حبس وتشريد وفرض صمت.. «درب» يرصد 171 انتهاكا بحق الصحفيين في 2022 ويوثق القبض على 15 زميلا
التعدي بالضرب على 13 صحفيا وفصل 19 زميلا وحجب 15 موقعا إلكترونيا.. والقاهرة في المرتبة الأولى من حيث النطاق الجغرافي للانتهاكات
المؤسسات الصحفية أكثر الجهات انتهاكا لحقوق الصحفيين بـ55 حالة انتهاك.. والجهات الحكومية والأمنية سجلت 49 انتهاكا
في 2022 وصل عدد الزملاء المحبوسين لـ28 صحفياً بدعوى نشر «أخبار كاذبة» مقارنة بـ25 زميلا في العام 2021
نحو 27% من الزملاء المقبوض عليهم في 2022 من النساء.. والصحفيات المحتجزات يشكلن 17.86% من الصحفيين المحبوسين في مصر
كتب- درب
لا يزال الصحفيون المصريون يتعرضون لانتهاكات عديدة ما بين الحبس والقمع والمضايقات الأمنية والفصل وغيرها من التهديدات التي لا حصر لها وسط غياب نقابة الصحفيين المعنية بالدفاع عن الصحفيين وحمايتهم من تغول وسطوة السلطات والمؤسسات وتعسفها ضدهم.
تتبع «درب» الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيون في مصر، منذ يناير 2022 وحتى ديسمبر من خلال تقارير صادرة عن المرصد المصري للصحافة والإعلام خلال الأشهر الماضية، مع إضافة الانتهاكات الواضحة التي لم تتضمنها تلك التقارير؛ مثل القبض على الصحفيين: هالة فهمي، صفاء الكوربيجي، دنيا سمير، رؤوف عبيد، عمرو شنن، منال عجرمة، محمد مصطفى موسى، أحمد فايز، إلى جانب واقعة اختفاء الصحفي محمود سعد دياب.
الانتهاكات المؤكدة التي وقعت على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، ووثَّقها «درب» بلغت 171 انتهاكا؛ أبرزها بالطبع القبض على 15 صحفيا وإعلاميا (جرى إطلاق سراح البعض منهم بعد فترة من الحبس)، وحجب 15 موقعا إلكترونيا، والتعدي بالضرب على 13 زميلا، فيما تعرض 19 صحفيا للفصل. ولازال مصير زميل صحفي تعرض خلال العام 2022 مجهولا.
والمفارقة المحزنة فعلاً، أن 55 انتهاكا وقع بحق الصحفيين في العام 2022 الجهة المعتدية فيها المؤسسات الصحفية، كأكثر الجهات انتهاكا لحقوق الصحفيين. وفي المرتبة الثانية الجهات الحكومية بـ28 انتهاكا، ثم المدنيين بـ25 انتهاكا. وفي المرتبة الرابعة الجهات الأمنية بـ21 انتهاكا، تلتها الجهات الرياضية بـ12 انتهاكا ثمانية منها صدرت من رئيس نادي الزمالك، فضلا عن انتهاكات متنوعة لجهات أخرى إحداها مجهولة (إخفاء الصحفي محمود سعد دياب).
ووقعت حالات الانتهاك ضد 80 صحفيا وإعلاميا، فيما طالت الانتهاكات 59 من الصحفيات والإعلاميات اللواتي جرى حبس 4 منهن خلال العام 2022. وبلغ عدد حالات الانتهاك الجماعي 14، فيما رصد «درب» 17 انتهاكا ضد شخصيات اعتبارية (مؤسسات صحفية/ قنوات/..).
واحتلت القاهرة المرتبة الأولى من حيث النطاق الجغرافي للانتهاكات، حيث سجلت 68 انتهاكا، تلتها الجيزة بـ62، ثم الإسكندرية بـ8 حالات انتهاك، وتوزعت باقي الانتهاكات على 6 محافظات أخرى هي (الدقهلية، الشرقية، المنوفية، كفر الشيخ، شمال سيناء، الإسماعيلية).
ويشار إلى أن 6 انتهاكات مرصودة حدثت ضد صحفيين مصريين خارج البلاد، حيث اعتدت الجماهير السنغالية بالضرب على البعثة الإعلامية المرافقة لمنتخب مصر لكرة القدم خلال المباراة التي جمعت مصر والسنغال في المباراة الفاصلة المؤهلة لكأس العالم 2022.
ويرصد «درب» فيما يلي أبرز الانتهاكات التي وثقها خلال العام 2022؛ وهذا ليس سوى غيض من فيض.
استهداف مستمر رغم الدعوة للحوار
استهداف الصحفيين الذي كان قبيل إعادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تشكيل لجنة العفو الرئاسية ودعوته إلى حوار وطني خلال حفل «إفطار الأسرة المصرية» 26 أبريل الماضي ظل مستمرا هادما بذلك التوقعات بحدوث انفراجة حقيقية في ملف سجناء الرأي بالبلاد.
ففي 21 أبريل 2022، وقبل الدعوة للحوار الوطني وإعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسية بأيام، ألقت قوة من الشرطة القبض على الصحفية صفاء الكوربيجي. وبعد يومين أُلقي القبض على الإعلامية هالة فهمي.
