دويتش فيلا: أزمة ديون كبيرة تواجه مصر وتونس.. والبلدان يواجهان التحديات بسبب نقص السلع الأساسية واختلال الأسواق المالية
كتب – أحمد سلامة
نشر موقع “دويتش فيلا”، تقريرًا حذر خلاله مما وصفه بـ”أزمة الديون الكبيرة” التي تواجه مصر وتونس بشكل متزايد، مؤكدًا أن دفعت المستثمرين والمحللين إلى دق ناقوس الخطر من كون البلدين العربيين على شفا أزمة كبرى قد تؤثر على منطقة شمال إفريقيا المضطربة وتضع دول الخليج الثرية أمام خيارات صعبة.
وقال التقرير “يواجه البلدان بالفعل تحديات بسبب نقص السلع الأساسية واختلال في الأسواق المالية. كما تشهد تونس أزمة سياسية نجمت عن إحكام الرئيس قيس سعيد قبضته على السلطة وقمع المعارضين”، مضيفا أن “هناك اعتقاد راسخ منذ فترة طويلة بأن مصر أكبر من أن يُسمح لها بالانهيار فهي أكبر اقتصاد في شمال إفريقيا والأكثر من حيث عدد السكان. لكن لتونس أيضا أهمية كبيرة باعتبارها مهد الربيع العربي ويفترض أنها قصة النجاح الوحيدة في الانتفاضات التي شهدتها المنطقة”.
واستكمل التقرير “تتعرض المالية العامة في مصر لضغوط رغم حصولها على برنامج إنقاذ بقيمة ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد في ديسمبر.. وتقترب نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بسرعة من مئة بالمئة. كما فقد الجنيه 50 بالمئة بعد خفض قيمته ثلاث مرات في فترة عام تقريبا مما يعني أن مدفوعات الفائدة على الديون وحدها – التي يتم اقتراض جزء كبير منها بالدولار أو اليورو أو الين – ستبتلع أكثر من نصف عوائد الحكومة العام المقبل”، وفقا لوكالة فيتش.
ولفت التقرير إلى أن فيتش خفضت التصنيف الائتماني لمصر مجددا يوم الجمعة الماضي. فيما يضر نقص الدولار في أسواق العملات المحلية بشدة بالاقتصاد. ويجري تداول الدولار الآن بأكثر من 38 جنيها في السوق الموازية، أي أكثر بنحو 20 بالمئة من سعر الصرف الرسمي للدولار على الرغم من الخفض المتكرر للعملة المحلية وأسعار الفائدة التي قفزت إلى 18.25 بالمئة.
وحسب التقرير، يعتقد العديد من خبراء الاقتصاد أن أسعار الفائدة سترتفع عن هذا المستوى بكثير، وكل ذلك لدعم رؤية اقتصادية مثيرة للجدل قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل.
وقال ديفيد باتر الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التابع لمؤسسة تشاتام هاوس البحثية ومقرها لندن “بالنسبة للسكان، في الفترة حتى تفشي الجائحة كان هناك تحسن هامشي في مستويات المعيشة”. وأضاف “لكن منذ أواخر عام 2021، عدنا إلى هذه الدوامة من عدم الاستقرار في سوق الصرف والتضخم الجامح”.
وتنفي حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي أي أحاديث عن التخلف عن السداد، ومن أجل سد فجوات التمويل، تستهدف بيع أصول مملوكة للدولة بقيمة ملياري دولار بحلول نهاية يونيو، حسبما أعلن رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.
وهذه خطوة بالغة الأهمية سواء بالنسبة لصندوق النقد الذي يتوقع أن تغطي عمليات البيع ما يقرب من نصف فجوة التمويل البالغة 17 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، أو بالنسبة لدول الخليج الحليفة، السعودية والإمارات وقطر، التي دعمت البلاد بالكثير من الأموال. وتتخذ تلك الدول حاليا موقفا أكثر صرامة، وهو ما عزاه محللون إلى السياسات الإقليمية والاختلافات حول تقييم الأصول التي ستباع، على الرغم من بعض التصريحات الإيجابية، كما ذكر التقرير.
وتشهد إيرادات قناة السويس وعائدات السياحة تحسنا، لكن يتعين على القاهرة، حسب “دويتش فيلا”، أن تسدد 5.8 مليار دولار من قيمة أصل السندات والفوائد المستحقة عليها في العام المقبل، في الوقت الذي تمثل فيه تلك السندات وزنا بواقع اثنين بالمئة في أكثر مؤشرات ديون الأسواق الناشئة متابعة.
ويقول كارل روس الخبير في أزمات الأسواق الناشئة لدى جي.إم.أو لإدارة الأصول إنه سيتعين على دول الخليج الموازنة بين كُلفة دعم مصر ومخاطر عدم الاستقرار الإقليمي في حال انهيار الدولة التي يبلغ عدد سكانها 110 ملايين نسمة.وأضاف روس “إذا حدث تخلف عن السداد لن يمر الأمر دون عواقب كبيرة”.
وعن تونس، ذكر التقرير أنها تدفع واحدة من أعلى فواتير الأجور في القطاع العام في العالم، ويعني هذا أن عجز المالية العامة سيظل عند نحو خمسة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب تقديرات جيه.بي مورجان. في حين يحذر مورغان ستانلي من أن احتياطي النقد الأجنبي لن يكفي تغطية واردات السلع الأساسية لمدة شهرين حتى في مثل هذا الوقت من العام المقبل في ضوء المعدل الحالي للسحب من تلك الاحتياطيات . وقد يصبح سداد الديون مهمة شبه مستحيلة. ومعظم قروض البلاد محلية، لكن عليها سداد قرض أجنبي بقيمة 500 مليون يورو في أكتوبر ثم سداد آخر في فبراير المقبل.