جمعة رمضان يكتب: حكاية الأمير والتقرير ورأس الذئب الطائر !
حكاية الأمير والتقرير ورأس الذئب الطائر !
سُئل عنترة عن سر شجاعته فقال فيما معناه : انتقي الجبان في ساحة المعركة وأضربه الضربة الهائلة فيطير لها قلب الشجاع ومن ثم يأتي النصر يسيرًا ! ويقول الظرفاء من رواد السوشيال ميديا : ارتاحت الشياطين بعدما أوضح التقرير أن ” في التفاصيل تكمن المناشير ” ! حتى مع الصياغة الحانية بعض الشئ التي خرج بها تقرير الاستخبارات الامريكية بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي – اذ لم يرد في التقرير اي تلويح بعقوبة ضد ولي العهد كما ورد بشأن الضالعين الآخرين رغم الادانة الصريحة – فالتصريحات التي خرجت على لسان الرئيس بايدن ووزير خارجيته والمسؤلين الامريكيين ذوي الاختصاص تشي بالتشدد تجاه ولي العهد السعودي الشاب ومحاصرته . الرئيس بايدن وفي افادته للاعلام حول محادثته الهاتفية مع الملك سلمان أول أمس استهل حديثه بالقول : تحدثت بالامس مع الملك، لا الأمير ( i spoke yesterday with the king, not the prince ) في نفي مهين وحاسم وذو مغزى لكينونة الأمير المتهور، ثم بلهجة آمرة خالية من اللياقة المشهور بها أضاف بايدن : أخبرت السعوديين اننا سنحاسبهم على انتهاكات حقوق الانسان وان عليهم الاسراع في معالجة هذا الملف واحداث تغيير ايجابي شامل فيه . وفي ملف حقوق الانسان ايضا جاء حديث وزير الخارجية بلنكن صارمًا ومتناغمًا مع محادثة الرئيس بتأكيده في تغريداته وتصريحاته على ان الولايات المتحدة لن تتسامح مع الحكومات التي تطارد الصحفيين والمعارضين والنشطاء السياسيين في غير مكان بالعالم . على عكس ادارة ترامب تبدو ادارة بايدن – وان بأسقف ووتيرة مخيبة لآمال كثيرين – عازمة على توظيف ملف حقوق الانسان وتكريسه في بناء تحالفاتها واستراتيجيتها الجديدة باعتباره من ثوابت القيم الامريكية التي تراهن عليها دائمًا وتناور بها كأحد أدوات الضغط في ادارة الملفات الخارجية وتعزيز حضورها ( الأخلاقي ) وحماية مصالحها الاستراتيجية، وهو المسلك الذي اهمله ترامب بعقلية السمسار النهم ولم يعيره الاهتمام والاولوية في بناء علاقات خارجية اتسمت في عهده بتحالفات زبائنية استعراضية لم تراوح اجواء الصفقات المليارية وتبييض اوجه طغاة العالم على حساب مصالح الشعوب وفي اهدار واضح لمنظومة القيم الانسانية التي كثرما جادلت بها ووظفتها الادارات السابقة مرارًا في غير مناسبة . لطالما نظر قادة الحزب الديموقراطي وابرزهم السيدة العتيقة المخضرمة ” نانسي بيلوسي “، ومعهم الدولة العميقة بتوجس الى ترامب باعتباره نشاذًا طارئًا على دوائر الحكم وأجهزة السيطرة الكلاسيكية، عنصريًا فجًا مقوضًا لنسيج الداخل الفيدرالي ( الهش ) ومقزمًا لزعامتها وتفردها كأكبر قوى عظمى في العالم وما يستتبع ذلك من اضرار داخلية وخارجية تخصم من رصيدها الامبراطوري وتماسكها الداخلي وتحالفاتها الاستراتيجية الخارجية المستقرة منذ نهايات الحرب الباردة . ومن ثم عانى الديمقراطيون كثيرًا من ترامب والترامبية والترامبست داخليًا وخارجيًا خاصة داعميه الشرق أوسطيين الذين تلاقت نوازعهم الاستبدادية مع نزعته