جمعة رمضان يكتب: ذات يوم مشئوم في مدينة الرب
1 – وكان ذلك على الاغلب في مارس عام 415 ب.م
ظهيرة يوم من أيام شهر مارس من العام 415 بعد الميلاد، شهد شارع الاسكندرية الكبير تحاشدت جموع الغوغاء تلبية لنداء ” طهروا أرض الرب من أعوان الشيطان” الذي أطلقه الأسقف كيرلس الملقب بعامود الدين، قاطعين الطريق على الفيلسوفة الأفلاطونية وعالمة الرياضيات الجذابة ” هيباتيا ثيون” فور انتهائها من محاضرة ألقتها على تلاميذها ومريديها من صفوة عقول مدينة الرب..
يصف المؤرخون المشهد “كان مقتلها مأساويًا على يد جموع المسيحيين الذين تتبعوها في طريق رجوعها لبيتها بعد إحدى ندواتها، حيث قاموا بجرها من شعرها، ثم قاموا بنزع ملابسها وجروها عارية تماما بحبل ملفوف على يدها في شوارع الإسكندرية حتى تسلّخ جلدها، ثم إمعانا في تعذيبها، قاموا بسلخ الباقي من جلدها بالأصداف إلى أن صارت جثة هامدة، ثم ألقوها فوق كومة من الأخشاب وأشعلوا فيها النيران، وكان ذلك على الأغلب في شهر مارس من عام 415م. ” [1]
كان موت هيباتيا إيذانًا بنهاية عصر التنوير الفكري والتقدم المعرفي الذي شهدته مدينة الإسكندرية طوال 750 عامًا.
وخلال العقود التالية، قام الغزاة الأجانب والمواطنون المتمردون بمهاجمة مباني الجامعة العظيمة، وتخريب المكتبة، وحرق عدد كبير من الكتب لتدفئة مياه الحمامات العامة. إن النسخة الخاصة بهيباتيا وثيون من كتاب “الأصول” لإقليدس، وتعليقات هيباتيا على كل من كتاب “أريثميتيكا” لديوفانتوس، وكتاب “الجداول” “Handy Tables” لبطليموس، وكتاب بليناس “القطع المخروطي”Conics”، لم يتم الحفاظ عليها إلا من خلال النسخ التي جلبها العلماء إلى مدن الشرق الأدنى حيث تمت ترجمتها إلى العربية، أما الكتابات الفلسفية فقد فقدت إلى الأبد. [2]
وضّح فولتير في كتابه قبر التعصّب (1736) أن هيباتيا كانت مؤمنة “بقوانين الطبيعة العقلانية” و”قدرات العقل البشري الخالية من العقائد”، واصفاً وفاتها بأنها “جريمة قتل وحشية ارتكبتها كلاب صيد كيرلس، مع عصابة متعصّبة أخمص أقدامهم“. في وقت لاحق، صوّر فولتير مرة أخرى هيباتيا على أنها ربوبية عبقرية ومفكرة حرّة قتلها بوحشية مسيحيون جاهلون أساؤوا الفهم وذلك في مدخل كتابه القاموس الفلسفي (1772). [3 ]
يتحدث المؤرخ الكنسي” سقراط “عن هيباتيا في كتابه “تاريخ الكنيسة”، قائلاً: “كانت هناك امرأة في الإسكندرية تدعى هيباتيا، وهي ابنة الفيلسوف ثيون. كانت بارعة في تحصيل كل العلوم المعاصرة، مما جعلها تتفوق على كل الفلاسفة المعاصرين لها، حيث كانت تقدم تفسيراتها وشروحاتها الفلسفية، خاصة فلسفة أفلاطون لمريديها الذين قدموا من كل المناطق، بالإضافة إلى تواضعها الشديد لم تكن تهوى الظهور أمام العامة. رغم ذلك كانت تقف أمام قضاة المدينة وحكامها دون أن تفقد مسلكها المتواضع المهيب الذي كان يميزها عن سواها، والذي أكسبها احترامهم وتقدير الجميع لها. كان والي المدينة (اورستوس) في مقدمة هؤلاء الذي كانوا يكنون لها عظيم الاحترام.” [4]
