خالد محمد جوشن يكتب: ودارات الأيام
منذ ثلاثين عاما تقريبا أو يزيد ، تزوجت وبعد زواجي بما يقارب الشهر ، كان فصل الصيف قد دخل فى أوجه .
فقررت أنا وزوجتى أن نذهب للاصطياف فى رأس البر ، خاصة واننى لم اذهب منذ زواجنا فى أي مكان خارج بلدتنا الصغيرة .
بدأنا نعد العدة للتجهيز للسفر ومررنا على والدي ووالدتي لإخبارهم بعزمنا على السفر ، ولم يزد والدي أن قال تروحوا وتيجوا بالسلامة، أما أمي فقد قالت ، أنا جاية معاكم ، وقبل أن أرد قال أبي مستنكرا تروحى فين يا حاجة ؟
سيبى العيال يتفسحوا .
فقالت له وانت مالك يا حاج ، فقلت لها أهلا وسهلا يا ماما تعالى معانا، ورحبت زوجتى أيضا وقالت لها تنورى يا أمي .
وفعلا سافرنا بصحبة أمي، وقضينا وقتا لا بأس به، ولا أعلم فى أي مناسبة قالت لى زوجتى بعد ذلك، شوفت كنا فى شهر العسل وأمك جت معانا ومتكلمتش، قلت لها أنتي اصيلة ، بس بذمتك مش كانت أيام حلوة .
ودارت الأيام وتزوج ابني وقرر السفر وعروسه إلى أحد المصايف، وقال لنا عرضا أنه مسافر، بل ربما على الأرجح لم يقل، وإنما عرفت عرضا من زوجتي عند سؤالي عليه .
فقالت لى زوجتى سافر هو وعروسته يتفسحوا، أصله ندل مفكرش يقول تعالى ياماما معانا .
تروحى فين يا حاجة ؟ قلت لها مندهشا .
أروح فين, أتفسح معاهم أنا وبنتك ، فقلت لها مطيبا خاطرها أنا هفسحكم قريبا انشاء الله .
والعجيب أنها ظلت طيلة ذلك اليوم، وجزء من اليوم الثانى فى حالة كدر، وأنا اعرف السبب، وابنتى محتارة لا تعرف السبب، لانها لم تكن حاضرة الحوار .
إنداحت إلى ذاكرتى القصة القديمة والتى ذكرتها وسفر أمي معانا والتى وافقت عليها زوجتى وقتها، ربما على مضض أو بغير رضا كامل، ومع ذلك تريد تكرار الواقعة بذات تفاصيلها، وكأن التاريخ الماكر يعيد نفسه، فقلت مترنما فى سري، برائعة ام كلثوم ودارت الايام