الفاشية ووجدوا ضالتهم في شخصه فاعتمدوه سند ومنقذ لعروشهم وخلعوا عليه صفات القائد الضرورة واغدقوا عليه وعلى حملته وآله وصحبه واصهاره الدعم والمال الكثير قبل ان يرد عليهم عطاياهم فيما بعد مغترفًا من قاموسه اللاذع الخادش كيفما اتفق . كما اظنها لحظة الانتقام ( رد القلم ) التي انتظرها الديمقراطيون منذ شتاء ٢٠١٦ عقب موقعة ( هيلاري – ترامب )، تلك المعركة الخاسرة والمريرة التي أوجعتهم وأذلتهم وأفقدتهم صوابهم ونصرًا خيل لهم انه محسوم، ثم المزيد من الخيبات الداخلية بعد فشل التحقيقات والمعارك القانونية حامية الوطيس التي خاضوها لعزل الرئيس الجمهوري، واتصالًا بتلك النزعة التصحيحية الانتقامية البيوليسية ( نسبة الى بيلوسي ) أجزم انه لن يمض وقت طويل قبل أن يُخرج الديمقراطيون باقي اوراقهم التي قد تفضح وتدين آخرين ذوي سجلهم حافل بالانتهاكات خاصة من ثبت او يحتمل تدخلهم بشكل او بآخر في الانتخابات الرئاسية الامريكية ومن ثم افساح المجال لممارسة أقصى الضغوط عليهم أو معاقبتهم كي لا يعودوا فعلتهم مرة أخرى وما ابن سلمان إلا رأس الذئب الطائر، وتقديري ان توابع تقرير خاشقجي ستقض مضاجع قادة آخرين وليس الامير وحده ! هل سيرضخ بن سلمان ويخرج من الباب الموارب الذي أُفسح له للافلات بعد تجنيبه اية عقوبات حتى الان ؟ هل سيكون بمقدور الملك الهّرٍم الاقدام مجبرًا على خطوة دراماتيكية تمس هرم السلطة وتطيح بلفذة كبده المحبوب وتوقف توارث المُلك في سلالته ؟ اخذا في الاعتبار ان نجله الاصغر الامير خالد ( البديل المطروح ) هو ايضًا داخل دائرة الاتهام وغير بعيد عن فصول الجريمة ان صحت التقارير التي تزعم ضلوعه فيها باستدراجه لخاشوقجي كي يتوجه للقنصلية السعودية في اسطنبول حيث ارتكبت الجريمة الشنعاء داخلها . قبل محاولة الاجابة عن تلك التساؤلات العويصة دعونا نستدعي تصريحًا مشينًا لترامب تطاول فيه على الملك سلمان في اكتوبر ٢٠١٨ حين قال في لقاء مفتوح امام جمع من مؤيديه : لقد قولت للملك انك لن تستطيع البقاء في السلطة لأسبوعين دون حمايتنا وعليك الان ان تدفع ثمن حمايتنا لك !، واظنه ترامب وبرغم سلاطته لم يكن يقدح من راسه بل من واقع على الارض وفي السماء ووفق شروط المؤسسة المرعية كحقيقة منطقية رأسمالية بغض النظر عن تبدل الادارات الامريكية ودرجة لياقتها وانتقالها من طولة اللسان الى حسن البيان ! لاشك أن الجميع بانتظار حزمة القرارت والاجراءات التي اتخذها البيت الابيض تجاه المملكة على ضوء تقرير الاستخبارات بشأن جريمة قتل خاشوقجي والضالعين فيها والمزمع الافصاح عنها اليوم الاثنين الاول من مارس ٢٠٢١ كما تردد في وسائل الاعلام، وعندها سوف ينجلي الكثير من الغبار ونعرف ما تحت السرج فرس أم حمار ؟ .. أما دون ذلك واذا لم يجّد جديد – والدين النصيحة طبعًا – فليس أمام MBS – وقد ضاق الحصار – كي ينال الصفح والغفران ويثبّت سيفه في غمده كما ثبّته داهية العرب الأول لمعاوية وقد اوشك ان يول الادبار يوم صفين، سوى البحث عن داهية آخر يوسوس له بأن يول وجهه بالكلية شطر تل أبيب ضاربًا ” كرسي في الكلوب” كما يقولون ويلقي باوراقه كلها في يد من لا ترد شفاعتهم لدى الامريكان !