حنان فكري تكتب : القلب الجائع لا تشبعه عقيدة
الخلاصة في قصص اختفاء البنات، من شبرا الخيمة اسوان، هي أن “كل البنات اللي هاتمشي هاترجع ومش هاينوبها غير الفضيحة”، هذه الفكرة تلح علي ذهني متذ ان تم تداول خبر اختفاء الطبيبة سالي نسيم ابنة اسوان، نفس السيناريو المتكرر في كل واقعة، ذات الاستغاثات والنداءات، نفس الاتهامات، والأداة الحاضرة للدفاع عن العرض واحدة هي الانكار. .
فالاغلبية الكاسحة ما زالت تنكر ان العقيدة اخر طرف في معادلة اختفاء الفتيات، وربنا تكون الطرف الغائب، الحاضر بفعل أوراق تغيير الديانة التي تخرج بعد الاختفاء لتعلن ان فلانة الفلانية لن تعود، لأهلها، وبوازع من المكايدة الطائفية يتم نشر الأوراق على مواقع التواصل الاجتماغي، كنوع من الحاق العار بذويها، وكأننا في معركة انضمام وانفصال، هي في النهاية معركة الوهم، لأن انضمام فتاة العقيدة اخري لن يضيف للعقيدة، وبانفصالها عن عقيدتها لن تنقص هذه العقيدة، لكنها تهدد سلام المجتمع. خاصة في ظل غياب جلسات النصح والارشاد التي الغيت في العام 2005 بقرار سلبي من حبيب العادلي، وزير الداخلية انذاك، على أثر القصة الشهيرة لاختفاء وفاء قسطنطين زوجة كاهن البحيرة. ومنذ هذا الحين لم تعقد جلسة تصح وإرشاد واحدة قبل تغيير اي شخص لعقيدته، وهو ما يشعل القلق والشك في نفوس أهالي المتغيبة، ويحرمهم، الاطمئنان على سلامة ابنتهم. وما لذا كانت مجبرة على ما اقظمت عليه ام بارادتها الحرة
ورغم تكرار الأحداث، الا انه خلال الثلاثة أعوام الماضية يقوم الأمن بدور قوي في إعادة الفتيات والسبدات اللواتي قررن الهرب من اسرهن. ورغم عودتهن، ألا ان الوصم لا يزول، على المستويين الاجتماعي والنفسي.
لذلك على كل واحدة ممن تحاصرهن الفكرة، ان تدرسها جيدا لأنها الخاسر الوحيد طول العمر بعد التجربة المريرة التي تخوضها، طمعا في الحب، وهو ما يسلمنا للأسباب، لماذا تضحي فتاة بسمعتها واسرتها؟ لماذا تتجاهل كل القصص والتجارب الشبيهة التي اهتز لها المجتمع المصري من قبل؟ وهل فعلا تغير الفتاة عقيدتها عن اقتناع؟ لماذا كلهن فتيات؟ او سيدات؟ هل البنت ضحية شاب غرر بها فقط؟ ام انها ضحية أسرة لم تسدد احتياجها العاطفي؟
هناك آلاف الرجال كل يوم من اتباع مختلف الديانات ينصبون شباك الإغراء العاطفي لنساء وفتيات، لكن من التي تستجيب؟ومن التي تتورط الي النهاية؟ وما الذي يرد امرأة إلى صوابها؟
انها الاسر الدافئة وليس الدين ولا العقيدة، فالقلوب الجائعة لا تنتظر الشبع الأبدي، لكنها تريد إسكات ألم الجوع الحالي، الجوع للحب، للأمان، للرفيق، للانصات.
الاسر الدافئة حصن لا تهزمه عواصف الإحتياجات العاطفية ولا تزعزع كيانه المشاعر الملتهبة جنسيا،.
الاسر الدافئة ضمان مدى الحياة ضد انتزاع العالم لوحدتها.
الاسر الدافئة صندوق مغلق مختوم بخاتم الأمان، وإذا انتزع الأمان انكشفت جواهر الصندوق وصارت مطمعا الصوص القلوب.
اما الاسر الدافنة رءوسها في الرمال ولديها حالة انكار لاحتياجات بناتها من الاهتمام والحب، ستظل فريسة للصدمات من هذا النوع، فالجوع الشديد للحب يدفع الإنسان للتورط في اي شىء
والتورط العاطفي لا يعني الانحلال لكن يعني وجود احتياج مرعب، والتورط الجنسي يعني ان الضحية ترى أن هناك ثمنا عليها دفعه ومقابل لابد من تقديمه، فتقدمه راضية ضاربة عرض الحائط بنتائج ما تفعله، لأنها تورطت بالفعل، لذلك لا الوم الباحثات عن الحب، لأنه ينبغي تحليل ذلك المشهد العبثي المتكرر.، الذي يستغله المتاجرون بالتحويل الديني للمسيحيات، لخلق حالة من التناحر العقائدي، في موضوع أصله اسري عاطفي.
آن تغيير العقيدة من أجل الفوز بقلب احدهم يعني انها صارت بلا رجاء وإنها ظلت وحيدة لا تبوح بمشاعرها ولا تتلقى دعما نفسيا مناسبا للصراع الدائر داخلها، هذا هو مربط الفرس، غياب الدعم الاسري في مواجهة اغراءات الغرام، الذي تتمناه كل فتاة، لا أحد فوق الضعف، كلنا أخطأنا واعوزنا مجد الله، لكن الله خلق لنا أدوات نستمد منها ذلك المجد اولها وأهمها الأسرة.
الأسرة هي الحضن الوحيد الذي يمكن أن يستقبلنا، عراة، ضعفاء، يغطينا الخزي، فيتبدل العري لستر، والضعف لقوة، والخزي لسلام، لكن للأسف في معظم الحالات، يتحول حضن الأسرة لحصيرة اشواك الاتكاء اليها يسبب حروح الخذلان، وتصير الأسرة كرابيجا طاردة للحب والأمان، وتخسر بناتها، ثم تعود تصرخ وتستغيث. فمتى نتعلم الدرس؟
8:59 AM