ثائر نبيل يكتب : نوع من أنواع الفساد الجامعى
جرى العرف في هذا البلد، وربما غيره من البلاد، عمل تكتلات في بعض أقسام الجامعات. ومن المؤسف أن نجد هذه الظاهرة في بعض أماكن العمل المختلفة. يجد البعض في مثل هذا التكتل فرصة لتقوية مصالحهم الشخصية وتصبح شبكة لتبادل المصالح ولكنها في كثير من الأحيان تنقلب إلى تكتل يبطش بالآخرين من هم خارجها. وهذا الوضع من ِشأنه أن يظلم البعض فيما يخص جداول التدريس والترقيات على سبيل المثال كما يشجع على احتكار سوق ما سواء كان في نشر وبيع الكتب الدراسية أو ترجمة أعمال خارج أسوارالجامعه أو توزيع المنح والسفر فى مؤتمرات…الخ، على أفراد الشلة دون غيرهم.
وفي كثير من الأحيان يتم ظلم أعضاء هيئة التدريس من قبل الهيئة المعادية لمن ليسوا بهذا التكتل بل ويتنمرون بالأعضاء المعارضين لهم، ولسوء تصرفاتهم التي في كثير من الأحيان تكون ضد لوائح وقوانين الجامعات. وعندما يسود مثل هذا النوع من الظلم والبطش بأعضاء هيئة التدريس الشرفاء تسود المشاكل وتسود الروح السلبية بالقسم والكلية وبدلا من ان ينشغل الأستاذ بالعمل والتفاني في العمل ومساعدة طلابه، يتحول الى عضو غير منتج للأبحاث أو الى عضو يضيع وقته في كتابة الشكاوى فتتزايد المنازعات والخلافات.
وربما هذا الوضع ينعكس سلبا على طلاب الليسانس وطلاب الدراسات العليا. فكيف بالله عليكم يستطيع الأستاذ أن يقوم بمهامه التدريسية أو يقوم بعمل الأبحاث العلمية المنتظرة منه ويعطي للجامعه وهو نفسه مظلوم ومهان فى قسمه بينما زملائه الذين ربما يكونون أضعف منه أكاديميا وعلميا، لكن ينتمون للشلة، ينالون ترقياتهم بسهولة ويسر؟ بل ربما أيضا يتم إقصاء النابغين والمبدعين من قبل لجان الترقيات اذا تم التوصية بذلك من قبل بعض الأساتذة المنضمين الى التكتل ويكون المتضرر الأكبر الجامعة ومستوى الأبحاث وترتيب الجامعة في التصنيف العالمي للجامعات.
كما يتضرر الطالب من ظلم أعضاء التكتل وقلة كفاءتهم فى التدريس و ربما أيضا لقسوتهم عليهم وإعطائهم درجات دون المستوى الحقيقي أو الفعلي. ومما لا شك فيه أن هذا الوضع الشاذ ينعكمس سلبا على المجتمع الأكاديمي ككل من أساتذة حيث تسوء حالاتهم النفسية من جراء الظلم الواقع عليهم، وأيضا يتضرر العمداء ورؤساء الجامعات من كثرة الشكاوى والتحقيقات بدلا من التركيز على العمل والإبداع والتطوير.
ولا يتوقف الضرر عند حدود الجامعة بل المجتمع ككل فهناك من يرفع قضايا على من سلبوه حقه وتستمر سنوات في المحاكم فيستمر مسلسل استنزاف الأساتذة ماديا ومعنويا. ولهذا تجد الآف المحاكم مليئة بقضايا أساتذة الجامعات مرفوعة ضد من ظلموهم فلماذا لا نريح القضاة قليلا من مثل هذه القضايا الإدارية بإضافة بند أو بنود ضد أنواع الظلم المختلفة التي تترتب عن وجود كيان أو شلة فاسدة؟ وأن تكون هناك آليات داخل الجامعة من شأنها الفصل في هذه التجاوزات.
لذلك اقترح أن يضاف بند في لائحة الجامعات بشأن تجريم تكوين التكتلات داخل الأقسام أو في الكليات وإيجاد حلول رادعة لمثل من يقوم بتكوين التكتلات أو المنضمين إلى مثل هذه المجموعات التي تضر بمصلحة جميع من يعمل بالجامعه. فليكن الرادع تصاعديا يبدأ من التحقيق ولفت النظر إلى الإيقاف عن العمل لفترة محددة إلى الرفد النهائي.
وبما أن تحسين وتطوير الجامعات هما سبيل نهوض البلد. فأتمنى من رئيس الحكومة القدير ووزير التعليم العالي ورئيس المجلس الأعلى للجامعات دراسة هذا الوضع فورا وإضافة بعض اللوائح الجامعية لمنع ورفض التكتلات وأي مخالف للوائح. لقد ضج أساتذة الجامعات والهيئه المعاونه من الظلم والأضطهاد . فلابد من اختيار القائمين بالمناصب الرفيعة في الجامعات على أعلى مستوى من العدل والأخلاق والإدارة السليمة وليس فقط أعلى درجه أو لقب جامعى فالجامعة مليئة بأساتذه أجلاء قادرون على الاداره الحكيمه والرشيده من النساء والرجال: و”لتولوا أصلحكم”. مع العلم فإن من هو أفضل فى الاداره للقسم أو العماده أو رئاسة الجامعه أو حتى في موقع الوزير ليس بالضروره أن يكون أستاذا، كما هو معمول به في كثير من الجامعات بالخارج فمن الممكن أن يكون عميد غير حاصل على دكتوراه مثلا” طالما أدارى ممتاز وعادل ونزيه.