خالد محمد جوشن يكتب: هل هزيمة يونيو 1967 هزيمة لليسار ؟
منيت مصر والأمة العرب بهزيمة ساحقة فى حرب يونيو 1976 وكالعادة تم اطلاق لفظ من قبيل التخفيف وهو نكسة يونيو، ولكنها فى الحقيقة كانت هزيمة ثقيلة تماما على مصر تحديدا وعلى العرب بصفة عامة
وللان لم يتم الافراج عن الوثائق التى تؤرخ لهذه الفترة العصيبة ولايكاد يعرف على وجه الدقة كيف حصلت الهزيمة تقنيا على الاقل، وكيف استطاعت اسرائيل التفوق خلال الايام الستة لتحتل سيناء والجولان والضفة الغربية ، مكتسحة جيوش ثلاث دول تفوقها عتادا وعدة
وبعيدا عن اوهام الميتافزيقا التى روجها شيوخ العرب والتيار الدينى السلفى الاخوان بان الهزيمة كانت بسبب البعد عن الله واعتبار ان الاشتركية واليسار الحادا وكفرا وان ما حدث عقابا من الله كما روجت أبواق الدعاية الاصولية منطلقة من السعودية ، فانه بالتاكيد هناك اسبابا حقيقية اخرى للهزيمة
يرى تيارا لايستهان به ان ادارة الدولة المصرية من قبيل الشللية واصحاب المصالح دون ادنى اعتبار لاصحاب الكفاءة كان احد الاسباب الهامة لهزيمة يونيو 1967
ويرى تيار آخر أن غياب الديمقراطية والصوت الآخر المعارض كان أحد الاسباب الهامة لهذه الهزيمة وان هذا ما حدا بعبد الناصر لاصدار بيان 30 مارس ومحاولة تصحيح الوضع السياسى لنظام الحكم
وان فشلت محاولاته لان اصحاب المصالح كانت قد تجذرت ارجلهم فى ارض الواقع واعتبروا ان الادعاء باليسار والاشتركية دون تطبيق حقيقى هو سبوبة مناسبة للاستيلاء على المال العام
كما انه يمثل اسلوبا للنفوذ والسلطة من خلال الاتحاد الاشتراكى ( التنظيم السياسى الوحيد)
فى اعتقادى ان هزيمة يونيو 1967 وجهت ضربة قاسمة لليسار المصرى وان لم تكن سببا له ، فقد تم اعتبار انحرفات نظام الحكم الناصرى واستيلاء المنتفعين على ثروات الوطن هو النموذج الحقيقى لليسار وهذه خرافة لا اصل لها
بل الحقيقة ان نظام الحكم الناصرى وجه ضربات موجعة لليسار المصرى بل واعتقل رموزه ومفكريه وبتنا نرى دولة اشتراكية تحارب رموزها ومثقفيها اليساريين وتبطش بهم وتودعهم المعتقلات
ان هزيمة يونيو لم تكن هزيمة لليسار ولكنها هزيمة للدكتاتورية والرأى الواحد ولكل التيارات اليمينية المتطرفة والدينية على راسها
بل ان اليسار عبر مظاهرات الطلبة والمنادة بمحاكمة المسؤلين عن هزيمة 1967 كان هو الشرارة الاولى التى اطلقت لتصحيح المسار قبل ان يجهز عليه انور السادات بتحالفه مع التيار الدينى، الذى انقلب عليه لاحقا واغتاله عبر حادث المنصة الشهير
ها هى الأيام تترى وتؤكد ان تدخل الدولة المحسوب والمنظم دون افتئات على حرية الافراد هو السبيل الوحيد لاسلوب حكم يرعى مصالح مواطنيه وان النيو ليبراية، والتيار الدينى السياسى هما وجهان لعملة واحدة ستقضى على البشرية وحرية المواطن الحقيقية السياسية والاقتصادية
حان الوقت لليسار المصرى ولكل اليساريين فى العالم ان ينفضوا الغبار عن تاريخهم فقد اثبت التاريخ انه لانهاية لسعى الانسان للحرية فى عالم متوازن لا تحتكره التكتلات الرأسمالية العفنة ولا التيارات الدينية السياسية مهما حملت من علامات ، لقد بارت تجارة الاثنان معا ، والمستقبل لليسار