خالد محمود يكتب: الأزمة السودانية.. ما هو أبعد من الإعلام السطحي

أتمنى لكل مَن يتابع الوضع في السودان وخصوصًا في مصر، ألَّا يتصور أن القصة بهذا التبسيط المرعب الذي تصورها به وسائل الإعلام التسطيحية أي.. بأنها مجرد ميليشيا متمردة همجية.. ودولة خليجية تدعمها.. (ومؤامرة إمبريالية)، هذه مجرد عناصر أوَّلية في القصة وهي عناصر صحيحة تمامًا، لكن القصة بها تعقيدات كثيرة جدًا.
العناصر الأخرى:
دولة كيزان (تحالف عسكر وإخوان) حكم البلد في دكتاتورية لمدة ٣٠ عامًا بعد قدومها بانقلاب عسكري عام ١٩٨٩، ثورة سلمية عظيمة قامت ضده اسمها ثورة ديسمبر ٢٠١٨، تحالف كان قائمًا بين هذا النظام وميليشيات الجنجويد، التي رعاها منذ كانت عصابة تقوم بمذابح جماعية لحسابه في دارفور حتى أصبحت جيشًا موازيًا. استخدام لهذه الميليشيا في قمع الثورة وارتكاب مذبحة ضد الشعب السوداني أمام القيادة العامة.
في ٢٠١٩، وقوع انقلاب عسكري كيزاني أعاد الفلول فعليًا إلى الحكم عام ٢٠٢١. اختلاف الحليفين: الكيزان والجنجويد على الغنيمة والسلطة بعد الانقلاب، والزجّ بالشعب السوداني في حربٍ لا ناقة له فيها ولا جمل في ٢٠٢٣.
تراجع الدعم أو الجنجويد بعد إجلائه وهزيمته في الخرطوم إلى حاضنته الاجتماعية التي في غرب السودان وهي دارفور.. مغازلة الجنجويد لمشاعر الإحساس بالتهميش الموجودة بدرجة في دارفور تجاه المركز.. انتحال أو سرقة خطاب جون قرنق الخاص بسودان جديد.. قيام تحالف انتهازي بين الميليشيا القَبَليَّة الهمجيَّة المتمردة والحركة الشعبية شمال.. اختراع حكومة تحمل اسم هو عكسها تمامًا وهي حكومة الوحدة والسلام.. (تأسيس)، ووجود حاضنة جماهيرية له، وجود تشابكات جهويَّة وعِرْقيَّة حالت دون المجلس الوطني السوداني منذ الاستقلال، وجود خصوصية لإقليم دارفور وعلاقته بالدولة الوطنية. هذه بعض من عناصر القصة.. لا يجب أن تُختزل.. أو يُؤخذ منها جزء ويُترك جزء.. لمن يتوخى الموضوعية والصدق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *