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
وقال عبد الخالق: بصراحة، لم أستطع معرفة أي شيء مفيد عن حدث يفترض أنه هام، وبالتالي لم يكن لدىّ شيء مفيد يقال. بل وجدت أن أمامى من الأسئلة حول الحدث أكثر مما لدىّ من إجابات. لماذا التعديل في هذا التوقيت؟ وهل له علاقة بالمباحثات الجارية بين مصر وصندوق النقد الدولى؟ ولماذا لم يشمل التغيير رئيس الوزراء أيضا؟ لماذا خرج فُلان من الوزارة؟ ولماذا جاء عِلَّان إليها؟ ما هو المستهدف من التعديل الوزاري؟ ما هي علاقة التعديل بتردى الأوضاع الاقتصادية؟ ولماذا استمر الوضع كما هو عليه في وزارات حيوية مثل المالية والتموين، رغم التردى الشديد للأوضاع الاقتصادية والغلاء الفاحش الذي أرهق كاهل الناس؟.
وتابع: الملاحظ أن التعديل الوزارى قد اكتنفه غموض شديد في إطار من التكتم والسرية، رغم أنه بالدرجة الأولى عمل سياسى وليس عملا أمنيا.
وأضاف: كنت أفضل لو أن الرئيس خاطب الشعب بهذه المناسبة، مُفْصِحا عن نيته في إجراء التعديل، ومُوَضِّحا مبرراته ودواعيه، ومُحَدِّدا النتائج المتوقعة منه لإصلاح أحوال الوطن والمواطنين. لكنه لم يفعل. أو كبديل، كان يمكن أيضا أن يكلف الرئيس المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية بإذاعة بيان بهذه المناسبة، يضع فيه النقاط فوق الحروف، ويجيب على أسئلة الناس واستفساراتهم بهذا الخصوص. لكن لم يحدث شىء من ذلك أيضا. وانتهى الأمر بموافقة مجلس النواب بالاجماع على التعديل الوزاري المعروض.
وقال الخبير الاقتصادي: مجلس النواب بكامل هيئته يوافق بالاجماع في جلسة طارئة على تعديل يشمل أكثر من 40% من الحقائب الوزارية، وبذلك أهدرنا فرصة ثمينة لتحقيق اصطفاف الشعب خلف الحكومة وإحداث دفعة الى الأمام في حياة المجتمع. وبالتالي يظل السؤال مُعلَّقاً وجالبا للمزيد من الحيرة والإرباك والبلبلة: لماذا كان التعديل الوزاري الأخير؟.
يذكر أن الحكومة استقبلت عدداً من الوجوه الجديدة لحقائب وزارية حيوية، خلال التعديل الوزاري الذي أعلن عنه، السبت الماضي، خلال جلسة طارئة للبرلمان دعا لها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ويعد هذا التعديل الأكبر من نوعه منذ سنة 2018 . وقد طال 13 وزيرا، أبرزهم وزير التربية والتعليم، طارق شوقي، ووزيرة الهجرة، نبيلة مكرم بالإضافة لوزير الموارد المائية والري، محمد عبد العاطي، ووزيرة الصحة والسكان، هالة زايد.