جهل أم عنصرية؟.. ادعاءات “الفضائيين بناة الأهرامات” تحرج إيلون ماسك (24 ساعة من المزاعم والتراجع)
محمود هاشم
ضجة واسعة أثارتها تغريدات الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، مؤسس شركتي “تسلا” و”سبيس إكس” لتقنيات استكشاف الفضاء، التي زعم فيها أن بناة الأهرامات كائنات فضائية، ليعلن التراجع عن تصريحاته قبل أقل من 24 ساعة فقط، لكن بعد أن سبق السيف العذل بالفعل، ليواجه اتهامات بالجهل والعنصرية، ويتلقى ردودا رسمية وغير رسمية تدحض ادعاءاته.
وقال ماسك، عبر حسابه على تويتر، أمس الجمعة، إنه “من الواضح أن كائنات فضائية بنت الأهرامات”، مثيرا موجة من الردود والانتقادات، ليكمل في تغريدة أخرى أن رمسيس الثاني كان رائعا، بحسب وصفه.
ليعود بعدها بنحو 20 ساعة وينشر رابطا من موقع “ويكيبيديا”، مقتبسا منه أن الأهرامات كانت أعلى مبنى شيده البشر لمدة 3800 عام.
وبعد ذلك بـ7 ساعات أخرى، ومع استمرار الجدل حول تغريدته الأولى، نشر ماسك رابطا آخر لتقرير من موقع BBC، بعنوان “الحياة الخاصة لبناة الأهرامات”، وقال إن هذا التقرير يقدم ملخصا معقولا عن كيفية بناء الأهرامات.
وعلقت وزيرة التعاون الدولي الحالية ووزيرة السياحة السابقة رانيا المشاط، على تغريدة ماسك، قائلة عبر حسابها على “تويتر”: “أتابع عملك بإعجاب شديد، وأدعوك أنت وشركة سبيس إكس إلى استكشاف الكتابات عن كيفية بناء الأهرامات، وأيضا لتفقد مقابر بناة الأهرامات، ونحن في انتظارك”.
وقال وزير الدولة لشؤون الآثار السابق، عالم الآثار الشهير زاهي حواس، في تصريحات لـCNN، اليوم، إن “إيلون ماسك لم يدرس أو يقرا كتابا واحدا عن الحضارة المصرية وبالتالي اختلق قصة وهمية يتحدث فيها الكثير من الناس غير الدارسين للحضارة المصرية القديمة، كما أن حديثه كان مرسلا، حيث لا يوجد دليل يشير بأن الأهرامات بناها قوم جاءوا من الفضاء بل على العكس فإن لدينا الأدلة الأثرية والتاريخية واللغوية التي تثبت أن المصريين هم بناة الأهرام”.
وعدد حواس الأدلة، قائلا: ” المقابر المنتشرة حول هرم الملك خوفو بها نقوش للموظفين والكهنة تتحدث عن الهرم والملك خوفو ولا يوجد أي ذكر لقوم جاءوا من الفضاء، داخل الهرم نفسه نقوش لفرق وأسماء العمال الذين اشتركوا في بناء الهرم، كما أن هذا الهرم جزء من منظومة أهرامات مصر الذى يصل عددها إلى 120 هرما من الأسرة الثالثة حتى الأسرة الثامنة عشر وليس هرم خوفو وحده”.
واستطرد: “كشفنا عن مقابر العمال بناة الأهرام والتي أثبتت للعالم كله أن بناة الأهرام كانوا مصريين ولم يكونوا عبيدا، لأنهم لو كانوا عبيدا لما بنوا مقابرهم على مشارف الهرم الذى كان المشروع القومي لكل المصريين، حيث تكاتف ما يقرب من 3 ملايين نسمة عاشوا بمصر آنذاك واشتركوا في بناء الهرم، هذا بالإضافة إلى ما تناولته أقدم بردية في الوجود وهى بردية “وادى الجرف” في سيناء، أهم كشف حديث في القرن 21 والتي تحدثت عن بناء هرم الملك خوفو وفى هذه البردية يتحدث رئيس العمال “ميرر” أنه أخذ 40 عاملا وذهب إلى منطقة طرة لإحضار الأحجار لكساء هرم الملك خوفو، وذكر أيضا في البردية أنه يعمل في العام 27 من حكم الملك، و أن هرم خوفو كان يعرف بالهيروغليفية باسم “افق خوفو” ومنطقة الهرم كانت تعرف باسم “خوفو يعيش”.
