«حرية الفكر» تطالب «الاستعلامات» بالتراجع عن سحب اعتماد مراسلة «جارديان»: حق الرد والحوار بدلا من الملاحقة
طالبت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، الهيئة العامة للاستعلامات، بالتراجع عن قرار سحب اعتماد مُراسِلة جريدة “الجارديان” في مصر، وإنذار مُراسِل جريدة “نيويورك تايمز” باتباع قواعد المهنة الصحفية في عمله في مصر، رافضة ما وصفته بـ”استمرار الهيئة في ملاحقة الصحفيين والمراسلين الأجانب في مصر نتيجة ممارسة عملهم”.
وتأتي هذه القرارات كحلقة جديدة من سلسلة تضييق هيئة الاستعلامات على عمل الصحفيين الأجانب في مصر والتي بدأت منذ أكتوبر 2017، وطالت عديدًا من الصحف ووسائل الإعلام الأجنبية، من بينها “رويترز” و”نيويورك تايمز” و”الجارديان” و”التايمز” و”روسيا اليوم” و”إلموندو الإسبانية” و”بي بي سي” (حُجب موقع الأخيرة في مصر)، وتراوحت ردود أفعال الهيئة تجاه هذه الصحف بين الإدانة واستدعاء صحفيين إلى مقر الهيئة والتحذير وسحب اعتماد المراسلين وترحيل الصحفيين.
وتؤمن المؤسسة بأن قرارات الهيئة تجاه الصحف ووسائل الإعلام الأجنبية يكتنفها الغموض وعدم العدالة، إذ أنه من غير المعلوم سواء للصحفيين الأجانب العاملين في مصر أو لغيرهم، كيفية اتخاذ هذه القرارات أو اللائحة التي تستند إليها في اتخاذها أو كيفية التظلم منها سواء إداريًّا أو قضائيًّا.
وترى المؤسسة أن تلك القرارات غير منفصلة عن السياق العام في مصر، إذ تشهد حرية الصحافة والإعلام انتهاكات فادحة من قبل أجهزة الدولة وهيئاتها المختلفة، إذ رصدت المؤسسة حجب 124 موقعًا صحفيًّا، وحبس 13 صحفيًّا بسبب ممارستهم عملهم الصحفي. بالإضافة إلى حالات متكررة من مصادرة الصحف الورقية أو منع طبعها، ومداهمة مكاتب الصحف والمواقع الإلكترونية.
وأوضحت إن أساليبَ أخرى يجب أن تتبع من قبل الحكومة المصرية وأجهزتها وهيئاتها المتخصصة في سبيل التعامل مع الصحافة والإعلام عوضًا عن الحجب والمنع والحبس وسحب اعتماد الصحفيين وترحيلهم. فبدلًا من سحب اعتماد مراسلة “الجارديان” وتحذير مراسل “نيويورك تايمز” كان يمكن للهيئة العامة للاستعلامات أن تقوم بالآتي:
دعوة المراسلين إلى حوار علني مع الهيئة العامة للاستعلامات في حضور مسئولي وزارة الصحة وبيان ما حملته التقارير المُشار إليها من أزمات منهجية، على أن يكون حوارًا مفتوحًا أمام الرأي العام ووسائل الإعلام المحلية والدولية.
إعادة نشر الأرقام الخاصة بحالات الإصابة بفيروس كورونا في مصر، وتوقعات معدلات الانتشار، وكيف يجري إحصاؤها وتحديدها، وكذلك دور منظمة الصحة العالمية ومكتبها في القاهرة في ضبط منهجية تلك الإحصاءات وتوثيقها.
إعداد رد علمي واضح ومفصَّل على ما جاء بتقرير “الجارديان” من قبل المسئولين عن إدارة الأزمة في مصر ومطالبة الجارديان بنشره.
ولفتت المؤسسة إلى أن مثل هذه الإجراءات وغيرها من الوسائل الديمقراطية للتفاعل مع التغطيات الصحفية المتعلقة بتلك الأزمة أو غيرها لا تُعزز حرية الصحافة والإعلام فحسب، وإنما تدعم مصداقية وموثوقية أجهزة الدولة في مصر.
وجاءت قرارات الهيئة العامة للاستعلامات على إثر نشر جريدة “الجارديان” تقريرًا عن انتشار فيروس كورونا في مصر، واحتوى التقرير على إشارة إلى دراسة إحصائية لباحث كندي تتوقع عدد الإصابات بنحو 19.310 حالة، وهي الأرقام التي رأتها الهيئة “تقديرات غير صحيحة”. كما نشر مراسل “نيويورك تايمز” في مصر عددًا من التدوينات على حسابه بموقع “تويتر” تحمل بعض اﻷرقام من الدراسة نفسها.
كان الحساب الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات على موقع “تويتر” نشر مجموعة من التدوينات، الثلاثاء الماضي، جاء فيها قرارها غلق مكتب صحيفة الجارديان وسحب اعتماده، وتوجيه إنذار أخير إلى مراسل جريدة نيويورك تايمز بالقاهرة بالرجوع إلى المصادر الرسمية في الأخبار التي يتم بثها عن مصر والالتزام بالقواعد المهنية. إلا أن حساب الهيئة حذف هذه التدوينات بعد وقت قصير، ليقوم بنشر بيان جديد بعد عدة ساعات خُففت فيه حدة القرارات قليلًا، حيث تحول القرار بخصوص “الجارديان” إلى الاكتفاء بسحب اعتماد المراسلة دون غلق المكتب، إلا أنه أضاف بندًا آخر طالب فيه الجريدة الإنجليزية بتقديم اعتذار عن التقرير الذي وصفه البيان بـ”الحافل بالأخطاء المهنية” وفي حالة عدم استجابة الجريدة هددت الهيئة بإغلاق وسحب اعتماد مكتب الصحيفة في مصر. أما بخصوص “نيويورك تايمز” فظل القرار كما هو بتحذير مراسلها في مصر، إلا أن النسخة الجديدة حذف منها وصف الإنذار بـ”الأخير”.
في سياق متصل، أشادت المؤسسة بإطلاق وزارة الصحة موقعًا إلكترونيًّا يحوي كافة المعلومات عن أعداد الإصابات والوفيات ومناطق الانتشار وطرق تجنب العدوى وكيفية التصرف في حال ظهور أعراض الاصابة على أحد المواطنين، فإنها تطالب السلطات المصرية بمزيد من الشفافية حول إستراتيجيات التعامل مع جوانب الأزمة المختلفة ونشر المعلومات المتعلقة بها أولًا بأول.