والزميلتان جرى حبسهما على ذمة القضية القضية 441 لسنة 2022، ولا زالاتا خلف القضبان.
وبعد الدعوة للحوار، ألقت قوة أمنية في 15 مايو الماضي القبض على الصحفي محمد فوزي الذي لم يعرض على النيابة إلا في 29 من الشهر ذاته. أيضا جرى القبض على الصحفية دنيا سمير في 27 مايو الماضي. والاثنان تم عرضها على نيابة أمن الدولة العليا في 29 مايو؛ ولا زالا رهن الحبس الاحتياطي.
إخفاء دياب
بعد وصوله إلى مطار القاهرة يوم الثلاثاء ٦ سبتمبر 2022 من أجل السفر إلى الصين – في مهمة عمل – على متن الرحلة (953) اختفى الزميل محمود سعد دياب، الصحفي بمؤسسة الأهرام وعضو نقابة الصحفيين.
ووفقا لما ذكر الزميل محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحفيين في منشور على موقع «فيس بوك»، نقلا عن أسرة الزميل فإن هاتفه أغلق عقب وصوله إلى المطار بعشرة دقائق؛ وفي اليوم الثاني لغيابه تلقت أسرته رسالة منه عبر تطبيق «واتس آب» من رقم هاتفه أكد فيها أنه وصل إلى دولة الصين ومتواجد في الحجر الصحي، كما أرسل رسالة في اليوم الثالث تفيد بعدم قدرته على التواصل مع الأسرة نظرا لسوء أوضاع الشبكة، إلا أن أسرته «ارتابت في أسلوب رسالته التي جاءت على غير عادته في الاطمئنان على أطفاله الصغار».
واستكمل: «وبعد ٨ أيام من غيابه تلقت الأسرة اتصالا من مقر عمله بالتليفزيون الصيني للاستفسار عن سبب عدم وصوله إلى الصين، وهو ما دعا الأسرة للاستفسار من شركة مصر للطيران وتم تأكيد عدم مغادرته للبلاد، وهو ما دعا الأسرة للتقدم ببلاغات وإخطارات حول غيابه للنائب العام ووزير الداخلية».
فصل تعسفي
ومن وقائع الفصل البارزة التي شهدها العام 2022، واقعة فصل 5 صحفيين في موقع «مصراوي» تعسفيا بعد حل القسم الذي كانوا يعملون فيه وتعرضهم لتجاوزات من قبل إدارة تحرير الموقع مست حقوقهم الإدارية ومن قبلها حقوقهم الصحفية والإنسانية، حسبما ذكر بيان لهم سبتمبر الماضي.
واللافت في واقعة فصل الزملاء الخمسة كونهم صحفيين مشهود لهم بالكفاءة وحصلوا على عدة جوائز محلية وعربية ودولية باسم «مصراوي»، ورغم هذا كانوا «ضمن الأقل أجورًا».
ويشار إلى أن الصحفيين المفصولين من «مصراوي» وفقا للبيان هم؛ دعاء الفولي، الرئيس المناوب لقسم الفيتشر والملفات بموقع مصراوي الإلكتروني، والمحررة بقسم الفيتشر منذ العام 2012، إشراق أحمد، المحررة بقسم الفيتشر والملفات منذ العام 2012، رنا الجميعي، المحررة بقسم الفيتشر والملفات منذ العام 2013، محمد زكريا المحرر بقسم الفيتشر والملفات منذ العام 2015، شروق غنيم، المحررة بقسم الفيتشر والملفات منذ العام 2016
عجرمة تنضم للصحفيات المحتجزات
في مطلع نوفمبر، ألقت قوة أمنية القبض على منال عجرمة، نائب رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون، من منزلها بالتجمع الخامس، وظلت مختفية حتى ظهورها يوم 3 نوفمبر الماضي في نيابة أمن الدولة العليا، التي حققت معها على ذمة القضية رقم 1893 لسنة 2022 حصر تحقيق أمن دولة عليا.
ويشار إلى أن منال عجرمة هي نائب رئيس تحرير مجلة «الإذاعة والتلفزيون» على المعاش، وتبلغ من العمر 61 عاما.
ووجهت النيابة للزميلة اتهامات ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراض هذه الجماعة، تشكيل إرهابي.
ورفعت منال عجرمة عدد الصحفيات المحتجزات في مصر إلى 5 صحفيات يشكلن 17.86% من الصحفيين المحبوسين.
وتشكل الزميلات المقبوض عليهن في العام الجاري 26.67% من الصحفيين المقبوض عليهم خلال 2022.
يذكر أن «درب» رصد وجود 28 صحفيا خلف القضبان، بعضهم تجاوزت سنوات في الحبس، بالإضافة إلى إخفاء الزميل محمود سعد دياب، الصحفي بمؤسسة الأهرام وعضو نقابة الصحفيين. ويمثل هذا الرقم زيادة عن العام 2021، حيث بلغ عدد الصحفيين السجناء فيه 25 صحفياً، بحسب تقرير صادر عن اللجنة الدولية لحماية الصحفيين وثق إحصاء الصحفيين السجناء حول العالم.
ويواجه الصحفيون المحبوسين اتهامات ببث ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، وذلك رغم اختلاف القضايا المحبوسين على ذمتها.