وتحدث حواس عن نشأة رمسيس الثاني وتاريخ عائلته، قائلا: “رمسيس الثاني كان من محافظة الشرقية، وحكم مصر من العاصمة، هو وعائلته من رمسيس الأول وحتى رمسيس الحادي عشر، ما يشير إلى أن كلام ماسك عبارة عن تخاريف، وأن الأهرامات مصرية ورمسيس الثاني مصري”، وتابع: “أتمنى أن يأتي إيلون ماسك إلى مصر لإعطائه “دش” ثقافيا وتعليمه قيمة الأهرامات وأهميتها”، حسب قوله.
كما علق الفنان محمد هنيدي على التغريدة بنشر صورة التقطت لإيلون ماسك لدى تدخينه سيجارة ماريجوانا، للمرة الأولى في حياته عندما ظهر في أحد البرامج الإذاعية، وكتب عليها: “good stuff bro”، في إشارة إلى زيف تصريحات الملياردير الأمريكي.
وتغريدات ماسك واجهت موجة من الاتهامات بالعنصرية والجهل:
وردت عالمة المصريات الأمريكية سارة باركاك عليه، قائلة إن القدماء المصريين هم بناة الأهرامات الفعليين، وهو ما تثبته البرديات المعثور عليها في الجيزة، داعية إياه إلى الاطلاع على المصادر الموثوقة بخصوص الأمر للتمكن من تعليم نفسه.
كما نشر آخرون تغريدات ساخرة ردا على تصريحات مؤسس “تسلا” و”سبيس إكس”، بصور لمخلوقات وسفن فضائية.
كانت شبكة نتفلكس عرضت فيلما وثائقيا اسمه “شيفرة الأهرامات” على موقعها الشهير، يتحدث عن تقنيات متطورة استخدمت في بناء الأهرامات، وأن عملية البناء تمت من خلال كائنات فضائية.
واعتمد الفيلم في تبرير فكرته على آراء علماء قالوا إن حضارة الفراعنة في تلك الفترة لم تكن قد وصلت لاختراع العجلة الدوارة، كما أن حجارة ضخمة استخدمت في بناء الهرم الأكبر في الجيزة، ويقدر عددها بنحو مليونين و300 ألف، وزنها على الأقل طنين وقد تصل إلى 30 طنا، وهو ما يرجح أن كائنات فضائية بنت الأهرامات، ويرى العلماء المتحدثون في الفيلم إلى أن رص جدران الأهرامات بشكل مسنن وبدقة عالية يؤكد وجود تقنيات حديثة في البناء.
لكن اكتشاف علماء المصريات مقبرة عمال بناة هرم خوفو، بمثابة إثبات على أن بشرا هم من بنوا الأهرامات، وأن هؤلاء العمال لم يكونوا عبيدا، وإلا لما كانوا قد بنوا مقابرهم إلى جانب مقابر الملوك في الأهرامات، واعتبر حواس، في تصريحات سابقة، هذا الاكتشاف من أهم الاكتشافات خلال القرنين العشرين والحادي والعشرين، كونها تسقط فكرة بناء العبيد للأهرامات.
وفي 30 أكتوبر 2018، أعلنت وزارة الآثار حل لغز نقل الكتل الحجرية لبناء الأهرامات، من محافظة المنيا إلى الجيزة، حيث لجأ المصريون القدماء إلى منحدر مركزي، يحيط به سلمان بهما ثقوب أعمدة، مما يساعد على رفع كتل المرمر خارج المحجر من خلال منحدرات شديدة الخشونة بنسبة 20% على الأقل.
كما أعلنت الوزارة اكتشاف ما لا يقل عن 100 نقش يسمح بفهم تنظيم الحملات التي كانت تتم في محاجر حتنوب بالمنيا، في فترة حكم الملك خوفو.