جلسة “مستقبل الصحافة في ظل تعدد الوسائط”: الصحافة لن تموت لكنها تحتاج إلى ثورة في الأدوات والحريات
شهدت فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين انعقاد جلسة نقاشية بعنوان “مستقبل الصحافة في ظل تعدد الوسائط ووسائل التواصل الاجتماعي”، بمشاركة نخبة من القيادات الإعلامية والصحفية، وأدارتها الإعلامية دينا عبدالرحمن.
وتناولت الجلسة تحديات العصر الرقمي وتأثيره على مستقبل الصحافة التقليدية والرقمية، مع استعراض وجهات نظر متنوعة حول سبل تطوير المهنة والحفاظ على قيمها الأساسية.
وافتتحت الإعلامية دينا عبدالرحمن الجلسة بالتأكيد على أهمية انعقاد المؤتمر رغم الظروف الصعبة التي تواجه الصحافة المصرية. وقالت: “هذا هو المؤتمر السادس بعد 75 عامًا من عمر نقابة الصحفيين التي تمتلك حضورًا بارزًا في منطقتنا. هناك إصرار على إقامة المؤتمر وخروجه بهذا الشكل المبهر، بفضل طاقات المشاركين والجلسات ذات العناوين الهامة”.
وأضافت أن هذه الجلسة تأتي ضمن الجهود المبذولة لتقديم توصيات واضحة ومفيدة لدعم الجماعة الصحفية في مصر، متمنية أن تكون النقاشات نقطة انطلاق نحو تعزيز مستقبل الصحافة في ظل التطورات الراهنة.
من جانبه، أعرب عبدالمحسن سلامة، عضو المجلس الأعلى للإعلام ورئيس مجلس إدارة الأهرام السابق، عن سعادته بالمشاركة في الجلسة، مؤكدًا خصوصيتها للعاملين في وسائط الإعلام الجديدة.. مؤكدًا أن “الصحافة لن تموت. هناك فرق كبير بين أشكال الصحافة ومستقبلها. الأشكال قد تتغير، لكن الصحافة كصنعة ستظل باقية، لأنها ضرورية لنقل وتحليل القضايا الكبرى”.
وأشار إلى تجارب دولية تؤكد على استمرار الصحافة، مثل اليابان والهند اللتين تمتلكان صناعات صحفية قوية، رغم التطور التكنولوجي.. مشددًا على أن الصحافة تظل مهنة حيوية وضرورية لدعم وعي الناس.
وأضاف الكاتب الصحفي عبدالمحسن سلامة أن “إغلاق الصحافة يعني ترك العقل الجمعي للشائعات. الصحافة هي المصدر الموثوق للمعلومات”.
من جانبه، تناول محمد عبدالرحمن، رئيس تحرير منصة “إعلام دوت أورج”، أهمية التخصص في الصحافة كوسيلة لتحقيق النجاح في ظل تحديات العصر.. موضحًا أن الصحافة الرقمية لم تحقق القفزة المرجوة بسبب قيود مختلفة.
وتابع “الصحافة الورقية تحتاج إلى محتوى خاص وعائدات بيع مميزة. الجرائد المجانية قد تكون تجربة تستحق الدراسة، لكن السؤال يبقى: هل سيترك المواطن هاتفه ليقرأ الجريدة؟”.
وأكد على أهمية تحديث أدوات الصحفي لمواجهة التحولات الرقمية، محذرًا من أن القارئ الحالي لا يولي اهتمامًا كافيًا للمصادر الموثوقة كما كان يحدث في أزمنة سابقة، مما يشكل تحديًا إضافيًا للصحافة.
وأشار عبدالرحمن إلى تجربته مع “إعلام دوت أورج” التي توقفت -عبر مواقع التواصل لمدة أسبوعين متتاليين- بسبب نقلها لأخبار حول عملية “طوفان الأقصى”، مؤكدًا أن هذا مثال على التحديات التي تواجه الإعلام الرقمي يجب أن يتم البحث عن حلول جذرية لها.
من جهته، ركز الكاتب الصحفي أحمد أبو القاسم على المشكلات التي تواجه الصحفيين الجدد في ظل منظومة عمل تفتقر إلى الأدوات اللازمة وأجور متدنية، مشيرًا إلى أن المنصات الرقمية أصبحت تركز على محركات البحث على حساب جودة المحتوى.. قائلا إن “الصحافة الرقمية نفسها أصبحت مهددة بالذكاء الاصطناعي، حتى على مستوى إنتاج الفيديو”.
وأضاف أن الحريات الصحفية تشكل أساسًا لأي تطور في المهنة، مشيرًا إلى أن الصحافة باتت “أسيرة لمواقع التواصل الاجتماعي”، ما يُعقّد مهمة الصحفي في إنتاج محتوى مستقل وموثوق.
فيما أكد محمود المملوك، رئيس تحرير موقع “القاهرة 24″، على ضرورة أن يذهب الصحفي أبعد من مجرد انتظار البيانات الرسمية، قائلاً إنه “بعد صدور البيان، يجب أن نطرح الأسئلة حول أهميته وتأثيراته ومدى فاعليته، وهو ما يميز الصحافة الاحترافية”.
وأشار إلى أن الأخبار تلعب دورًا حيويًا في تعزيز الاستثمارات، مؤكدًا أن هناك أخبارًا تساهم في جذب المعلنين وأخرى قد تؤدي إلى العكس.. موضحًا أنها تبرز التحديات التي تواجه الإعلام الرقمي في مصر.
ويُعقد المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين تحت شعار “دورة فلسطين.. طريق إلى التغيير”، ويهدف إلى مناقشة قضايا جوهرية تتعلق بواقع الصحافة ومستقبلها. يشهد المؤتمر مشاركة واسعة من الصحفيين والخبراء، ويتضمن جلسات تناقش التشريعات الإعلامية، الحريات الصحفية، التحول الرقمي، وأوضاع الصحفيين المادية والمهنية. كما يسلط المؤتمر الضوء على أهمية دعم الصحافة الفلسطينية، ويهدف إلى الخروج بتوصيات عملية لتعزيز دور الصحافة في المجتمع ومواجهة التحديات الراهنة.