د. أحمد حسين يكتب: للسيسي والمصريين.. فساد بالعباسية
في أكثر من موضع يؤكد الرئيس السيسي أن الدولة وهو على رأسها، تحارب الفساد، وأن أيدي الفاسدين مهما طالت لن تعصى على الحساب، كما أكد السيسي على تقبله والحكومة للنقد البناء.. تُصدّق تلك المقولات بعض الإعلانات عن كشف قضايا فساد، وتحيط الشكوك بها عند معايشة واقع أليم يخيم على أنفاسه الفاسدون، ربما لم تصل إلى مسامع الرئيس بعد، فأطلب مقابلته أو من يوكله لأطلعه وأسلمه كافة مستندات فصل في رواية فساد، وأشارك المصريين سيناريو جديد في محاولة تحقيق مطمع لفاسدين، فهذا المطمع ملكُ للمصريين أجمعين.
إحصائيات مُهمَّة
بحسب الجهاز المركزي للإحصاء والتعبئة، الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، ومنظمة الصحة العالمية:-
•طلاب المرحلة الثانوية بمصر في الفئة العمرية من 15 حتى 19 سنة، والتي تقدر تقريبًا بـ 10 مليون، 30% منهم يعانون أعراض نفسية، 0.86% منهم يدمنون المخدرات، و 4.7% يدخنون سيجارة التبغ والشيشة والسيجارة الإلكترونية.
•إصابة طفل من بين 160 طفل بإضطراب التوحد، بينما إضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه يصيب حوالي 8% من الأطفال، أما إضطراب التصرف أو السلوك العدواني فيصيب من 4 إلى 10% من الأطفال.
• ربع سكان مصر 25% يعانون من أعراض نفسية، بينما يوجد أكثر من 3.5 مليون مريض إدمان.
• الدول لا تنفق على الصحة النفسية أكثر من 2% من ميزانية الصحة المخصصة لها، في حين تمثل الإضطرابات النفسية والسلوكية 13% من عبء الأمراض في العالم.
• التكاليف غير المباشرة لجميع الإضطرابات النفسية قد تعادل التكاليف المباشرة أو تزيد عيلها، مثال قدرت كندا في عام 2008 التكلفة الإنتاجية الضائعة بسبب المشكلات النفسية بـ 8.1 بليون دولار كندي بينما صرفت في نفس العام على العلاج 6.3 بليون دولار كندي.
• العواقب بعد سن البلوغ تكون هائلة إذا لم تتوفر المعالجة الفعالة للإضطرابات النفسية في مرحلة الطفولة.
لتلك الأسباب وأخرى
ما سبق إحصائيات مهمة تؤكد لك أن الإستثمار في الصحة ومنها النفسية، هي أهم وأربح إستثمار لإعمار الدول، ولكن أيضًا لدرء محاولات الإستيلاء المتكررة على أراضيها، كان مقترحي والعديد من الزملاء والمهتمين بالصحة النفسية، تدعمه إدارة المستشفى والأمانة العامة للصحة النفسية “آنذاك”، بإنشاء مشروع أوحد ليس له مثيل بالشرق الأوسط على جزء من أرض مستشفى العباسية للصحة النفسية، المشروع هو”مستشفى داخلي لعلاج الأمراض النفسية والإدمان لدى المراهقين والإضطرابات النفسية لدى الأطفال”، توفر المستشفى العلاج بطاقة 200 سرير إضافة إلى العيادات الخارجية والرعاية النهارية وأيضًا مركز بحثي للدراسات المتخصصة تجذب الدارسين من جميع أنحاء العالم، تم تخصيص قطعة الأرض الفضاء التي تحتضن أحد الملاعب بحدود مستشفى العباسية على شارع إمتداد رمسيس، وبالفعل تم أخذ موافقة وزيرة الصحة د.مها الرباط في 2013 وأُدرجت ضمن الخطة الإستثمارية لوزارة الصحة، ثم مر المشروع بمعوقات إلا أن تم إسناد طرحه و تنفيذه إلى وزارة الإسكان في فبراير 2016، وتم صرف أكثر من مليون وثمانمائة ألف جنيه على الدراسات والرسومات الهندسية، إلا أن عملت معاول الهدم على وقف التنفيذ.
فاسدون من داخلها
تعودنا نحن العاملون بمستشفى العباسية للصحة النفسية والمهتمون بها،أن تأتي محاولات الإستيلاء والهدم من خارجها، وللحق أيضًا تعودنا من الإدارات السابقة للمستشفى بإختلافها، المساندة والدعم في صد تلك المحاولات.. إلا أن اليوم تأتي محاولات الهدم من إدارة المستشفى تواطئًا مع إدارة الأمانة العامة للصحة النفسية، ففي بداية هذا العام فوجئت بصفتي عضوًا بمجلس إدارة المستشفى بطرح الإدارة قراراً بقبول مقترح لوزارة الإنتاج الحربي بإستئجار مساحة 7500 متر مربع”نفس المساحة المخصصة لمستشفى الأطفال والمراهقين” بطريقة حق الإنتفاع لمدة 25 عامًا، وذلك لإقامة محلات تجارية على شارع إمتداد رمسيس، وقتها أثبت إعتراضي وتقدمت ببلاغ للنيابة الإدارية قيدته بقضية رقم 277 لسنة 2021.
ما زال الفساد أقوى
كنت أظن بإبلاغي الرسمي للنيابة الإدارية، وغير الرسمي للجهات الرقابية، أني قد وأدت محاولة التخريب، إلا أنني فؤجئت منذ أيام أن إدارة المستشفى استقدمت جهة أخرى، مما تسمى الجهات السيادية، أو بالأدق هي أقوى جهة سيادية تحت رئاسة الجمهورية، لتقدم تلك الجهة نفس الإقتراح باستئجار قطعة الأرض لنفس الغرض إقامة محلات تجارية ولكن لمدة عشرين عامًا فقط، ظنًا من إدارة المستشفى وأمانة الصحة النفسية أن ضلوع تلك الجهة في الإستحواذ على أرض المستشفى، سيحبس الكلمات ويخرس الألسنة.. وإبتكارًا في حيل الفساد، فقد خاطبت إدارات مستشفى العباسية والأمانة العامة للصحة النفسية ومساعد وزيرة الصحة للشوؤن المالية، إدارة الفتوى بمجلس الدولة بمقترح “الجهة السيادية” طالبةً تحصين القضاء لتفريطها في أرض تُعد أملًا لـ آلاف من الأسر التي تعاني أبناءها المرض أو الإضطراب النفسي، ذلك لإقامة “مول تجاري”.
ما الذي يجعل إدارة مستشفى ورؤسائها في أمانة الصحة النفسية ووزارة الصحة، تقاتل حتى تفرط في قطعة أرض من المستشفى تم تخصيصها بالفعل لإقامة مشروع طبي وعلاجي وحيد بالشرق الأوسط وصرف عليه بالفعل مليون وثمانمائة ألف جنيه، بعد أن عرضت تلك الأسئلة في وسائل الإعلام وبالجهات النيابية والرقابية، وعرضت على إثنين من مشاهير المحاماة في المجال الحقوقي والمجتمعي أن يؤازراني في ساحة القضاء فامتنعا..ىلم يعد أمامي سوى أن أعرض على الرأي العام القضية، وأطلب مقابلة رئيس الجمهورية.