دار الخدمات عن وثيقة «ملكية الدولة»: بدت غير معنية بالعمال وحقوقهم.. وتخفيض الاستثمارات في المرافق العامة يؤثر على الطبقات الشعبية
الدار: لا بد أن يكون هناك خطة تنموية متكاملة يتم وفقها تحديد دور الدولة وتمكين القطاع الخاص من الاستثمار والمشاركة في إطارها
الوثيقة تتناول سياسة ملكية الدولة وتخارجها أو تقليص استثماراتها في العديد من القطاعات الصناعية دون كلمة عمن يعملون في هذه الصناعات وحقوقهم
من غير المقبول أن تكون العمالة الرخيصة أو التعسف في علاقات العمل والحرمان من الأمان الوظيفي ضمن حوافز الاستثمار
كتب- درب
نشرت دار الخدمات النقابية والعمالية بعض ملاحظات دار الخدمات النقابية والعمالية على الوثيقة ايمو جراف حول وثيقة سياسة ملكية الدولة، تضمن عرضا لها وتعقيبا مختصرا يتناول أبرز ملاحظات الدار عليها.
وقال دار الخدمات إن الدولة تعيد في هذه الوثيقة صياغة شكل ملكيتها للأصول والتحول من إدارة مؤسسات الدولة إلى إدارة رأس مال الدولة من خلال تحديد آليات تخارجية للأصول المملوكة لها، أي أننا أمام “مرحلة جديدة من الخصخصة”.
وأضافت أنه “لما كان طرح سياسة جديدة للدولة في شأن ملكيتها أمرا شديد الأهمية والخطورة يمس مصالح فئات وقطاعات الشعب المصري جميعها فقد كان من المفترض إدارة حوار مجتمعي موسع تشارك فيه جميع هذه الفئات والقطاعات قبل إصدار الوثيقة، بينما تم إصدار الوثيقة ابتداءً ثم اكتفت بتنظيم نقاش حولها تشارك فيه فقط منظمات رجال الأعمال والمستثمرين بما يعنيه ذلك من اختزال أزمة الاقتصاد المصري الهيكلية في الملاحظات والانتقادات التي يثيرها رجال الأعمال والمستثمرين المحليين والأجانب بشأن الأوضاع الاحتكارية للدولة.
وقالت الدار إنه تتلخص منهجية تحديد عملية التخارج من ملكية الكثير من الأصول في تخارج الدولة من القطاعات والصناعات المشبعة سوقها والتي يعزف القطاع الخاص عن الاستثمار فيها، لافتة إلى أنها ترى أنه من المفترض أن يكون هناك خطة تنموية متكاملة يتم وفقا لها تحديد دور الدولة، وتمكين القطاع الخاص من الاستثمار والمشاركة وفقا لهذه الخطة وأولوياتها.
وأشارت إلى أنه رغم ما تنص عليه الوثيقة من أهداف لسياسة ملكية الدولة التي تقدمها، فإن واقع الحال كما هو معروف – أن هذه السياسات جاءت استجابة لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية وعلى الأخص صندوق النقد الدولي الذي تجري معه المفاوضات بشأن قرض جديد ولتحقيق وفورات اقتصادية لمواجهة الأزمة الهيكلية للاقتصاد المصري، والتوسع غير الحذر في الاقتراض ووصول الديون إلى معدلات خطرة وغير مسبوقة.
ووفقا للدار، تنصرف الوثيقة فقط إلى سياسة ملكية الدولة، بينما كان من المفترض أن يتم تناول دور الدولة في توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها على الأخص التعليم والصحة، ورغم أن سياسة ملكية الدولة التي تعرضها الوثيقة قد أبقت على استثمارات الدولة في التعليم والصحة، إلا أنه يتلاحظ تخفيض أو تثبيت استثماراتها في التعليم قبل الأساسي (الحضانات) رغم كونه من الخدمات الأساسية التي يرتبط توفيرها بحقوق المرأة العاملة والأطفال.
وقالت الدار: “رغم أن تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ومؤسساتها السيادية خلق أوضاعا احتكارية وبنية قانونية ومؤسسية طاردة للاستثمار، ورغم أننا نرى من الضروري مراجعة تعاقدات الدولة المباشرة بما يكفل قدر أكبر من الشفافية ورغم أننا نؤيد تنويع أشكال الملكية إلا أننا نرى أهمية وجود القطاع العام وقطاع الأعمال العام والهيئات الاقتصادية بشرط إعادة هيكلتها وتمكين العمال من المشاركة في إدارتها”.
