حسن البربري يكتب: محكمة العدل الدولية تنظر حق الاضراب
في خطوة غير مسبوقة بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي من 6 إلى 8 أكتوبر 2025، جلسات علنية للنظر في طلب فتوى استشارية بشأن “حق الإضراب” وفقا لاتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بحرية تكوين النقابات وحماية حق التنظيم
و لقد شهدت الجلسات مشاركة 20 دولة وخمس منظمات دولية حيث قدم الاتحاد الدولي للنقابات (ITUC) مرافعته في اليوم الأول مؤكدا أن الحق في الإضراب هو الأساس الحيوي و الرئيسي للديمقراطية والعدالة الاجتماعية ويجب أن يُعترف به في القانون الدولي, في المقابل اعترضت منظمة ممثلي أصحاب الاعمال الدولية (IOE) على هذا التفسير معتبرة أن الاتفاقية لا تضمن هذا الحق.
و ترجع المواجهات بين الاتحاد الدولي للنقابات ومنظمة ممثلو أصحاب العمل منذ عام 2012 حيث رفض ممثلو أصحاب العمل في اجتماعات منظمة العمل الدولية الاعتراف بحق الإضراب كحق ضمني من حقوق التفاوض الجماعي المنصوص عليها في الاتفاقية رقم 98 ادي هذا الرفض إلى توقف لجنة الخبراء في المنظمة عن أداء مهامها بشكل فعال لأكثر من عقد (وهي اللجنة المشكلة والمنوط بها ابداء الرأي و المساعدة في اتخاذ القرار ) وبسبب هذا التوقف قررت منظمة العمل في 2023 إحالة المسألة إلى محكمة العدل الدولية للحصول على فتوى استشارية وفقًا للمادة 37 من دستور المنظمة.
تأثير محتمل على السياسات العمالية في مصر
في مصر، يُعتبر “حق الإضراب” من الحقوق المهددة و التي احيطت باجراءات وصفت بالمعرقلة والتي تفرغ الاضراب من محتواه هذا بخلاف تدخل الجهات الإدارية والأمنية لاجهاض هذا الحق, ففي عام 2017 تم إصدار قانون نقابات عمالية يقيد تأسيس النقابات المستقلة من جانب والتدخل الإداري و الأمني في تكوينها وتشكيلها من جانب وعدم الاعتراف بالكثير منها من جانب اخر وفي عام 2025 أقر البرلمان قانون العمل رقم 14 (الذي زعمت الحكومة ممثلة في وزارة العمل أنه يُعتبر خطوة نحو تحديث التشريعات وهو الذي لم تفصح عنه الدولة الا بعد اقراره ) أنه لا يُعترف بحق الإضراب إلا للنقابات المسجلة رسميًا، ويشترط إشعارًا قبلها مما يحد من فعالية هذا الحق في الوقت الذي وثقت فيه منظمات حقوقية حالات قمع لعمال شاركوا في إضرابات حيث تعرضوا للفصل التعسفي والاعتقال
في حال ان أصدرت محكمة العدل الدولية فتوى تؤكد أن “حق الإضراب” جزء من الاتفاقية رقم 87 فإن ذلك سيشكل ضغطًا على الدول الأعضاء بما في ذلك مصر لمراجعة تشريعاتها بما يتماشى مع المعايير الدولية وقتها فان النقابات المستقلة قد تحصل على مساحة أكبر لممارسة نشاطها و مواد القانون الخاصة بالإضراب قد تعاد صياغتها لتصبح أكثر مرونة ومتوافقة مع الحكم الصادر ما يؤدي الي تحسين بيئة العمل بفضل التفاوض العادل والحد من التضييق على العمال.
في النهاية ان جلسات محكمة العدل الدولية حول حق الإضراب تمثل فرصة مهمة لتثبيت هذا الحق على المستوى الدولي و المحلي فبالنسبة لمصر قد يكون ذلك دفعة قوية لمراجعة التشريعات الوطنية سواء قانون العمل الجديد وقانون التنظيمات النقابية ما يتيح مساحة تجرك اكبر للنقابات العمالية وضمان حقوق العمال في بيئة عمل عادلة

