حوار لـ عمرو هاشم ربيع: يجب تحرير المناخ العام.. و”القوائم النسبية” هي الأكثر عدالة.. ومطلوب إشراف قضائي على “العملية الانتخابية” وليس على “الصناديق” (فيديو)
الحياة النيابية والديمقراطية في مصر بدأت منذ فترة طويلة.. وكل الأدلة تدحض مقولة “الشعبي المصري ليس مهيئًا للديمقراطية”
الانتخابات ليست هي “كُل الحرية”.. ويجب تحرير المناخ العام وإتاحة حرية الرأي وتداول المعلومات وما يرتبط بذلك من وجود قضاء عادل
الانتخاب بشكل فردي يدعم العصبيات والرشاوى الانتخابية ويؤدي للعنف.. و”القوائم النسبية” هي الأكثر عدالة من “القوائم المطلقة”
كتب – أحمد سلامة
تحدث الدكتور عمرو هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، حول عدة قضايا تتعلق بالحياة الديمقراطية في مصر، وأجاب على عدة تساؤلات حول مدى “جاهزية الشعب المصري للحرية”، كما تحدث عن غلق المناخ العام، ومطالبات العديد من الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني بتطبيق “القائمة النسبية” في الانتخابات، واصفًا ذلك النظام بأنه “الأكثر عدالة” من نظام القائمة المطلقة.
وقال هاشم ربيع، في حوار أجراه الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني ضمن سلسلة ندوات “صالون التحالف”، تحت عنوان “الديمقراطية والنظم الانتخابية – دراسة للحالة المصرية”، إن “الحياة الديمقراطية في مصر بدأت منذ فترة طويلة، مصر عرفت أول مجلس نيابي حقيقي عام 1866 وهو مجلس شورى النواب، والذي بدأ عمله في هذا التاريخ قبل نشأة بعض الدول وتواجدها على الخريطة بالأساس، وعلى عكس ما يعتقده البعض فقد كان مجلس شورى النواب منظما تنظيما جيدًا وله نظام انتخابي ولائحة نظام أساسي ومدونة سلوك، والغريب في الأمر أنه كان لديه بعض النقاط الأكثر حداثة من بعض ما يصدر في الوقت الحالي، خاصة فيما يتعلق بالرقابة التي كانت تتم بشكل فجائي على بعض “النظارات” أو الوزارات”.
وأضاف الدكتور عمرو هاشم ربيع “الحديث عن أن شعب مصر ليس مهيئًا للديمقراطية هو قول ليس عليه أدلة بل على العكس كل الأدلة تدحض تلك الفكرة.. مشيرًا إلى أنه قبل الاحتلال البريطاني في عام 1882 بأربعة أشهر فقط كان هناك دستور مُعد وجاهز للتفعيل عُرف بـ(دستور شريف باشا) كان يرسخ للحياة البرلمانية، كل هذا يؤكد أن الحياة النيابية والديمقراطية في مصر لها جذور ضاربة في التاريخ الحديث”.
وأردف “ما نشهده اليوم من غلق للمناخ العام هو أمر حقيقي غاية في الغرابة، بمعنى أنكم تجدون أناسا يمنحون صك الوطنية لذواتهم ولبعضهم البعض ويمنعونها عن آخرين، إن هذا بالتأكيد غير مبرر؛ مع الاعتراف الكامل بأن العنف والفتنة الطائفية هما خطان أحمران لا يجوز تجاوزهما”.
