جودة عبد الخالق: تصفية شركة الحديد والصلب ملهاة بطعم المأساة وخيبة وطنية ثقيلة.. وأناشد السيسي بالتدخل لتطوير هذه الصناعة
الوزير الأسبق عن تصريح وزير قطاع الأعمال عن قيمة الشركة: كيف يؤتمن مثل هذا التفكير البورصجى على مصالح وطنية استراتيجية؟
كتب: عبد الرحمن بدر
وصف الدكتور جودة عبدالخالق، وزير التموين الأسبق، قرار تصفية شركة الحديد والصلب بأنه ملهاة بطعم المأساة، وناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتدخل لتطوير هذه الصناعة بفكر استراتيجى وطنى.
وقال عبد الخالق في مقال بصحيفة الأهالي بعنوان (مأساة الحديد والصلب بين التفكير الإستراتيجي والحساب البورصجى): “أن يخرج الوزير المسؤول على الملأ ليقول بالفم المليان أن مصنع الحديد والصلب في حلوان لا يساوى عشرة صاغ، صحيح أنه اعتذر عن هذا التصريح، لكنه لم يتراجع عن تأكيده أن قرار تصفية الشركة قد اتخذ بالفعل وأنه لا رجوع فيه”.
وتابع الوزير السابق: “حقا، إنها خيبة وطنية ثقيلة. فكيف يؤتمن مثل هذا التفكير البورصجى على مصالح وطنية إستراتيجية؟، وقد تقرر تصفية الشركة، وإذا كنا نرفع شعار (بناء دولة قوية)، فإن ذلك ينتهى بنا إلى العكس تماما. فهو يعنى تجريد مصر من أهم مقومات القوة ممثلة في الصناعات الأساسية وعلى رأسها صناعة الحديد والصلب التكاملية. وليس لدينا منها إلا (الشركة المصرية للحديد والصلب) في حلوان، التي تخطط الحكومة لتصفيتها بدعوى أنها خاسرة”.
وأضاف عبد الخالق: “بهذه المناسبة، فقد قمت منذ عشرين عاما بإجراء دراسة ميدانية عن شركة الحديد والصلب في حلوان وشركة الألومنيوم المصرية في نجع حمادى كنموذج للصناعات الثقيلة كثيفة الطاقة، وكان ذلك بغرض تقديم دفاع علمى موضوعى عن هاتين الصناعتين في مواجهة فكر البنك الدولى وصندوق النقد الدولى المتضمن في برنامج الإصلاح الاقتصادى والتكيف الهيكلى الذى وقعته الحكومة المصرية مع منظمات بريتون وودز عام 1991. وقد حارب المسئولون وقتها نشر الكتاب داخل مصر، فنشرته واحدة من أكبر دور النشر في بريطانيا وهى دارEdward Elgar. وصدر الكتاب بالانجليزية عام 2001 في بريطانيا وأمريكا، ثم نشرت ترجمته بالكامل الى العربية بواسطة المجلس الأعلى للثقافة ضمن المشروع القومى للترجمة في 2004. وقد تم تفنيد حجج البنك والصندوق التي كانت تستهدف القضاء على هاتين الصناعتين تفنيدا علميا”.
وتابع: “كما تلقيت من أحد الزملاء في كلية الهندسة المتخصصين في مجال الصناعة مذكرة حول بعض النقاط الفنية المطلوب تدراسها فى موضوع تصفية مجمع الحديد والصلب جاء فيها: مجمع الحديد والصلب هو الوحيد فى مصر الذى يستخدم خام المنجم لإنتاج قوالب وبلاطات والبيليت عن طريق الأفران العالية. علماً بأن إنتاج العالم بهذه الطريقة تمثل 60% من الإجمالى، تقنيه الأفران العالية تطورت بحيث تستهلك ما يقل عن نصف الطاقة المستخدمة فى الستينيات مما يزيد من إقتصاديات الإنتاج فى حال التطوير، لدى شركة الحدبد والصلب إمكانيات درفلة هائلة ومحدثة فى التسعينيات وتنتج ألواح صلب ذات مقاسات متنوعة وغير متاحة فى المصانع الأخرى”.
وقال جودة عبد الخالق: “مجمع الحديد والصلب الوحيد فى مصر الذى كان ينتج (فى الماضى) أشكال الكمر والزوايا والقطاعات (حاليا يغطى الإستيراد هذا البند) بل أنتج قضبان السكة الحديد فى البدء، لدى المجمع أراض شاسعة غير مستغلة (من النيل للجبل) يمكن تقسيمها لإنشاء صناعات صغيرة حوله (قطاع خاص) تعتمد على الصلب (أسوار – صناديق شاحنات – سلالم أثاث معدنى)، يمكن تحسين السيولة المالية والإقتصاديات بإنشاء خط إنتاج حديد تسليح بإستثمارات معقولة وممكنة فى وقت قصير نسبيا يخدم السوق المحلية”.
وأكد الوزير الأسبق أن إنتاج الحديد والصلب ساهم فى ظروف قاسية فى إنشاء السد العالى ودشم الدفاع الجوى في حائط الصواريخ فى أواخر الستينيات دعامة قوية للأمن القومى.
يذكر أنه مازال آلاف العمال بشركة الحديد والصلب بحلوان يواصلون الاحتجاج على قرار تصفية الشركة، وسط حملات تضامن مستمرة، وتحركات برلمانية جديدة، لمنع تصفية الشركة.
