د. إيهاب الطاهر يكتب: تعديلات تؤكد الخطر الكبير
نشرت وسائل الإعلام أن لجنة الصحة بمجلس النواب قد وافقت على مشروع القانون المقدم من الحكومة لمنح إلتزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل المنشآت الصحية -هذا المشروع الذى يسمح للمستثمرين من القطاع الخاص المصرى (والأجنبى) بإدارة وتشغيل المنشآت الصحية (الحكومية) التابعة لوزارة الصحة-، وذلك بعد الإتفاق مع الحكومة على إجراء بعض التعديلات وملخصها:
1- حظر منح (بعض) الخدمات الصحية الإلزامية، والخدمات التي لها بُعد أمن قومى.
2- عدم سريان أحكام هذا القانون على مراكز ووحدات الرعاية الصحية الأساسية وصحة الأسرة.
3- عدم سريان أحكامه على عمليات الدم الخاضعة للقانون رقم 8 لسنة 2021، عدا الخدمات المكملة.
4- إضافة نصوص تضمن عدم المساس أو الانتقاص من الخدمات المقدمة للمواطنين.
5- عدم الانتقاص من الخدمات الوقائية من تطعيمات وخلافه، وكذلك الخدمات الاسعافية المجانية.
6- عدم الإخلال بحقوق المنتفعين بأحكام قانون التأمين الصحي الشامل.
7- إلزام المستثمر بتقديم (نسبة) من إجمالي الخدمات لمرضى نفقة الدولة والتأمين الصحي، بذات الأسعار التي تحددها الدولة.
8- إضافة نصوص لحماية المصريين العاملين في هذه المنشآت من أطباء وإداريين وخدمات معاونة.
9- إلزام المستثمر باستمرار تشغيل نسبة لا تقل عن 25% من العاملين بالمنشأة الصحية، مع مراعاة الحفاظ على الحقوق المالية والوظيفية لهم ولغيرهم من العاملين الذين سيتم نقلهم لجهات أخرى.
10- عدم زيادة نسبة الأطباء والتمريض والفنيين الأجانب عن 25% من العاملين بالمنشأة.
أرى أن كل هذه التعديلات وإن كان من يقرأها قد يرى أنها تهدف لتحسين شروط سيطرة المستثمرين على القطاع الصحى الحكومى، إلا أنها قد تركت الأصل المرفوض وانصرفت لمناقشة التفاصيل!
ومع ذلك فحتى هذه التعديلات بها سلبيات جوهرية فعلى سبيل المثال فقد نصت على حظر منح (بعض) الخدمات الإلزامية وليس (جميعها)، كما نصت على حظر منح الخدمات التي لها بُعد أمن قومي، وكأن هناك بعض خدمات صحة الشعب ليس لها بعد أمن قومى، وكذلك قد نصت على إلزام المستثمر بتقديم (نسبة) من إجمالي الخدمات لمرضى نفقة الدولة والتأمين الصحي أى أن الخدمات المقدمة للمواطنين سوف تتقلص إلى نسبة محدودة والباقى سيكون علاج استثمارى، بالإضافة لذلك فقد نصت على إلزام المستثمر باستمرار تشغيل نسبة لا تقل عن 25% من العاملين بالمنشأة الصحية أى أنه يستطيع الاستغناء عن 75% من العاملين الذين سيتم نقلهم لمنشآت أخرى، وبدلا من ذلك فإنه يستطيع الاستعانة بنسبة 25% من الأطباء والتمريض الأجانب بمستشفياتنا الحكومية.
أكرر القول بأن إسناد إدارة وتشغيل المنشآت الصحية الحكومية لشركات استثمار أجنبية (أو حتى مصرية) هو أمر خطير، وسيؤثر سلبا على المواطن غير القادر الذى يبحث عن علاج منخفض التكاليف كما سيكون له تأثير سلبى على الأطباء والطواقم الطبية الذين سيعملون تحت إداراة المستثمرين بهذه المنشآت وكذلك الذين قد يتم نقل 75% منهم، فمن المعروف أن الهدف الرئيس للمستثمر هو تحقيق الأرباح وهذا حقه فى أى مشروع استثمارى (خاص)، ولكن علينا فى المقابل ألا نترك صحة المواطن المصرى فريسة لتحقيق حلم الأرباح الاستثمارية على حساب صحة المجتمع.
أكرر القول بأن من يرغب فى الاستثمار بقطاع الصحة عليه أن ينشىء ويدير منشأة طبية (خاصة) تضيف المزيد من الأسرة والخدمات للقطاع الصحى، وليس بأن يستولى على المنشآت الحكومية القائمة ليديرها لحسابه الخاص مع تخصيص نسبة محدودة لأصحاب المال وهم المواطنون.
فى النهاية أذكر جميع المسئولين بنص المادة 18 من الدستور وهى ” لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة (الحفاظ) على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية….. وتلتزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين فى القطاع الصحى…. ”
فهل منح امتياز المنشآت الصحية الحكومية للمستثمرين هو حفاظ على (حق) المواطن فى الصحة!!؟؟
وهل منح المستثمرين كعكة المستشفيات الحكومية المتميزة هو (حفاظ) عليها كما نص الدستور!!؟؟
وهل فتح الباب لنقل 75% من الأطباء والتمريض من مستشفياتهم هو تحسين لأوضاعهم!!؟؟
وهل التزمت الحكومة بنسبة (الإنفاق) على الصحة المقررة بموجب الدستور!!؟؟