وتابع “غلق المناخ العام لا يرتبط -في تقديري- بعملية الانتخاب، فالانتخاب هو آلية وشكل من أشكال الحرية لكنه ليس كل الحرية، تحرير المناخ العام أو وجود مظهر من مظاهر الحرية هو مرتبط بشكل رئيس بعدة معطيات، فأولا يجب أن تكون حرية الرأي والتعبير مكفولة للجميع ما لم يتم استخدام هذه الحرية في أمور ترتبط بالعنف أو إحداث انشقاق داخل مكونات الوطن أو كياناته.. الأمر الثاني المرتبط بهذا أن تكون هناك أدوات للحرية والتي منها تداول المعلومات والنقد والتعبير والكتابة والصحافة، ويرتبط بذلك وجود قضاء عادل غير مُعين من قِبل السلطة التنفيذية حيث يجب أن تكون السلطة القضائية مستقلة في موازنتها وتعيين شخوصها لذلك يجب سن قانون بمنع ندب القضاة لأنه يعني تدجين القضاة وخروجهم عن دائرة الاستقلال”.
واسترسل “يجب أن يكون هناك آلية معتبرة للتعددية، وهو ما يتصل بوجود أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني، بمعنى وجود تنظيم لوجود المعارضة.. كيف تنشأ وكيف تعمل وكيف توضع حقوقها موضوع التطبيق وكيف يكون لها دور في ممارسة حقوقها في أن تكون بديلا للسلطة لا أن تكون معارضة بغرض المعارضة فقط”.
واستكمل “يضاف إلى ذلك وجود انتخابات حرة ونزيهة، وكيف يُعبر الناخب عن إرادته دون تزوير، ولا يقصد بذلك وضع ورقة محل ورقة أخرى لا تعبر عن رغبة الناخب، فهذه أساليب عتيقة لتزوير إرادة الناخبين فقد أصبح اليوم هناك وسائل كثير، فالنظم التي ترغب في تزوير إرادة الناخبين أصبحت تعزف عن هذه الأساليب المفضوحة وأصبح هناك وسائل أخرى بالقانون أي أنه يضع قانون يُقيد العملية الانتخابية”.
وأشار الشوبكي إلى أن “هناك ارتدادات كثيرة على العمليات الديمقراطية عرفتها عدة مجتمعات وشعوب، وحدث في مصر انتكاسات كثيرة، وكان الحاكم يتلكأ عن أمور كثيرة لأسباب كثيرة.. مرة تكون الردة لاستبداد سلطة وحدث ذلك إبان العهد الملكي والعهد الجمهوري ومرة أخرى بدعوى محاربة الإرهاب ومرة أخرى تكون الردة بحجج متصلة بشأن خارجي كأن يقال أن هناك عدو خارجي متربص، الحديث عن ميراث استبداد الحاكم موجود في التاريخ المصري منذ فترات طويلة ومنذ قدم الزمن”.
وطرح الشوبكي تساؤلا “هل هذا الشعب من سماته ما يجعله يُحكم بهذا الأسلوب؟”.. هل مكتوب على جبينه أن يُحكم بالطوارئ أو يقهر أو يسجن أو يعذب؟”.. مضيفًا “أحد الأمور التي تقال دائما أن الشعب المصري هو شعب أمي أو تسيطر عليه العصبيات والجهويات، وأرى أن هذه الأمر عبارة عن مجرد حجج بشكل أو بآخر، فأحد أفقر دول العالم وهي دولة بنجلاديش تُحكم بشكل ديمقراطي رغم كافة المشكلات التي تواجهها، وهو ما ينفي كون الأمية أو الفقر أو العصبيات هي حجة لمنع الديمقراطية”.
وشدد على أن “الانتخاب بشكل فردي يدعم العصبيات والرشاوى الانتخابية ويؤدي إلى العنف، في حين أن الانتخابات بالقوائم يؤدي إلى تجاوز العصبيات والطائفيات التي تبرز في المناخ الفردي”.
وردًا على سؤال حول سجناء الرأي والإشراف القضائي على الانتخابات، قال عمرو هاشم ربيع “مستحيل يكون هناك حرية رأي وحرية تعبير وهناك سجناء رأي، والأكثر غرابة أن يكون هناك موقوفين احتياطيا لتعبيرهم عن آرائهم بالكتابة عبر مقالات صحفية أو عبر وسائل التواصل، الحبس الاحتياطي تحول إلى نوع من العقوبة، فأصبح الحبس هو الوضع الطبيعي مع التدوير عقب انتهاء المدة بدعوى الاتهام في قضايا أخرى، كل هذه الأمور بالتأكيد هي أمور مشينة ومن ثم فإن ذلك أحد مبررات الحديث عن غلق المجال العام، فلا أفهم أن يكون هناك نظام يعاني اقتصاديا واجتماعيا ويضيف إليها مشكلة حرية الرأي والتعبير بدلا من فتح المجال العام ليكون منفثًا للناس”.