غير أن القاص المصري يوسف زيدان صاحب ” عزازيل ” أحكم امساكه بحذق على خيوط المأساه واستخرج من رقائق التاريخ بواعث الغدر الكامن في تلافيف التعصب، قبل ان يمعن في سرد التداعي الوحشي وتفاصيل المشهد الغوغائي المغرق في الدونية الانسانية ..”ظننت اولاً أنني سأسمع محاضرة وثنية جداً، ثم عرفت أن الرياضيات لا شأن لها بالوثنية ولا بالايمان” يقول “هيبا الراهب ” برواية يوسف زيدان باسناد رقائق التاريخ المحفوظة .[5]
“هيبا الراهب” شاخصًا إلى منصة قاعة المحاضرات بانتظار ظهور هيباتيا الجميلة غارقًا في شروده وحيرته .. ” هيباتيا ..اكاد اذ اكتب اسمها الآن، أراها أمامي وقد وقفت على منصة الصالة الفسيحة وكأنها كائن سماوي هبط إلى الأرض من الخيال الإلهي ليبشر الناس بخير رباني رحيم، كان لهيباتيا تلك الهيئة التي تخيلتها دوماً ليسوع المسيح، جامعة بين الرقة والجلال، في عينيها زرقة خفيفة ورمادية، وفيها شفافية، وفي جبهتها اتساع ونور سماوي، وفي ثوبها الهفهاف ووقفتها وقار يماثل ما يحف بالألهة من بهاء.. من أي عصر نوراني خلقت هذه المرأة؟“، وحين تكلمت أحب عبارتها “حتى لا أثقل على غير الرياضيين من حضراتكم، مع أنني أؤمن بأن الفلسفة التي يود معظمكم أن نتحدث فيها اليوم، لايمكن أن تستقيم إلا بالرياضيات” [6]
ثم وهو يصف هيئة الأسقف كيرلس عامود الدين عندما رآه لاول مرة، ولعل الراوي هنا قصد المقارنة بين عالمين، عالم هيباتيا النوراني بتواضعه وشفافيته، وعالم الإيمان القهري بتناقضاته وتنطعاته واحتقاره لمعاني الزهد والقناعه والتواضع” لما رأيت الأسقف أول مرة، استغربت واحترت لانه اطل علينا من مقصورة مذهبة الجدار بالكامل” يستطرد ” نظرت إلى الثوب الممزق في تمثال يسوع، ثم إلى الرداء الموشى للأسقف، ملابس يسوع أسمال بالية ممزقة عن صدره ومعظم أعضائه وملابس الأسقف محلاه بخيوط ذهبية كلها وبالكاد تظهر وجهه، يد يسوع فارغة من حطام دنيانا، وفي يد الأسقف صولجان أظنه من شدة بريقه مصنوع من الذهب الخالص، فوق رأس يسوع أشواك تاج الآلام وعلى رأس الأسقف تاج الاسقفية البرّاق، بدا لي يسوع مستسلماً وهو يقبل تضحيته بنفسه على صليب الفداء وبدا لي كيرلس مقبلا على الإمساك بأطراف السماوات والارض” [7]
وكان يوم احد مشئوم، ففي صبيحة ذاك اليوم خرج البابا كيرلس إلى مقصورته ليلقي على الجموع عظته الاسبوعية “يا أبناء الله، يا أحباء يسوع الحي، إن مدينتكم هذه هي مدينة الرب العظمى، فيها استقر مرقس الرسول، وعلى أرضها عاش الآباء، وسالت دماء الشهداء، وقامت دعائم الديانة، ولقد طهرناها من اليهود المطرودين، أعاننا الله على طردهم وتطهير مدينته منهم، ولكن أذيال الوثنيين الأنجاس مازالت تثير غبار الفتن في ديارنا، انهم يعيثون حولنا فساداً وهرطقة، يخوضون في اسرار كنيستنا مستهزئين، ويسخرون مما لايعرفون، ويلعبون في مواطن الجد ليشوهوا ايمانكم القويم، يريدون