توترات القوقاز| مجلس الأمن يبحث تطورات الاشتباكات في قره باغ.. وأرمينيا تهدد بأسلحة تدمير واسع.. وتركيا تدعم أذربيجان بمرتزقة سوريين

يعقد مجلس الأمن الدولي، اليوم، اجتماعا طارئا مغلقا بمبادرة من ألمانيا وفرنسا، وتأييد إستونيا وبلجيكا وبريطانيا، لمناقشة التطورات في ناغورني قره باغ التي تشهد منذ نهاية الأسبوع الماضي معارك دامية.

وتزامنت الأحداث في الإقليم الانفصالي مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتثير مخاوف من حرب واسعة النطاق بين أذربيجان وأرمينيا في جنوب القوقاز، حيث تتنافس أنقرة وموسكو.

واستمرت المعارك خلال الليلة الماضية على عدة محاور من خط التماس في إقليم قرة باغ، في أعنف جولات الصراع منذ أكثر من ربع قرن، وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان لها، إن القوات الأرمنية حاولت استعادة المناطق التي خسرتها على محوري فضولي – جبرائيل وآغداره – تارتار، لكن الجيش الأذربيجاني تصدى لهذه المحاولات و”أجبر القوات المعادية على التراجع متكبدة خسائر كبيرة”.

وأعلنت أن قواتها شنت هجوما على محور مدينة فضولي الواقعة في المنطقة الخاضعة لسيطرة قوات “جمهورية قره باغ”، موضحة أنه منذ صباح اليوم، يواصل الجيش الأذربيجاني هجومه لتحرير مدينة فضولي”، مضيفة أنه تم تدمير أربع دبابات تابعة للقوات المسلحة الأرمنية هذا الصباح على محور فضولي – جبرائيل، وبات جزء من منطقة فضولي، بما في ذلك مدينة فضولي نفسها، تحت سيطرة الجانب الأرمني بعد معارك عام 1993.

كما أفادت وزارة الدفاع الأذربيجانية بأن محافظة داشكسان البعيدة عن ساحة العمليات العسكرية في إقليم قره باغ، تعرضت لقصف مدفعي أرمني.

وأوضحت الوزارة في بيان لها، أن القصف الذي انطلق من أراضي محافظة وأردنيس الأرمنية، بدأ في الساعة 07:30 صباح اليوم، مؤكدة أن الجيش الأذربيجاني سيتخذ “إجراءات جوابية مناسبة”.

وقالت الخارجية الأرمنية إن تصريحات باكو بشأن تعرض منطقة داشكسان لقصف من أراضي أرمينيا لا أساس لها من الصحة، وهي تشي بالتخطيط لبدء عمليات عسكرية ضد أرمينيا.

وأضافت في بيان لها اليوم: “نرفض بشدة بيان وزارة الدفاع الأذربيجانية بشأن قصف منطقة داشكسان من إقليم فاردينيس الأرمني. هذه المعلومات كاذبة وتشير إلى خطط أذربيجان لتوسيع جغرافية العمليات العسكرية، بما في ذلك شن عدوان على أرمينيا”.

وقالت وزارة الدفاع الأرمنية إن قواتها مضطرة لاستخدام أسلحة ذات تدمير واسع النطاق في حربها ضد أذربيجان في قره باغ، لافتة إلى أن “معارك متفاوتة الشدة مستمرة، مصحوبة بتمهيد مدفعي من جانب باكو”، مضيفة أن الوحدات الأرمنية صدت هجمات القوات الأذربيجانية في عدة مناطق من خط التماس”، وأن “العدو تكبد خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد في بعض المناطق، ودمرت  القوات الأرمنية مجموعة من المدرعات المعادية على المحور الجنوبي في ساعة مبكرة من صباح اليوم”.

واستمرت الاشتباكات بين القوات الأذربيجانية والأرمنية على خط التماس في قره باغ طوال الليلة الماضية، حسبما أكدت وزارتي الدفاع في البلدين.

وأعلن رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، الأحد الماضي، أن يريفان تعتزم النظر في قضية الاعتراف باستقلال “جمهورية قره باغ”، وقال في كلمة ألقاها في البرلمان: “نعم، يجب أن ننظر في مسألة الاعتراف باستقلال أرتساخ (التسمية الأرمنية لجمهورية قره باغ غير المعترف بها) هذا الموضوع مدرج في جدول أعمالنا، يجب أن نبحث ذلك بجدية بالغة، ونحن ننظر في جميع السيناريوهات لتطور الأحداث”.

ونقلت وكالة “رويترز” عن اثنين من المرتزقة السوريين، أن تركيا ترسل مرتزقة سوريين من المعارضة لمساندة أذربيجان في صراعها المتصاعد مع جارتها أرمينيا، ويتزامن هذا التصريح مع تعهد أنقرة بتكثيف دعمها لحليفتها أذربيجان ذات الأغلبية المسلمة في الحرب الدائرة حول قره باغ.

وذكرت الوكالة على لسان المرتزقة اللذين ينتميان لجماعات مسلحة معارضة في شمال سوريا تدعمها تركيا، إنهما في طريقهما إلى أذربيجان بالتنسيق مع أنقرة.

وأفيد بأن المرتزقة رفضا نشر اسميهما وذلك لحساسية الأمر، فيما علقت “رويترز” قائلة إنها لم تتمكن من التحقق من صدق روايتهما بشكل مستقل.