وتابع “هناك أيضا ما يتعلق بالمال السياسي من الزاوية السلبية، بمعنى المشكلة المتصلة بأكثر من مظهر من بينها وجود ثُلة من رجال الأعمال الذين استمرأوا الأوضاع منذ عهد الانفتاح الاقتصادي وما أعقبها من مناخ لتحرير الاقتصاد المصري بالصورة المشوهة التي تمت وما أسفر عن ظهور عدد من رجال الأعمال استمرأت الفساد السياسي فيما سعت السلطة إلى تدجينها لكي يُعبر هذا “المال” عن الشأن السياسي، هذه المجموعة لم تتوقف عن فسادها الاجتماعي من خلال الاحتكارات وأجور العمال في مؤسساتهم وامتد ذلك إلى نوع من الفساد الاقتصادي المرتبط بالمزايدات والمناقصات والضرائب ثم إثارة العصبيات وتقديم الرشى في الانتخابات للوصول إلى عضوية البرلمان بأي طريقة”.
وأردف “كل ذلك دفع السلطة إلى مُعادلة توسع رجال الأعمال إلى ما عُرف بالإشراف القضائي على الانتخابات منذ عام 2000 تحت شعار (قاض لكل صندوق)، قبل أن يلغى ذلك الشعار في عام 2010، ثم يعود مرة أخرى.. ويستكمل الشوبكي “هل يمكن اعتبار أن الإشراف القضائي على الانتخابات أمر كافٍ لتحقيق النزاهة الانتخابية؟ قولا واحدًا لا، ليس فقط لوجود إجراءات أخرى مرتبطة بنزاهة السلطات العامة وأجهزتها الإعلامية حتى تكون مؤسسات حرة نزيهة والأهم أن تكون معادلة الإشراف القضائي كاملة متكاملة على العملية الانتخابية، بمعنى آخر هل يكفي أن يكون هناك إشراف قضائي على كل صندوق وحتى عمليات الفرز في ظل وجود دبابات على باب اللجان الانتخابية!.. ما أقصد أن أقوله أن الإشراف القضائي على الصندوق ليس هو المطلوب وإنما المطلوب هو الإشراف على العملية الانتخابية من الألف إلى الياء، صحيح أن هناك إشراف قضائي حاليا على فتح باب الترشيح والانفاق الدعائي وخلافه لكنه إشرافًا صوريًا لا يمنع حرمان مرشحين من فرص متكافئة مع مرشحين آخرين”.
وحول القوائم النسبية، أكد عمرو هاشم ربيع أنه نظام عادل طالب به الكثير من المشاركين في الحوار الوطني، لكن كان هناك بعض “الأحزاب المغمورة” التي دافعت عن “القوائم المطلقة”، وأظن أن ذلك سببه أن هذه الأحزاب وُعدت بمقاعد برلمانية لهذه الأحزاب الصغيرة، حسبما قال.
وشدد ربيع على أنه حُكم بعدم دستورية نظام “القوائم المطلقة” ثلاث مرات، المرة الأولى في انتخابات مجلس الشورى عام 1989، حيث حكم بعدم دستورية انتخابات الشورى منذ نشأته عام 1980 وحتى عام 1989، ومرتان حكم بعدم دستورية القائمة المطلقة في انتخابات المحليات، أما الانتخابات وفق القوائم النسبية فغير صحيح صدور أحكام بعدم دستوريها، وما صدر هو حكم بعدم جواز معاملة “الأفراد” كما تُعامل “الأحزاب” في الانتخابات.