خليل رزق خليل يكتب: قراءة تحليلية في الحياة السياسية المصرية
كانت مظاهرات الجزيرتين تيران وصنافير آخر حدث سياسي جلل لحرية التظاهر شارك فيه الشباب ورفع سقف تطلعاته إلى السماء .حيث اعتبر أنه بداية عودته الي العمل الثوري أو الثقافي وبمجرد اجهاضها سقطوا جميعا في فخ الإحباط .اعتاد المجتمع على الصياح والتظاهر وكان وسطنا مشاهير الفيس بوك حيث تصدرو المشهد وتم اعتبارهم نخب سياسية على الرغم من برائتهم وقلة خبرتهم وحداثة سنهم .فالمجتمع المصري يفتقر إلى خبرات تنظيمية ومتراكمة في العمل التطوعي العام والذي أصبح (خيري ) باتجاه المجتمع تجاه اليمين. ويفتقر أيضا إلى كوادر ثقافية مرتبطة أو مشتبكة مع الأرض أو الشارع وكيانات سياسية واجتماعية خاضت معارك تنظيمية وأفرزت قيادات منتخبة ولها رؤية سياسية منضبطة ومنسجمة مع الواقع .
سريعا بعدما انتهت هوجة مظاهرات الأرض وسقوط الشباب في الإحباط مرة أخرى ليظهر أن علاقتهم بالسياسة والرغبة في التغيير هي علاقة موسمية تشبه النزوات فترات سكون طويلة تتخللها احداث سريعة عابرة .
لا ننكر طبعا تطور المجتمع في بعض الملفات مثل حقوق المرأة .ولكن المشهد العام من انتشار الإحباط والعزوف عن المشاركة والرغبة في الهجرة أدى إلى فراغ في الأحزاب السياسية تلك الكيانات التي نشأت أوقات الثورة معتمدة على عدم تدخل الأمن في عملها .بالإضافة إلي حالة النقاش والجدل عند كل مفترق طرق مثل المشاركة في الانتخابات من عدمه أو ترشيح أحد القيادات بعينه كانت تنتهي الي مزيد من الاحباط وبالتالي تراجع من اشترك في هذا الزخم ايام أو أسابيع الي مكانه من جديد يسب المجتمع أو ينشغل في حياته الخاصة. وبالتالي ظلت الكيانات السياسية خالية من الكوادر مخترقة من الأمن موجود داخلها دائما نقاشات حادة وخصومات ونميمة وغضب يوجه إلى مكانه الخطأ بدل من توجهه إلى النظام أو الحكومة .
والحقيقة أن الانتخابات الأولي من بعد ثورة يناير داخل هذه الكيانات تزامن مع فترات قمعية وعنف من الحكومة وحالة إحباط جعل النصاب القانوني لا يكتمل وبالتالي مشهد عبثي حيث الكيانات حديثة تضمحل بفعل خنق السلطة لها وتفشل الانتخابات وحتى حفاظ من بقي داخل حوائطها يحاول الحفاظ علي وجودها أملا في رجوع الكوادر والاعضاء إليها مرة أخرى فشل في ستيف الورق .وعلى الرغم من نزاهة هؤلاء الزملاء أصحاب النفس الطويل إلا أن عندما عاد الشباب عاد غاضبا محملا علي هؤلاء فشل الثورة وليس فقط سقوط الكيان ولم يلتفتو إلا أن من بقي داخل هذه الكيانات قد قدم خدمة إلى المجتمع المصري والحياة السياسية.
ندرك طبعا ان عملية القتال داخل الكيانات للحفاظ عليها من الضياع لم تكن عملية سهلة حيث النقاشات الحادة والاتهامات ومقاومة روح الإحباط السائدة في المجتمع .هنا فقط ارفع القبعة للقلة ظلت تراوغ وتقاتل للحفاظ على المشروع .
وأدعو الجميع إلى بداية جديدة بعيدا عن روح الأحقاد التي زادت مع خلافات فترات الجزر والتراجع السياسي . والنظر إلى بعض على اننا رفاق وليس خصوم ملتمسين الأعذار لبعض أثناء عودتنا إلى الديمقراطية والحياة السياسية بهامش ضيق يُسمح به علي فترات بعيدا لأسباب ذاتية وموضوعية آخرها قوة المجتمع .اعطوا بعض فرصة وكرموا من حافظ على الكيان . وتعلموا من اخطائكم فهذه سنة الحياة .