فبدورهم واصل عمال شركة الحديد والصلب بحلوان، اعتصامهم المفتوح لليوم السابع عشر على التوالي، اعتراضا على قرار تصفية الشركة. وتجمع العمال أمام مبنى الإدارة، مجددين رفضهم قرار التصفية، ورددوا هتافات “على جثتنا نسيب شركتنا”، و”على جثتنا نبيع شركتنا”.
وحذرت دار الخدمات النقابية والعمالية من أن يكون مصير شركة حلوان الحديد والصلب هو مصير الشركة القومية للأسمنت من تشريد العمال ونهب لممتلكاته جراء عمليات التصفية.
وتقدمت الدكتورة مها عبد الناصر، عضوة مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الإثنين الماضي، باستجواب إلى المستشار حنفي جبالي، رئيس البرلمان، موجه ضد وزير قطاع الأعمال، هشام توفيق، لشروعه ودفعه تجاه قرار تصفية شركة الحديد والصلب المصرية.
ووجهت مها في استجوابها الاتهام لوزير قطاع الأعمال بالتقصير والإهمال في مسؤوليته السياسية بحسن إدارة المال العام والحفاظ على مقدرات الاقتصاد القومي.
وتضمن الاستجواب أكثر من ٢٢ صفحة فضلاً عن المرفقات، تناول فيها كافة مقومات الشركة، وحجم التقصير والتغاضي عن عروض وفرص التطوير المقدمة للشركة، كما يبين الاستجواب حجم مسؤولية وزير قطاع الأعمال في الدفع والتوجيه نحو تصفية الشركة، ويفند ادعاءات الوزير القائلة بعدم جدوى أو فرص للتطوير.
وطالبت النائبة رئيس المجلس المستشار حنفي جبالي، بالاستعجال في إدراج الاستجواب للمناقشة، بسبب إجراءات التصفية التي من المقرر أن تبدأ خلال أسبوعين، لاسيما أنه حتى الآن لم تتشكل لجنة تقصي حقائق من مجلس النواب عن وضع الشركة، على الرغم خطورة نتائج قرار التصفية على المال العام، بحسب النائبة.
دعا الاتحاد الدولي للنقابات الحكومة المصرية، لوقف عملية تصفية شركة الحديد والصلب بشكل عاجل، وذكر في بيان الاثنين الماضي، مخاطبًا رئيس الوزراء: “نيابة عن الاتحاد الدولي للنقابات الذي يمثل 200 مليون عامل على مستوى العالم, بخصوص قرار مجلس إدارة شركة الحديد والصلب المصرية بتصفية أصولها، إن اتخاذ هذا القرار في غياب التشاور مع العمال سيكون له تأثير كبير على حياة 8000 عامل و7500 أسرة ستحرم من دخل ثابت خلال هذه الفترة الصعبة وغير الآمنة”.
وأضاف: “بناء على هذا فإن الاتحاد الدولي للنقابات يدعو الحكومة المصرية للتدخل بشكل عاجل مع مجلس إدارة الشركة لإلغاء قرار التصفية ولتشجيع الشركة على بدء طاولة نقاش بمشاركة العمال للمساعدة في إنقاذ وتجديد الشركة وإنقاذ الوظائف”.
وأعلن الاتحاد العربي للنقابات تضامنه مع عمال شركة الحديد والصلب المصرية بحلوان وعائلاتهم، وتقديره لمبادرة التصدي لقرار التصفية، داعيا المنظمات النقابية في العالم للتضامن مع العمال في مواجهة عمليات التفويت والتصفية التي تشهدها المؤسسات الصناعية المصرية الكبرى.
وأوضح الاتحاد، في بيان، أن إعلان الجمعية العمومية غير العادية لشركة الحديد والصلب، في اجتماعها 11 يناير الحالي، غلق وتصفية مصانع الشركة، وفصل نشاط الناجم عن المحاجر في شركة مستقلة، واضعة بذلك مصير آلاف العمال وعائلاتهم أمام المجهول، يعد استهتارا تاما بمصالح أكثر من 8 آلاف عامل.
كما أعلنت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالمغرب تضامنها المطلق مع عمال شركة الحديد والصلب المهددين بفقد وظائفهم ومورد رزقهم الوحيد بعد قرار وزير قطاع الأعمال بتصفية الشركة وإغلاقها.
وقال بيان للكونفدرالية الديمقراطية، إن عمال مصر كمال المغرب يعانون جراء سياسات الخصخصة وانسحاب الدولة من القطاعات الإنتاجية والخدماتية المختلفة.
وتابعت أن هذا الأمر يزيد من معاناة العمال في كل مكان، وعلى وجه الخصوص إذا كانت سياسات التضامن والحماية الاجتماعية مازالت قاصرة ولا تستطيع استيعاب وحل مشكلات العمالة التي تفقد شغلها وهو ما عرته بوضوح جائحة كورونا.
وذكرت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أنه “انسجامًا مع مبدأ التضامن النقابي الدولي مع العمال في كافة أنحاء العالم الذين يتعرضون لهجمة رأسمالية متوحشة تستهدف حقوقهم ومكتسباتهم وحرياتهم النقابية، وإذا تتضامن مع عمال شركة الحديد والصلب المعتصمين للدفاع عن حقهم في العمل”.
وأضافت أنها تتضامن العمال دفاعًا عن تاريخ طويل من العمل الشاق والمضني بنت منه مصر تاريخًا مشرفًا من الصناعة العربية والإفريقية، أنها تؤكد على مسؤولية الدولة في ضمان الحماية الاجتماعية للعمال وضرورة بناء وتجسيد وحدة نقابية دولية لمواجهة الشرسة على حقوق الطبقة العاملة.