دار الخدمات: استئناف جلسات الحديد والصلب أمام القضاء الإداري.. وهيئة مفوضي الدولة تنظر غدا دعويين لإلغاء تصفية الشركة
كتب – أحمد سلامة
قالت دار الخدمات النقابية إن هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري -دائرة الاستثمار- تنظر غدا القضيتين رقم 26731 لسنة 75 ق و رقم 44533 لسنة 75 ق المرفوعتين من عدد من عمال شركة الحديد والصلب المصرية وبعض المساهمين بالشركة للمطالبة بوقف قرار التصفية وكذلك إلغاء قرار وزير قطاع الأعمال بتأسيس شركة الحديد والصلب للمناجم والمحاجر مع ما يترتب على ذلك.
وفي السابع من يونيو الجاري، قالت دار الخدمات النقابية والعمالية، إن المحكمة الاقتصادية بالقاهرة أجلت نظر الدعوى رقم 150 لسنة 13 ق، الخاصة بتصفية شركة الحديد والصلب وذلك إلى جلسة 4 يوليو المقبل ليقدم الحاضر عن الشركة القابضة للصناعات المعدنية محضر اجتماع الجمعية العامة الغير عادية لشركة الحديد والصلب المؤرخ في 11يناير 2021 وكشوف الحضور.
يذكر أن شركة الحديد والصلب أعلنت رسميا إيقاف العمل في مصنع الحديد والصلب بحلوان بشكل نهائي، تمهيدا لبدء إجراءات تصفيتها نهائيا، على الرغم من الاعتراضات العمالية والشعبية والنقابية الواسعة، والدعاوى القضائية لوقف قرار تصفية الشركة، لتفقد الصناعة الوطنية بذلك قلعة جديدة من قلاعها، ورمزاً وطنياً له مكانته في وجدان الشعب المصري.
واعتصم أكثر من 500 من عمال الوردية الثانية والثالثة بالمصنع احتجاجا على قرار إيقاف العمل وإغلاق المصنع، وتساءلوا عن مصير آلاف العمال في ظل الوضع الجديد، بينما انتشرت قوات الأمن في جميع الشوارع المؤدية إلى المصنع وأمام بوابات المصنع لتنفيذ قرار الغلق.
وفي وقت سابق أدانت دار الخدمات النقابية والعمالية إجراءات تصفية شركة الحديد والصلب المصرية بحلوان، وحملت متخذيها مسئولية إهدار صرح من أهم صروح الصناعة الوطنية.
وقالت الدار، في بيان لها، إن القرار المؤسف بإغلاق شركة الحديد والصلب المصرية، وإيقاف العمل بها، ومنع العمال من الحضور تمهيداً لاستلام المصفي، يعد تحديا صارخا لإرادة الشعب المصري وطموحاته الوطنية، التي كشف عنها رأي عام لا تخطئه العين، وكثير من المبادرات والمحاولات الشعبية.
وجددت الدار رفضها قرار تصفية شركة الحديد والمصرية، مؤكدة إدانتها الشديدة للإصرار على البدء في إجراءات التصفية الذي يتجاهل اتجاهات الرأي العام المصري والموقف المجتمعي الواضح الرافض لقرار التصفية، مؤكدة أن إصرار وزارة قطاع الأعمال العام على تنفيذ القرار المرفوض لا ينطوي فقط على تحدي الإرادة الشعبية، وإنما يتغافل أيضاً عن اعتبارات شديدة الأهمية.
وشددت على أن الاختيار بين تصفية شركة الحديد والصلب المصرية أو استمرارها وتطويرها، هو في المحل الأول قرار سياسي: هل نرغب في أن تكون لدينا صناعة الحديد والصلب الإستراتيجية أم أننا يعوزنا الطموح إلى ذلك؟، وأنه ليس خافياً على أحد أن الحديد والصلب صناعة مغذية لصناعات كثيرة تتكامل معها، وليس هناك من ينكر أن الشركة الكبيرة كانت وما تزال صرحاً من صروح الصناعة الوطنية، وقلعة من قلاعها، وأنها لبت احتياجات بالغة الأهمية في لحظات فارقة بدءاً من الصناعات الحربية، وانتهاءً باسطوانات الأكسجين في ظل أزمة كورونا الخانقة.
دار الخدمات لفتت أيضا إلى أن الاختيار بين تصفية شركة الحديد والصلب المصرية أو استمرارها لا يمكن أن يستند فقط إلى حسابات الربح والخسارة الآنية الضيقة بمعزل عن دورها وموقعها في تحقيق التنمية الشاملة المستدامة، وفي بناء صناعة وطنية متكاملة على أسس قوية من الصناعات الثقيلة.