وشددت دار الخدمات على أن ارتباط وثيقة سياسة ملكية الدولة بتسارع عمليات بيع الأصول التي شهدتها الأسابيع الأخيرة يتناقض مع ما تزعمه الوثيقة ذاتها من “تبني منظومة للمتابعة والتقييم تتضمن مجموعة من مؤشرات قياس الأثر، و”كذلك مراجعة محفظة الأصول المستجدات المحلية والعالمية وانعكاساتها على ضرورات التملك أو التخارج”، حيث أبدى الكثيرون من المحللين الاقتصاديين جزعهم وتحفظهم على الوتيرة السريعة للبيع التي ربما كان من شأنها “البيع بثمن بخس” فضلا عن كونها لا تخضع فيما يبدو لأولويات خطة تنموية واضحة.
وقالت دار الخدمات إنه “فضلا عن ذلك سبق الوثيقة خلال العامين الماضيين تصفية بعض الشركات شركة (الحديد والصلب المصرية، والشركة القومية للأسمنت وتتنامة الأخبار عن قرب تصفية شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسية) دون خطة إستراتيجية واضحة عن ضرورات تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي لدعم الصناعات التحويلية والتصديرية”.
وأكدت الدار أن “تخارج الدولة وتخفيض استثماراتها في المرافق العامة التي تقدم الخدمات الضرورية كمياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء، من شأنه التأثير المباشر على الطبقات الشعبية التي تعاني من نقص هذه الخدمات وعدم القدرة على التمتع بها، كما أن التخارج وتخفيض الاستثمارات في قطاع الزراعة والصناعات الغذائية يعني تخلي الدولة عن القيام بدور ضروري في توفير الاحتياجات الأساسية من الغذاء والتدخل للتحكم في أسعارها”.
وقالت: “إذا كنا نتفق مع توجهات الحياد التنافسي بما تتضمنه من الحياد الضريبي، والحياد التنظيمي والتشريعي وفي الحصول على رأس المال بنفس الكلفة، ونشدد على إتاحة الفرصة وتمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني من بيئة تشريعية وتنظيمية تعوق تطورها ومراكمتها، فإننا نتسائل أيضا عن مدى التزام جميع المؤسسات المملوكة للدولة بهذه السياسات، كما نتساءل هل يمكن التزام مؤسسات الدولة بالحوكمة والشفافية، وهل يمكن تحقيق الحياد التنافسي إلا في ظل دولة ديمقراطية ومجتمع ديمقراطي تتوفر فيه أدوات الرقابة المجتمعية وحرية الرأي والتعبير”.
وقالت الدار إن الوثيقة تتناول سياسة ملكية الدولة، وتخارجها أو تقليص استثماراتها في العديد من القطاعات الصناعيى (الصناعات النسيجية، الثناعات الهندسية والمعدنية، الثناعات الكيماوية، الصناعات الدوائية) دون كلمة عمن يعملون في هذه الصناعات وحقوقهم.
وأضافت: “لقد بدت الوثيقة وكأنها تخاطب رجال الأعمال الكبار، والمستثمرين الأجانب، والمؤسسات المالية الدولية غير أنها لا تعني بالعمال وحقوقهم في ظل عمليات التخارج والبيع المتسارع للأصول المملوكة للدولة وإذا كان من الضروري من وجهة نظر الوثيقة معالجة عزوف الاستثمار بسياسات الحياد التنافسي، وتوفير البيئة التشريعية والتنظيمية الملائمة، فإننا نرى من الضروري من وجهة نظرنا – التزام المستثمرين المحليين والأجانب ( وعلى الأخص الخليجيون) بالمسؤولية المجتمعية التي تأتي حقوق العمال في مقدمة عناصرها”.
وشددت على أنه من غير المقبول أن تكون العمالة الرخيصة أو التعسف في علاقات العمل والحرمان من الأمان الوظيفي ضمن حوافز الاستثمار التي تقدمها الدولة للمستثمرين المحليين أو الأجانب.
وأكدت دار الخدمات – في ختام الإيمو جراف – الأهمية القصوى لتمتع العمال بحقهم غير المنقوص في تكوين نقاباتهم المستقلة الفاعلة التي تعبر عن مصالحهم والأهمية القصوى كذلك لتفعيل أدوات المفاوضة الجماعية مع منظمات العمال المستقلة الديمقراطية في ظل تنوع المالكين والمستثمرين.