د. إبراهيم حمروش يكتب: بين الثورة والانقلاب..الشكل والمضمون
نحتفل اليوم ٩ سبتمبر، بعيد الفلاح، يوم أعلن قانون الاصلاح الزراعى فى مثل هذا اليوم من ٦٨ سنة، وسيظل عيدا رغم كل ماجرت به تحت الجسور من مياه، حتى يعود العيد عيدا تحتفى به دولة فى رحم الغيب، قادمة يقينا بكل إرهاصات المخاض.
لسنا فى معرض دراسة كيف نشأ الإقطاع والملكيات الضخمة بعشرات آلاف الأفدنة او مئاتها. فقد صار معلوما لكل مهتم، وسهل المعرفة لمن أرادها. لكننا سنناقش الأمر من زاوية مختلفة، زاوية الفكر الثوري، التى جعلت من الانقلاب – بتوصيف علوم السياسة – ثورة، بتوصيف علوم الإجتماع والسياسة أيضا.
صدر القانون بعد ٤٧ يوما فقط من إعلان بيان الثورة، نعم ٤٧ يوما فقط، ليحدد اقصى ما يملك أي مقيم على أرض مصر ب ٢٠٠ فدان، صدر القانون فى مواجهة طبقة اقطاعية ورأسمالية كانت تسيطر على الأرض والثروة والسياسة، فقد كان عبيد الأرض وغالبية سكان مصر من أجرائها وعمال تراحيلها هم صناع الاغلبية فى أروقة سياسة ذلك العهد، بالوعي أو غالبا دونه.
صدر القانون فى وجود القوات الإنجليزية، التي لاشك علمت ومن البيان الأول أن من أهداف ( الحركة المباركة) القضاء على الإستعمار وأعوانه.
صدر القانون بعد ٤٧ يوما، والدولة لازالت هى الدولة بإعلامها وصحافتها ونخبها ودوائرها المستفيدة من أوضاع ماقبل يوليو ٥٢.
هل أفاد رجال الثورة من القانون، لا بل كان بعضهم من أسر سيسرى عليها نفس القانون.
…
نسرد ذلك، ونحن نستعيد ذكرى قريبة، ونستذكر أقوالا ممجوجة، عمن كان لهم السطوة -جماعة الإخوان ومثيلاتها – على كافة مفاصل الدولة من برلمان ورئاسة وتحالفات خفية ومعلنة، بل والأهم إرادة شعبية متقدة بكل عنفوانها، مدة تناهز العامين ماصنعوا شيئا لتحقيق اهداف أروع ثورة -بالفعل- فى تاريخ مصر فى يناير ٢٠١١ ، بل ويبرر ببغاواتهم طول الوقت أن الوقت لم يسعفهم.
كان يوليو ١٩٥٢ انقلابا..صنعت منه افكار رجاله بشبابهم الغض ثوره..لانها فى ضمائرهم كانت وأرادوها ثوره..ولم يكن فى ايديهم وسيلة لتحقيقها غير الصورة التى قاموا بها ..بها .
وغيرهم من يردد – لايكلون لايملون- الأقاويل عن قدرة وفكر وعلم وقدم وكفاءة جماعتهم، استلموها من الشعب ثورة تامة منتصره منحهم الشرعية والسلطه لكن لان لاصلة لهم لا بمفاهيم الثورة ولا بأسبابها وسبل تحقيق اهدافها، اضاعوا الوقت والجهد وشتتوا كل الكتل، من أجل التمكن والتمكين ( وهى كلمة لاينكرونها من ادبياتهم)، فكان سعيهم انقلابا،، بفرض سيطرة فئة او طبقة جديدة او فكرة هلامية بدل فئه.. وطبقه.. وفكرة هلامية أخرى..
لا نبالغ ان قلنا خانوها.. خانوا الثورة.. وخانوا الأمانة التى أوكلها لهم بغالى الدم ونفيس التضحيات من خرجوا فى يناير ٢٠١١.
لانها كانت ثورة بالفكرة والعقيدة والنية الصادقه نجح انقلاب (ثورة) يوليو..وفشلت بالخيانة والأنانية ثورة (انقلاب) يناير.. إلى أن يستردها من قاموا بها..لعله قريب