خالد يوسف: المحرضون على «ريش» يحاولون إظهار أنفسهم أوصياء على سمعة الوطن.. والحرية تحقّق مصلحة البلاد وليس الشجب والمنع
المخرج: بالمنطق ذاته يجب محاكمة شريف منير لأداء دور ضابط موساد.. وتوظيف الفن في خدمة السياسة يسقط الفن تمامًا
يوسف: المجتمعات لا تتقدّم إلاّ بمخالفة السائد والتمرّد على المعتاد.. ومحاكمة الإبداع إرهاب لمن يحاول التفكير خارج الصندوق
كتب: عبد الرحمن بدر
اتهم المخرج خالد يوسف، المحرّضين ضدّ فيلم ريش بالمزايدة ومحاولة موالاة بعض الدوائر في الحكومة على حساب الفن والإبداع، مضيفا: هؤلاء يحاولون إظهار أنفسهم باعتبارهم أوصياء على سمعة الوطن، والمؤسف أننا لو طبقنا الأمر على هؤلاء لحاكمناهم على أعمال فنية سابقة.
وتابع في حوار مع صحيفة العرب اللندنية أنه يستطيع بالمنطق ذاته أن يقول للفنان شريف منير (أحد المعترضين على الفيلم) إنه يجب محاكمته لأنه قام بأداء دور ضابط موساد في فيلم (ولاد العم).
وقال يوسف في الحوار الذي أجراه الزميل مصطفى عبيد إن محاكمة الإبداع بهذه الطريقة يمثل نوعا من الإرهاب لأي مبدع يحاول التفكير خارج الصندوق، مؤكّدا أن الحرية هي التي تحقّق مصلحة الأوطان وتحسّن سمعتها وليس الشجب والمنع.
وأضاف أن تقديم عائلة فقيرة أو تواجه معاناة ما، هو حقّ لأي مبدع حتى لو كانت هذه العائلة هي الوحيدة في المجتمع الذي كل مَن فيه يعيش في رخاء، ولا يوجد معيار سوى الأدوات الفنية، بغض النظر عن الموقف السياسي، فأهم شيء في الفن هو الصدق الإنساني.
وتابع أنه لا يوجد في العالم كله من يقيّم الفنون بهذا الشكل التحريضي العجيب، ولا يمكن تصوّر أن تقديم قصة قهر أو قمع أو فقر أو غيره يمكن أن تسيء للأوطان، وتساءل: وحتى لو كانت الواقعة خيالية تماما، فمن الذي يحاكم الخيال؟.
وقال يوسف: المجتمعات لا تتقدّم إلاّ بمخالفة السائد والتمرّد على المعتاد، فعندما أطلق المفكّر المصري الراحل قاسم أمين، قبل أكثر من مئة وعشرين عاما، فكرة تحرير المرأة اصطدم بتصوّرات اجتماعية وتفسيرات دينية وواجه تكفيرا وتحريضا كبيرين، لكن بعد عقود من المثابرة صارت المرأة مشاركا أساسيا في المجتمع.
وأكد المخرج الشهير أن توظيف الفن في خدمة السياسة يسقط الفن تماما، فلا يمكن إنتاجه بتوجيه ما، والأغاني الوطنية العظيمة التي أنتجت في الستينات بمصر وألفها صلاح جاهين وعبدالرحمن الأبنودي لم تنطلق بتوجيه حكومي، وإنما بانفعال حقيقي لفنانين يعيشون لحظات مصيرية.
وقال يوسف أن الفن قادر على لعب دور عظيم في مواجهة التطرف والإرهاب في مجتمعاتنا العربية، وتربية جيل جديد متذوّق للفنون ومحب للإبداع يقطع الطريق على أي فكر انغلاقي، لأن كل شخص متذوّق للإبداع يسمو حسه الإنساني ويخاصم العنف.
وأضاف أنه لم يعجب بمسلسل الاختيار خاصة في الجزء الأول، وهذا العمل يكرّس مفهوم الدولة الدينية بدلا من مقاومتها، إذ يقوم على طرح أن الإرهاب يتبنى فهما خاطئا للدين، بينما كان المفترض أن يقوم الطرح على التمسّك بالدولة المدنية ومبدأ سيادة القانون واعتبار الإرهاب خروجا عن القانون وعدوانا عليه، مضيفا “الدولة ليست لها علاقة بالعقيدة الدينية، وإنما القضية الدفاع عن القانون والأمن العام، وأنه لم يكن صحيحا أن يقول أحد إننا نفهم ابن تيمية خطأ، فهذا خطاب لا يخصّ الفن، إنما تقديمه يكون عبر المؤسّسات الخاصة بالثقافة والفكر.
يذكر أنه استطاع فيلم ريش السينمائي انتزاع جائزة نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي طويل، خلال حفل الختام الذي أقيم مساء الجمعة الماضية، رغم الضجة المثارة حول الفيلم واتهامه بالإساءة إلى سمعة مصر من قبل عدد من الفنانين، مقابل دفاع نقاد وفنانين وشخصيات عامة عن العمل، وأكدوا أن الحملة على الفيلم تكفير على الطريقة الفنية، وأنه لا يجب الحجر على الإبداع.
وشهدت الدورة الأخيرة العديد من الأحداث الدرامية، بعضها تعلق بالأعمال التي عرضت، والبعض الآخر اتصل بالأحداث التي صاحبت المهرجان منذ البداية.
وصعد المخرج عمر الزهيري من أجل استلام جائزة فيلم ريش، وسط ترحيب شديد من الحضور.
وفي كلمته وجه الزهيري الشكر لوزارة الثقافة والوزيرة إيناس عبد الدايم على دعمهما الكبير، كما أعرب عن فخره بكونه سينمائيا مصريا تخرج من معهد السينما بأكاديمية الفنون، وعبّر عن اعتزازه بنشأته وحياته في مصر.
وفي حفل توزيع الجوائز، حصل الفيلم الوثائقي “كباتن الزعتري” للمخرج علي العربي، على جائزة نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي وثائقي طويل، والفيلم الذي جرى تصويره على مدار 7 سنوات كاملة بمخيم الزعتري بالأردن، واستعرض حياة الثنائي محمود وفوزي وحلمهما في لعب كرة القدم واحترافها.
كما شهد الختام تكريم المخرج الفلسطيني محمد بكري بجائزة الإنجاز الإبداعي. كما صعدت الفنانة إلهام شاهين إلى المسرح من أجل تقديم التنويه الخاص بفيديو تكريم السيناريست الراحل وحيد حامد، حيث عُرض فيلم يحتوي على كلمات لمن شاركوه في أعماله، وأبرزهم يسرا والمخرج محمد ياسين.
وشهد حفل الختام تكريم رجل الأعمال سميح ساويرس لعمال شركته الذين ساهموا في إطفاء الحريق الذي نشب في قاعة للمهرجان قبل يوم واحد من افتتاحه، وأعادوا الأمور إلى وضعها الطبيعي في غضون ساعات.
كما أعلن مؤسس مدينة الجونة أن المهرجان شهد تسجيل 4 حالات كورونا فقط خلال كافة فعالياته.