حسن البربري يكتب: بين الانتخابات والإضرابات.. الصندوق تحت وطأة الغضب العمالي
يعيش الشارع المصري حالة من الغضب العمالي المتصاعد التي لا يمكن تجاهلها فبينما تتجه الدولة نحو صناديق الاقتراع يتصاعد احتجاجات العمال في المصانع والشركات و النوادي الرياضية فمن عمال النادي الأهلي إلى موظفي الأمن في شركة طلعت مصطفى إلى عمال مفكو حلوان، كلهم يرفعون مطالبهم بصوت واحد حياة كريمة وأجور تواكب ارتفاع الأسعار المتسارع.
الإضرابات العمالية.. صرخة غاضبة
الإضرابات الحالية ليست مجرد احتجاجات عابرة بل هي انعكاس حقيقي لمعاناة العمال اليومية السبب الأساسي لهذه الحركة الغاضبة هو عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور بشكل حقيقي والذي ينص القانون على أن يكون 7000 جنيه شهريا بل إن الواقع أثبت أن هذا الحد لم يعد كافيا لمواجهة الضغوط الاقتصادية المستمر خصوصا بعد قرار لجنة التسعير برفع أسعار البنزين الأسبوع الماضي الأمر الذي أدى إلى ارتفاع تكاليف النقل والطاقة والخدمات الأساسي وبالتالي زاد العبء على العمال والأسر المصرية فالعمال اليوم يتحدثون عن ضرورة رفع الحد الأدنى إلى ما بين 9 إلى 10 آلاف جنيه حسب تصريحات رئيس نقابة العاملين في القطاع الخاص و بيان المنظومة العمالية إحدى روابط العمالة غير الرسمية ليصبح حدًا أدنى يعكس القدرة الحقيقية على مواجهة تكاليف الحياة وليكون لهم قدرة على تأمين حياة كريمة لأنفسهم ولأسرهم.. مطالبهم لم تعد رفاهية بل أصبحت حاجة ضرورية للبقاء وسط اقتصاد يزداد ضغوطه يوما بعد يوم.
وقبل تلك الزيادة شهدت مصر العديد من الإضرابات التي تزامنت مع بعضها البعض مما يدل علي عمق الأزمة التي يمر بها العمال فلقد دخل عمال مصانع شركة السكر في إدفو وكوم أمبو في إضراب عن العمل مطالبين بزيادة الرواتب وصرف العلاوات المتأخرة منذ عام 2017 بالإضافة إلى زيادة البدل النقدي وبدل الوجبة وصرف المنحة الخاصة تواكب مع ذلك إضراب عمال مصنع النساجون الشرقيون احتجاجا على تأخر صرف العلاوات السنوية مطالبين بزيادة الأجور لمواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة هذا بالإضافة إلى إضراب عمال شركة لينين جروب للنسيج والمفروشات بالإسكندرية بعد وفاة طفلة رضيعة كانت تحملها أمها العاملة نتيجة رفض الإدارة منح الأم إجازة أو السماح لها بالذهاب بابنتها المريضة إلى المستشفى مما أثار غضب العمال وأدى إلى احتجاجات واسعة.
الانتخابات المشهد السياسي تحت ضغط الاضرابات
في الوقت الذي يغلي فيه العمال بالاحتجاجات تجري الانتخابات البرلمانية و برغم ان التجربة السابقة أثبتت محدودية التمثيل السياسي في انتخابات مجلس الشيوخ بالإضافة الي انه تم استبعاد بعض من مرشحي المعارضة في الانتخابات الجارية وعلي راسهم هيثم الحريري و محمد عبد الحليم عضوي حزب التحالف الشعبي هذا يوضح أن البرلمان الجديد سيظل أداة لأحزاب الموالاة كما في السابق لتزداد الفجوة اتساعا بين السلطة والشارع و يظهر الانفصال بوضوح, نعم فالانتخابات البرلمانية ستمضي على الورق لكن صوت العمال يعلو شيئا فشيئا مطالبا بحقه في حياة كريمة وأجور تعكس الواقع التي تعيشه وان الديمقراطية الشكلية لا تكفي والسلطة مطالبة اليوم بالاستجابة لمطالب العمال قبل أن تتحول الأزمة إلى انفجار اجتماعي أكبر فالإضرابات الحالية ليست مجرد احتجاج عابر بل مؤشر حقيقي على حجم الغضب الشعبي وان التغيير يأتي من تحسين حياة المواطن اليومية.