إعادة بيت الأوثان الكبير الذي انهدم على رؤوسهم قبل سنين، ويودون تعمير مدرستهم المهجورة التي كانت تبث الضلال في العقول” وفيما يبدو أن عظة الأسقف “عامود الدين”، وكما تداعت في مخيال هيبا أخذت تتصاعد حتى بلغت مقصدها التحريضي وأتت أكلها في وجدان الجموع المتلهفة لإراقة الدماء (دماء هيباتيا وأوكتافيا الطاهرتين) “اقطعوا ألسنة الناطقين بالشر، ألقوهم مع معاونيهم في البحر، واغسلوا الآثام الجسيمة، اتبعو كلمات المخلص، كلمات الحق، كلمات الرب، واعلموا أن ربنا المسيح يسوع كان يحدثنا نحن ابناءه في كل زمان، لما قال : ماجئت لألقي في الأرض سلاماً، بل سيفًا” [8]
واجتاح هوس الجموع الشارع الكبير في مدينة الرب يقودهم الموتورين حتى اذا لمح أخسهم عربة هيباتيا صاح: باسم الرب سوف نطهر، فهبوا جميعاً خلفه كالكلاب البرية يطاردون ضحيتهم مرددين: باسم الرب سوف نطهر!. هنالك وفي ظهيرة ذلك الأحد المشئوم تقطعت السبل بأيقونة العقل والجمال فلفظت أنفاسها وقد نالت من هول العذاب ما لايطيقه بشر على أيدي برابرة همج منزوعي الإنسانية أذهب عقولهم خمر الجهل المقدس .
يقرؤنا “زيدان” مخيال هيبا المعذب بعجزة والمحترق بنظرات هيباتيا المستنجدة :
” سأمزق الرقوق، سأغسلها بالماء.. وسوف..
- أكتب يا هيبا، اكتب باسم الحق، المختزن فيك
- يا عزازيل.. لا أقدر
- اكتب ولا تجبن، فالذي رأيته بعينيك لن يكتبه أحد غيرك ولن يعرفه أحد لو أخفيته . ” [9]
بيد إنه في الأخير (هيبا ) كتب ما اقشعر له طيف عزازيل: “رأيتهم كانوا كثيرين، كلهم أمسكوا الصدف، وانهالوا على فريستهم،.. قشروا بالأصداف جلدها من لحمها.. علا صراخها حتى ترددت أصداؤه في سماء العاصمة التعيسة، عاصمة الله العظمى، عاصمة الملح والقسوة ” [10]
2 – وكان ذلك على وجه اليقين في شهر مارس عم 2020
إذن هي مواعيد كثيرة ضربتها مدينة الرب مع المتنطعين على مدار التاريخ، لعل آخرها ماحدث يوم الاثنين الماضي غداة يوم أحد ثان من ذات الشهر الهيباتي المشئوم – 23 مارس 2020 بعد الميلاد ( أي بعد 1605 عام تامات من استشهاد هيباتيا) – حينما خرجت باسم الرب جحافل الغوغاء تطارد لهوًا خفيًا يدعى (كوفيد 19) في شوارع الاسكندرية استجابة لنداء أطلقه الثرثار الفضائي المتأسلم معتز مطر ..الله غالب !
مرة ثانية أو ثالثة.. أو عاشرة، ولعلها لن تكون الأخيرة، ما بقي هذا العقل الطولي وقد جمع شتيتين لايلتقيان إلا تنطعا، لن تكون الاخيرة ما بقيت مدينة الرب مرتعاً للمغيبين يسلبونها حلم هيبا وسحر هيباتيا وجموح اوكتافيا، مرة أخرى تخرج الجحافل المستلبة من رحم التاريخ إلى شارع الاسكندرية الكبير وعلى درب القطيع القديم (ربما داست في طريقها ذرات من جسد هيباتيا الطاهرة) لا تلوي على علم ولا رشد يهديها جادة العقل والسلامة تطارد بالهتاف البائس ذلك الوحش الكوفيدي المجهول الذي ربما سكن جسد أحدهم وهيئت له النطاعة سبل الانتشار والغزو الآمن لأبدان أوهنها صدأ العقول .