وقال أحدهما، وهو ينتمي لما تسمى جماعة أحرار الشام: “لم أكن أرغب في الذهاب، لكن ليس لدي أي أموال. الحياة صعبة للغاية والفقر شديد”، وصرح الرجلان بأن قادة الكتائب السورية أبلغوهما بأنهما سيتحصلان على حوالي 1500 دولار شهريا، وهو راتب كبير في سوريا ذات الاقتصاد المنهار بسبب الحرب.

وروى أحد الرجلين أنه رتب مهمته مع مسؤول لما يسمى “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا في عفرين، وهي منطقة في شمال غرب سوريا فرضت تركيا وحلفاؤها في المعارضة السورية السيطرة عليها قبل عامين، ولفتت الوكالة إلى أن متحدثا باسم “الجيش الوطني السوري”، لم يرد على طلب للتعليق.

وذكر الثاني، وهو من فصيل جيش النخبة التابع لما يسمى “الجيش الوطني السوري”، أنه أبلغ بأنه تقرر نشر ما يقرب من 1000 سوري في أذربيجان، في حين تحدث معارضون آخرون، رفضوا الكشف عن أسمائهم، عن أعداد تتراوح بين 700 و1000.

وتوقع المقاتلان “لرويترز”  في حديث سجل الأسبوع الماضي، إيفادهما في 25 سبتمبر لحراسة منشآت لكن ليس للقتال.

وكان سفير أرمينيا في روسيا قد أعلن في وقت سابق أن تركيا أرسلت نحو 4000 مقاتل من شمال سوريا إلى أذربيجان وأنهم يقاتلون هناك، وهو ما نفاه أحد مساعدي إلهام علييف رئيس أذربيجان.

وأعلنت أرمينيا كذلك أن خبراء عسكريين من تركيا يقاتلون إلى جانب أذربيجان في قره باغ، وأن أنقرة زودت باكو بطائرات مسيرة وطائرات حربية.

والتصعيد العسكري بين القوات الأرمنية والأذربيجانية الذي يشهده إقليم قره باغ حاليا، ليس إلا أحدث حلقات النزاع المستمر على مدى أكثر من 30 عاما، وإن كان أكثرها خطورة منذ هدنة 1994.

إقليم قره باغ الذي يسميه الأرمن “أرتساخ” ويعتبرونه جزءا من أرمينيا القديمة، دخل في قوام أراضي الإمبراطورية الروسية في بداية القرن الـ19، وبعد ثورة 1917 ألحق الإقليم في نهاية الأمر بجمهورية أذربيجان السوفيتية الفتية رغم اعتراض الأرمن الذين كانوا يشكلون أغلبية سكانه، ومنح نظام الحكم الذاتي.

وفي عام 1988، مع صعود النزعات القومية في الاتحاد الوفيتي المتهالك،  دعا المجلس التشريعي في قره باغ لنقل الإقليم إلى أرمينيا، لكن سلطات أذربيجان رفضت ذلك، فبدء التوتر في المنطقة يتفاقم إلى أن اندلعت اشتباكات بين الأرمن والأذربيجانيين تخللها مظاهر قتل وتدمير وتهجير.

وردا على إعلان قره باغ استقلالها عام 1991 أرسلت باكو قواتها إلى الإقليم المتمرد، لكن النجاح لم يكن حليفها وفقدت أذربيجان السيطرة على قره باغ و7 مناطق متاخمة له، قبل أن وقعت أرمينيا وأذربيجان وقره باغ على بروتوكول وقف إطلاق النار في مايو 1994.

ومنذ ذلك وقت يبقى الهدوء الهش سيد الموقف حول قره باغ، ويتخلله بين حين وآخر جولات من القتال، أبرزها ما أطلق عليه “حرب الأيام الأربعة” في أبريل عام 2016، وكذلك الاشتباكات التي وقعت على خط التماس في يوليو من هذا العام.

وخلال السنوات الماضية، لم تنل “جمهورية قره باغ” الاعتراف باستقلالها من أي دولة، بما فيها أرمينيا، التي تقدم لها المساعدات المختلفة والدعم الكبير وتدافع عن مصالحها في الساحة الدولية.

كما لا تشارك سلطات قره باغ في المفاوضات التسوية التي تجري برعاية “مجموعة مينسك” التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، والتي تضم روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، لأن أذربيجان لا تعترف بها كطرف في النزاع.

وتطالب أذربيجان بإعادة كل “الأراضي المحتلة” دون أي شرط، وتصر على عودة الأذريين النازحين من قره باغ و”المناطق المحتلة” المتاخمة له، والذين يقدر عددهم بنحو 600 ألف شخص، إلى مناطقهم الأصلية.

وقد أعلنت باكو مرارا عن استعدادها لاستعادة هذه الأراضي بواسطة القوة المسلحة، في حين تفرض تركيا حليفة أذربيجان، حصارا على أرمينيا، ومن بين الشروط التي تطرحها أنقرة لفتح الحدود مع أرمينيا تسوية الخلاف على الأراضي مع أذربيجان.

4 thoughts on “توترات القوقاز| مجلس الأمن يبحث تطورات الاشتباكات في قره باغ.. وأرمينيا تهدد بأسلحة تدمير واسع.. وتركيا تدعم أذربيجان بمرتزقة سوريين

اترك رداً على Aqcfjouddisee إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *