د. أحمد حسين يكتب عن شهداء الفريق الطبي بكورونا ووعود السيسي: الموجودون قاربوا على اللحاق بشهدائهم
في أوائل يوليو الماضي كانت عدد الوفيات المعلنة في العالم جراء فيروس كورونا أكثر من 6 مليون و340 ألف ضحية، عجز شديد في أعداد الأطباء وعزوف عن دراسة الطب في جميع دول العالم، تسهيلات وعوامل جذب تتيحها الدول الغربية والعربية لاستقدام الأطباء من خارجها.
•محاولات على خطى الدول الأخرى:
خلال جائحة كورونا وما صرحت به بعض أجهزة الحكومة للإعلام بنعت الفريق الطبي بـ”الجيش الأبيض” جعلت البعض يصدّق أن عدالة الأم بين أبناءها، ألهمت نظام الحكم في مصر أن يعدل بين فئات الشعب محطمًا جميع الفوارق، باقيًا فقط على معايير عادلة لمنح الإمتيازات، طبيعة العمل والتضحية واحتياج الوطن..الوطن وليس حاكم الوطن.
ففي 4 فبراير 2021 يصرح د.طلعت عبد القوي، عضو مجلس النواب مشروعية ضم شهداء الفريق الطبي إلى المخاطبين بصندوق تكريم شهداء القوات المسلحة والشرطة وعمله حثيثًا على ذلك، وفي 14 فبراير من نفس العام يتقدم د. فريدي البياضي، عضو مجلس النواب بمشروع قانون عن الحزب المصري الديمقراطي الإجتماعي بتعديل قانون 16 لسنة 2018 ليصبح “صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الإرهابية والأمنية والخدمات الصحية،وأسرهم”..صدّقت أيضًا نقابة الأطباء وأصدرت بيانًا دعم لهذا التعديل، كما طالب به نقيب الأطباء منصة احتفال يوم الطبيب في 18 مارس 2021، المنصة التي كانت تضم مستشار رئيس الجمهورية ووزيرة الصحة السابقة ورئيسي لجنتي الصحة بمجلسي النواب والشيوخ.. صدّق هولاء وكثيرًا من أسر شهداء الفريق الطبي أن الوطن سيحنوا عليهم كما حنو حاكمو الوطن على بعضهم.
•رؤية السيسي فرمانًا واجب التنفيذ
في 17 فبراير من هذا العام 2021 وأثناء افتتاح رئيس الجمهورية لعدد من المشروعات الصحية، يقول السيسي “أنا معاكم إن القطاع الصحي والتعليمي مش بيقبضوا كويس، هخبي ليه؟ إحنا بنحاول نحسن على قد ما نقدر”.
وأضاف السيسي: “بالنسبة للناس اللي استشهدوا من القطاع الطبي، المقابل بتاع ده إيه؟ المقابل عند ربنا بقى، لكن إحنا كمصر وكبشر مش هنقدر نديهم حاجة لأنهم راحوا عند ربنا، لكن على الأقل هنحاول نقدم بديل جيد للموجودين، وده مش هنقدر نحققه بمعدلات النمو السكاني الحالية”.
• بعد عامين..”من دقنه افتلُوا لَهُ حبل”:
تجيد الحكومة الإنصات بل وتجوّد في تنفيذ أية كلمات يدلي بها رئيس الجمهورية وحتى وإن كانت “فضفضة” وليست تعليمات، بعد حديث الرئيس، صمتت الأصوات التي كانت تطالب بضم شهداء الفريق الطبي وأسرهم إلى صندوق تكريم شهداء وضحايا العمليات الحربية والإرهابية والأمنية، واختفى مشروع تعديل القانون المقدم إلى مجلس النواب، خفتت الآلة الإعلامية في مدح الفرق الطبية وعدّلت دفتها لتعود إلى سابق كورونا من شيطنة الأطباء وتحميلهم مسؤولية انهيار النظام الصحي على كوكب المريخ بعد أن تأثر من فسادهم في الأرض.
منذ 3 أبريل 2021 تقابل عشرات أسر شهداء الأطباء والتمريض مبارزات ومذكرات قانونية من ممثلي الحكومة في ساحات القضاء الإداري، فمنذ أن تطوع المركز المصري للحقوق الإقتصادية والإجتماعية في إقامة دعاوى قضائية عن 35 أسرة شهيد وشهيدة يطالبوا لهم بمعاش استثنائي، ومحاميو الحكومة يتبارون في الدفع بعدم استحقاقهم..فالشهداء في الوطن منازل.
“من دقنه افتلُوا لَهُ حبل”..مثل يُقال عندما يتم توفير الإحتياجات من حاجيات المحتاج، قررت الحكومة المصرية تطبيقه على الفريق الطبي، ففي سبتمبر 2020 صدر تعديل قانون تنظيم شئون أعضاء المهن الطبية بإنشاء “صندوق مخاطر المهن الطبية”، موارد هذا الصندوق هي استقطاعات من رواتب ومكأفات العاملين بالقطاع الصحي، ومخارج صرفه هي تعويضات لمن يتسبب العمل في وفاته أو عجزه..بالتفحص ستجد أن الموارد بالتأكيد أكثر من المصروفات.
لم تكتف بهذا فقط، فقررت الحكومة أن تجوّد في تنفيذ كلمات رئيس الجمهورية، فتوجهت إلى “الموجودين من الأطباء”، ولكن بدلًا من أن تجد بديل جيد لهم كما قال السيسي، فقد قررت أن تفتل من دقون الأطباء حبالًا للعديد من الفئات في كثير من الجهات.
عندما تريد الوحدة المحلية تنمية صندوقها يصدر محافظ الإقليم بإشتراط دفع الأطباء رسوم المبنى الإداري عند ترخيص عيادته وإن لم تكن كافية فهناك أيضًا رسوم لافتات العيادات، كذلك المطافي أو الدفاع المدني فيقرر رسوم متباينة بين المحافظات حسب ذقون الأطباء في المحافظة، وبالتأكيد لن يُمنع أهل البيت، فإدارات النفايات الطبية الخطرة بمديريات الصحة لها من ذقون الأطباء نصيب.
•حصيلة تجويد الحكومة في التنفيذ:
استقطع الأطباء نصيبًا لهم في سجون مصر بين القتلة وتجار المخدرات تحقيقًا لعدم رغبة البرلمان في صدور قانونًا للمسؤولية الطبية على غرار الدول العربية المجاورة، 12 طبيبا يترك العمل الحكومي يوميًا خلال عام 2022، الأطباء المصريين ثالث جنسية مهاجرة في انجلترا، معدل الأطباء للمواطنين في مصر ينخفض من 8,7 طبيب لكل 10 الآف مواطن في عام 2018 إلى 7,09 طبيب لكل 10 الآف مواطن عام 2022 بينما المعدل العالمي 23 طبيب لكل 10 الآف مواطن.
•فضفضة في أسماع اللجنة:
كل ما سبق لم أقصد منه أملًا في إصلاح..فقط فضفضة على غرار ما تفضفض به اللجان المختلفة عبر السنوات والعقود التي يُعلن عن تشكيلها لإصلاح القطاع الصحي، وآخرها اللجنة التي أُعلن عنها منذ أيام لتحسين أحوال الأطباء والفريق الطبي، ومن أعضاء اللجنة المُشكلة بعض وزراء الصحة السابقين..وعجبي.
10:04 AM