د. إبراهيم حمروش يكتب: بدرية طلبة وفتاة الإخوان
لم تكن قد انقضت سنتان بعد الحرب العالمية الثانية، إلا وأعلن الجنرال مارشال قائد الأركان الأمريكي أثناء الحرب الكونية الثانية، والذي أصبح وزيرا للخارجية عن مشروعه لإعادة إعمار وتنمية أوروبا بما فيها ألمانيا، عارضا مشروعه على ستالين للإستفادة منه، لكن ستالين رفضه خوفا من تأثير ذلك على نظم الحكم فى الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية بأوروبا..
كان الهدف من المشروع وقف زحف المد الشيوعي فى أوروبا، عبر تنمية اقتصادها وبالتالي إلى منعها من السقوط فى براثنها، وأثبتت الأيام دقة وصحة الخطة، وأتت أكلها. ولم يمض من الزمن ثلاثة أعوام، حتى حققت أوروبا الغربية بمصطلح ذلك الزمن نموا بلغ ٣٥٪، وها هى بعد سبعين عاما شكلت اتحادا هو الأول قوة واقتصادا والأكثر تقاربا مع الولايات المتحدة الأمريكية.
مالعلاقة بين هذا وعنوان المقال؟
الحقيقة أن الدولة فى مصر لم تدع نشاطا مؤسسيا تابعا للإخوان.. ولا مالا أو عقارا أو أى شيئ له قيمة يخص أحدا من أفراد قياداتها أو المتهمين والمحكومين منهم فى قضايا عنف إلا وتحفظت عليه، بدءا من ٢٠١٤. فهل يمكن لعاقل أن يدعى أن جمعية رساله تابعة لتنظيم الإخوان أو أحد أفرادها ينتمي لهم؟، إنه بذلك يسيئ إلى يقظة أجهزة الدولة، وهمتها فى مطاردة التنظيم وكياناته ويدعى علما بما لايعلمون، أو تقصيرا منهم فيما يعملون.
وهل نستطيع أن نمنع أي من أفراد الشعب المصري من العمل وكسب قوته وقوت أسرته لأنه مجرد متعاطف أو حتى كان عضو فى الإخوان؟ طالما لم يقترف ما يعاقب عليه القانون، أظن أننا نتخلى عن إنسانيتنا ونحرمهم حقا يرتبط بمواطنة حتى لو لم يقروها أولوية لديهم، ولم ينزعوها عن أنفسهم، ونحيلهم بالفاقة والعوز إلى قنابل موقوتة فى شوارعنا وأزقتنا
أقول ذلك بمناسبة.. آية تلك الفتاة التى اعتقلت فجر الأربعاء، لأنها كتبت على صفحتها نقدا، أو سخرية من النظام ورئيسه، فاعتقالها يشير إلى أن جهة ما فى إدارة الدولة لاتريد – بسوء تقدير أو بالعمد – لنا أن نستقر، وأن نقضى على فكر وفكرة تلك الجماعة ونهائيا.. فنقد الرؤساء بل وتوجيه لاذع السخرية أو الدعاء عليهم ما عاد فى الدنيا من يعده مؤثما اللهم إلا سوريا وكوريا الشمالية، وبضع دول لاتكمل عدد أصابع اليد الواحدة.
وقد تساءلت الفنانة بدريه السيد، التى قامت بتأجيج الحملة ضد الفتاة ومنشوراتها عبر صفحتها، لامزة إلى وجودها فى جمعية رساله أن كانت تبرعات الجمعية تذهب لأسر الإخوان؟ فما فرصة ذلك؟ وهل لو كان ذلك صحيحا.. طالما أن الجمعية وباعتبارها رسمية، وخاضعة لقوانين الدولة التى تشرف على كافة أوراقها وتراقب مافي حساباتها؟ هل يكون في ذلك عيب..أو مأخذ؟، طالما بقيت تلك التبرعات تذهب لذوي الحاجه لإعالتهم أو إعانتهم على شئون حياتهم؟.
آلاف بل عشرات الألوف اليوم قيد الحبس غالبيتهم من الإخوان أو أتهموا بتبنى ونشر افكارهم والاشتراك مع جماعتهم فى تحقيق أهدافها.. وآلاف آخرون هربوا أو ماتوا أو قتلوا أو أعدموا، لكن ماذنب أطفالهم وأمهاتهم وأسرهم فى فقدان عوائلهم؟ هل ندعهم فريسة للجوع يزيدهم تطرفا ويحيلهم أعداء لشعبهم ووطنهم، يتمنون بل ويسعون لسقوطه .
هل نجد راشدا، ينظر بعقلية جورج مارشال إلى مصر بعد سبعين عاما، فيبنى من اليوم أول لبنة فى استقرار مصر ورفاة شعبها، والقضاء على هذا الإستقطاب، ويدع عنه سفاسف ما يقال هنا أو يكتب هناك
هل ؟