د. جودة عبد الخالق: ذكرى 25 يناير أصبحت تمر مرور الكرام وتخلو من أي مظاهر احتفالية وكأن الثورة حدثت في بلد آخر
ارتفعت في السنوات الأخيرة أصوات تهيل التراب على ما جرى وهناك ما يبدو التباس في الموقف الرسمى من الحدث الوطني العظيم
بالنسبة لي 25 يناير أهم حدث في حياتي.. ما زلت أتذكر البسطاء من عمال مصر وفلاحيها الذين تعرفت إليهم ونحن نفترش أرض التحرير
كتبت: ليلى فريد
قال الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التموين الأسبق، وعضو الحوار الوطني، إن ذكرى ثورة 25 يناير أصبحت تمر مرور الكرام، وتخلو من أي مظاهر احتفالية وكأنها حدثت في بلد آخر.
وتابع في مقال بعنوان (25 يناير .. المعنى والمغزى)، بجريدة الأهالي، اليوم الأربعاء: “ارتفعت في السنوات الأخيرة أصوات تشكك في طبيعة ما حدث في ذلك اليوم العظيم، وتهيل التراب على ما جرى. وحمل بعضهم الثورة المسؤولية عما تعانيه البلاد من مصاعب ومتاعب اقتصادية واجتماعية. كما أن هناك ما يبدو أنه التباس في الموقف الرسمى من هذا الحدث الوطنى العظيم”.
وأضاف: “دليلى على ذلك أن ذكرى هذا الحدث أصبحت تمر مرور الكرام تقريبا، وتخلو من أي مظاهر احتفالية ولو من قبيل إحياء الذاكرة الوطنية، ناهيك عن أي استدعاء للحدث وبحث أسبابه ونتائجه وتداعياته. وكأن الثورة قد حدثت في بلد آخر، وليس المحروسة. وللأسف، فقد أصبح المظهر الأوضح لهذه المناسبة الجليلة هو جعلها إجازة رسمية!”.
وقال الخبير الاقتصادي إن “كل هذه الأحوال تُناقِض تماما ما جاء في وثيقة دستور 2014 من أن 25 يناير هى من الثورات الكبرى في تاريخ الإنسانية، بكثافة المشاركة الشعبية التي قُدِّرَت بعشرات الملايين، وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مشرق، وبِتجاوزِ الجماهير للطبقات والأيديولوجيات نحو آفاق وطنية وإنسانية أكثر رحابة، وبحماية جيش الشعب للإرادة الشعبية، وبمباركة الأزهر الشريف والكنيسة الوطنية لها. كما أنها تتميز بسلميتها، وبطموحها أن تحقق الحرية والعدالة الاجتماعية معا. إنها إشارة وبشارة: إشارة الى ماض ما زال حاضرا، وبشارة بمستقبل تتطلع اليه الإنسانية كلها. وليس أدل على ذلك من أن ميدان التحرير، بؤرة الثورة ورمزها الأكبر، أصبح أيقونة بين ميادين العالم تتطلع إليه أنظار كل الباحثين عن العيش والحرية والعدالة الاجتماعية في كل مكان في العالم”.
وتابع: “بالنسبة لى، فإن 25 يناير يمثل أهم حدث في حياتى حتى الآن. فما زلت أذكر كيف أصبح ميدان التحرير واحة للأمن والأمان تفد إليه الناس من بحرى والصعيد، ومن كل مكان. وما زلت أتذكر كل البسطاء من عمال مصر وفلاحيها الذين تعرفت إليهم وتناقشت معهم ونحن نفترش أرض ميدان التحرير في تآخ مدهش وحميمية دافئة. ولا أزال على تواصل مع بعضهم حتى الآن”.
وأضاف: “ولكنى لن أنس أبدا الفلاح هريدى القادم من المنيا، الذى حيانى بلهجته الصعيدية “أهلا يد دكتور .. كيفك يا وِدْ عم؟” لن أنس صوته. ولن تفارقنى صورته وهو جالس بجانبى فى ميدان التحرير، بجلبابه الصعيدى الرمادي وعمامته البيضاء، ومعه صُرَّةٌ بها ما تيسر له من “عيش وجبنة”، هي كل زاده الذى يعيش عليه أيامه في الميدان. جاء هريدى من المنيا، كما جئت أنا وكل تلك الملايين، يبحث عن بارقة أمل في مستقبل أفضل لأبنائه وأحفاده، وليس لنفسه”
واختتم: “لقد كان للثورة موجتان حتى الآن، وتم سرقتها مرتين. لكن عجلة التاريخ لن تكف عن الدوران”.