يقول العلامة ابن رشد في مناهج الأدلة: “إن الخوارق ليست لها دلالة وضعية اذا انفردت، وأن الطبيب الذي يشفى المرضى وآخر يقوم بمعجزة لا علاقة لها بالطب تجعلنا نرى أن برهان الأول أكثر اقناعًا ” [11]
ويقول الدكتور فؤاد زكريا في إحدى مقالاته حول العقل والخرافة “يبدو من الضروري تصور العلاقة بين التفكير الخرافي والتفكير العلمي لا على انهما مرحلتان متعاقبتان في عصرين مختلفين من عصور تطور الإنسان العقلي فحسب، بل على انهما نمطان يمكن ان يعيشا معًا في العصر الواحد على الرغم من أن كلا منهما ينتمي إلى عهد مختلف من عهود التفكير البشري، فهما أشبه بالطبقات الجيولوجية التي نجدها متراصة بعضها فوق بعض في الجيل الواحد والتي ترجع كل طبقة منها الى زمن مختلف ” [12]
ينبغي في الختام أن نؤكد على أن استخدام الدين لتبرير نظم غير عادلة ومخالفة للعقل أمر لا يخص ثقافة معينة أو رهن جماعة بعينها بل هو فيروس كامن ليس فقط في سراديب العقل الخامل العاجز عن طرح الاسئلة، بل في أرقى المجتمعات حداثة، وحتى في الفلسفات التلفيقية والعدمية التي طالما روجت لمعقولية الواقع، وقالت بأن عالمنا هو أفضل العوالم الممكنة وأن الشر والبؤس ضروريان لزيادة استمتاعنا بالخير والنعيم، ولعله القول السديد فيما وردنا عن “المعتزلة” *، ذلك الشهاب المنير الذي مر في الأفق سريعًا ثم انطفأ دهرًا: ” أن العدل الالهي هو مايقتضيه العقل من الحكمة، وهو اصدار الفعل على وجه الصواب والمصلحة ” [13] وأن ” الانسان قادر، خالق لافعاله خيرها وشرها، مستحق على ما يفعله ثواباً وعقاباً [14]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراجع :
[1] ويكيبديا
[2] المرجع السابق
[3] المرجع السابق
[4] المرجع السابق
[5] يوسف زيدان ، عزازيل ص 134
[6] المرجع السابق ص 136
[7] السابق ص 146
[8] السابق ص 151، 152
[9] السابق ص 155
[10] السابق ص 159
[11] غالب هلسا ، تحقيق العقل ، مجلة الكاتب ( منزوع الغلاف ) ص 103
[12] المرجع السابق ص 96
[13] الملل والنحل للشهرستاني ص 37
[14] المرجع السابق ص39
* المعتزلة ( فرقة كلامية غلبت عليها النزعة العقلية ظهرت في اوائل القرن الثاني الهجري )
احيي حضرتك على المجهود المبذول في المقال وحقا استمتعت كثيرا بأسلوب حضرتكم.
ولكن اسمح لي، عندما نتحدث عن هيباتيا فعلينا أن ندرك عصرها وقانون عصرها. فلا يمكن أن نتطرق إلى مسألة كهذه المسألة ونحن نتعامل على أساس أن الانسانية امر مطلق يتجاوز كل العصور والأماكن كل انماط الإنتاج.
فما هو انساني في عصر الاقطاع بربري في الرأسمالية وما هو بربري في عصر المشاعية البدائية انساني في عصر الرأسمالية.
هيباتيا عاشت في العصور الوسطى عصور الايمان حيث كان مطلوبا من كل شيء أن يلبس لبوسا دينيا ليكون مقبولا حتى ووقائع التاريخ تكذب ان دين هو المهيمن المطلق فأبناء الدين الواحد كثيرا ما تقاتلوا لكن حتى في قتالهم كل منهم حافظ على الباس مصالحه ثوب الدين.