واستدركت: “رغم ذلك، وحتى بحسابات الربح والخسارة، تترتب على التصفية الكثير من الخسائر، فشركة المناجم والمحاجر التي تم فصلها عن الشركة الأم وتأسيسها تستند فقط إلى إمكانية تصنيع مكورات الحديد، غير أن الأبحاث الكثيرة التي سبق إجراؤها أثبتت أنه يكاد يكون مستحيلاً صناعة مكورات الحديد من الخام المصري، وأن الطريقة الوحيدة لتصنيع هذا الخام هي أفران شركة الحديد والصلب المصرية التي تم بناؤها وإعدادها خصيصاً لكي تناسب هذا الخام، نحن إذاً أمام مخاطر إغلاق هذه الشركة المنقسمة وإهدار الخام المصري”.
شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسية التي أنشئت خصيصاً لكي تتكامل مع شركة الحديد والصلب المصرية وتمدها بالفحم اللازم لها مهددة هي الأخرى بالتوقف والتصفية – وفقا للدار – حيث إن إيقاف الفرن الرابع الذي يعمل في الشركة الآن يعني خسارة قدرها مباشرة قدرها نصف مليار جنيه تقريباً، وتصفية البنية التحتية لشركة الحديد والصلب المصرية بما تحتويه من محطات غاز، وكهرباء، وسكك حديدية، وهو ما يمثل أيضاً خسارة كبيرة، كما أن الكثير من هذه المحطات والشبكات يمتد إلى أعماق بعيدة تحت الأرض الأمر الذي يجعل الاستفادة من هذه الأرض لغير الغرض الذي أُعدت له أمراً شديد الصعوبة، فضلاً عن الصناعات التي تتكامل مع شركة الحديد والصلب والتي تتضرر بالقطع من تصفية هذه الشركة.
كان وزير قطاع الأعمال العام ورئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية اتخذا- من خلال الجمعية العمومية غير العادية لشركة الحديد والصلب المصرية المنعقدة يوم 11 يناير الماضي – قراراً بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية على سندٍ من القول بخسائرها الكبيرة وتعذر إصلاحها.
أعقب ذلك رفضاً شعبياً كبيراً لتصفية الشركة، وإقامة دعاوى قضائية من العمال وحاملي الأسهم، وتقديم عروض من عدة جهات للاستثمار في عملية إصلاح الشركة.
وقالت دار الخدمات إن صناعة الحديد والصلب كانت حلماً وأملاً يراود المصريين، إلى أن أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في 14 يونيو 1954 مرسوماً بتأسيس شركة الحديد والصلب، كأول مجمع متكامل لإنتاج الصلب في المنطقة العربية باستخدام تكنولوجيا الأفران العالية وبمعدات ألمانية للصهر من خامات الحديد المستخرجة من أسوان لتحتل الشركة مكانتها الرائدة في صناعة الحديد والصلب في المنطقة العربية.
إلا أن الشركة رغم ريادتها أخذت تعاني خلال الأعوام الماضية بسبب تقادم الآلات والمعدات، وازدياد نفقات التشغيل، وضعف قدراتها التنافسية في السوق في ظل منافسة غير عادلة مع إغراق السوق بالحديد المستورد بأسعار تقل عن تكلفة إنتاجه على الأخص من تركيا وأوكرانيا والصين، ثم ازدادت الأمور سوءاً مع قرار الحكومة عام 2017 “بتعويم الجنيه المصري”، حيث تزايدت نفقات التشغيل وتكرر انقطاع الغاز الطبيعي عن المصانع، وعدم انتظام توريد الفحم أضافة إلى مخالفته معايير التشغيل وانخافاض جودته فضلاً عن عدم وجود إدارة ذات كفاءة.
لم يكن تطوير شركة الحديد والصلب مستحيلاً – وفقا لدار الخدمات – لكنه عملية تتوقف على الإرادة، كانت هناك أكثر من خطة للإصلاح غير أنها كانت دائماً تتعثر أو تتوقف لأسباب لا يعلمها إلا الله، ربما كان آخرها خطة التطوير التي بدأ العمل بها فعلياً، وكانت تشمل مصنع حديد التسليح، وتطوير المصنع القديم، وقامت الشركة بعمل تطوير في الغلايات، وكان مفترضاً أن تقوم بتشغيل فرن 3 خلال منتصف عام 2019.
وكان عدد من عمال شركة الحديد والصلب المصرية بالتعاون مع دار الخدمات النقابية والعمالية أقاموا الدعوى طالبين الحكم بإلغاء القرار الصادر بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية، وقد تكونت هيئة الدفاع عن العمال من كل من الدكتور أحمد حسن البرعي الوزير الأسبق للقوى العاملة وأستاذ التشريعات الاجتماعية بجامعة القاهرة، والدكتور محمد طه عليوة عضو مجلس الشيوخ والأستاذ محسن البهنسي فضلا عن الأستاذ أشرف محمد عبد الفتاح والأستاذة رحمة رفعت.