قتل هيباتيا هو الطبيعي في عصرها.
فلا يمكن أن نقول مثلا ان ريتشارد قلب الاسد مجرما لانه لم يراعي اتفاقية جنيف للأسرى حيث لم يكن لها وجود بل كان الموجود هو قانون عصره.
وقوانين العصور لا تتغير بين لحظة واخرى بل هي تراكم كمي طويل يؤدي إلى هذه الطفرة الكيفية.
فمثلا في القرن الثالث عشر الميلادي على ما اتذكر ابان الحروب الصليبية ظهرت كلمة تجار البندقية الشهيرة ”لنكن أولا بنادقة ولنكن بعد ذلك مسيحيين“ وذلك عندما غضب عليهم البابا لما باعوا بضائعهم إلى صلاح الدين الأيوبي كما باعوها لصليبيي الشام. ولكن ترسخ النمط الرأسمالي في المجتمع استغرق وقتا وكذلك تشكيل البناء الفوقي لهذا البناء التحتي.
والدين لايزال يلعب في المجتمع الطبقي دورا هاما حتى وان ادعت هذه المجتمعات أنها علمانية وهذا ما حاولت ايضاحه في مقال نشرته على الحوار المتمدن في اغسطس العام الماضي بعنوان ”الدين والعلمانية في المجتمع الرأسمالي“.
فحتى في العصور الحديثة حيث تسود مفاهيم مختلفة عما كان سائداً إبان العصور الوسطى بقيت حملات التبشير المسيحي تمثل جزءا أساسيا في السياسة الاستعمارية في المنطقة العربية تحديداً (وحتى يومنا هذا) كذلك ففي القرن المنصرم ساهم يوحنا بولس الثاني بابا الفاتيكان في تحريض شعوب اوروبا الشرقية على حكوماتها التي كانت على تناقض مع الأمريكان. ناهيك حتى عن نابليون وسياسة اللعب على الوتر الديني في مصر او حديثه مع يهود فلسطين آنذاك ولعبه على الوتر الديني معهم أيضاً وهو قادم بجيش من اليعاقبة (فضلا عن انه مارس سياسة قطع الرؤوس مع زعماء ثورة القاهرة الاولى في تصرف هو بربري طبقا لعصره بعد وثيقة اعلان حقوق الإنسان والمواطن وطبيعي طبقا للعصور الوسطى وقوانينها.
الشاهد في الامر انني ارى ان أزمة في الربط بين حادث هايباتيا ومظاهرات التكبير في الاسكندرية اعتقادا برفع الوباء.
وبالتأكيد نحن نرفض امر هذه التظاهرات ولكن، اليس ذلك هو حصاد هذا النظام الفاسد بآلاته وعلى رأسها الآلة الدينية في الازهر والكنيسة وسياسة شعبان لكل شعب دولته داخل دور العبادة الخاصة به؟
أليس ذلك ايضا بفساد رؤى حتى ”التنويريين“ واطروحاتهم التي لا تنطلق من الواقع وان انكلقت منه فتنطلق بنظرة استشراقية ناهيك عن ارتماء هؤلاء في احضان النظام الذي يعاني الشعب معه محاولين ان يتم استخدامهم من قبله كما استخدم السادات الاسلاميين في السبعينيات لضرب الشيوعيين فيتحولوا إلى عناصر مرفوضة من قبل من يسعوا لـ”تنويرهم“؟ ليت حتى هؤلاء التونيريين سعوا إلى التعلم من اخطاء جماعة كبيرة من تنويريي القرن ال١٩ الذين تهادنوا مع الاحتلال فلم تلق افكارهم قبولا من قبل الناس في حين مثلا كانت افكار النديم وهي تنويرية ايضا تلقى قبولا لانها صيغت من الواقع لا الخيال لانها صيغت بلغة الناس ولانها عبرت عن احلامهم.
ازمتنا في الانطلاق من واقعنا وفي ربط القضايا.
آسف على الاطالة وأؤكد على اعجابي بمجهود حضرتكم في المقال.
تحياتي