تقرير: عمليات صد المهاجرين عند الحدود الأوروبية “أضحت أكثر منهجية”
دويتشه فيله
يُجرى استخدام مصطلح “صد المهاجرين” بشكل كبير على نطاق واسع سواء من منظمات حقوقية أو مسؤولين حكوميين، ورغم ذلك، لا يوجد تعريف قانوني محدد لهذا المصطلح.
في تقرير صدر قبل عامين، حدد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق المهاجرين، فيليبي جونزاليس موراليس، عمليات “صد المهاجرين” باعتبارها أي “تدابير أو إجراءات أو سياسات تؤدي بشكل فعال إلى إبعاد المهاجرين بشكل فردي أو جماعي دون إجراء تقييم فردي بما يتماشى مع التزامات حقوق الإنسان وضمانات الإجراءات القانونية الواجبة”.
وأشار موراليس إلى أنه يمكن تنفيذ عمليات صد المهاجرين عن طريق عناصر من الشرطة أو حرس الحدود أو الجيش أو من خلال أطراف فاعلة غير حكومية مثل قوات شبه عسكرية وعناصر أمن خاصة وحتى موظفي النقل التجاري.
ورغم عدم تعريف مصطلح “عمليات صد المهاجرين” في القانون الدولي، إلا أنها تبدو متعارضة مع المبادئ الحقوقية الراسخة والالتزامات القانونية.
وفي سياق متصل، تجدر الإشارة إلى أنه يحق لدول الاتحاد الأوروبي مراقبة حدودها ورفض دخول الأفراد الذين يعبرون هذه الحدود بشكل غير قانوني.
بيد أنه باعتبارها طرفا موقعا على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 بشأن اللاجئين والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن هذه الدول ملتزمة أيضا باحترام عدد من التعهدات بما يشمل حظر الطرد التعسفي أو الجماعي والحق في طلب اللجوء ومنع مبدأ الإعادة القسرية الذي يحظر إعادة طالبي اللجوء إلى بلد قد يمثل خطرا على حياتهم.
كيف تتم عمليات صد المهاجرين؟
ويشير حقوقيون إلى أن هناك أشكالا عديدة لعمليات صد المهاجرين بداية من قيام أحد عناصر حرس الحدود بمنع فرد يرغب في عبور الحدود بهدف تقديم طلب لجوء ويمكن أن يتم منعه باستخدام العنف أو التهديد به سواء أكان جسديا أو لفظيا.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية قد نشرت في مايو الماضي لقطات مصورة تُظهر عمليات طرد غير قانونية بحق مجموعة من طالبي اللجوء بما في ذلك الأطفال في اليونان.
وكشفت اللقطات عن أنه في البداية جرى دفع هؤلاء الأشخاص لاستقلال شاحنة صغيرة مجهولة الهوية ثم وضعهم على متن قارب تابع لخفر السواحل اليوناني ثم إنزالهم في زورق طوارئ. وأضافت الصحيفة أنه في نهاية المطاف جرى القبض عليهم من قبل خفر السواحل التركي. ويوفر تحقيق نيويورك تايمز أدلة بصرية هي الأكثر وضوحا على عمليات صد المهاجرين.
وشملت عمليات صد المهاجرين حوادث مأساوية تتسم بالتعقيد وشملت أعدادا كبيرة من المهاجرين مثل واقعة مقتل 18 مهاجراً حاولوا عبور السياج الحدودي بين المغرب وإسبانيا في محاولة لدخول جيب مليلية الإسباني في يونيو الماضي.
وكشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية عن أنه خلال المناوشات والفوضى جرى طرد أكثر من 450 شخصا من الأراضي الإسبانية إلى المغرب.
وأفادت صحيفة الغارديان البريطانية في أواخر العام الماضي أن منظمة “شبكة مراقبة العنف على الحدود” غير الحكومية قالت إنها جمعت شهادات عن عمليات طرد غير قانونية طالت حوالي 25 ألفا منذ عام 2017.
وقالت ستيفاني بوب، الخبيرة في شؤون الهجرة في منظمة أوكسفام، إنه جرى توثيق عمليات صد المهاجرين في أماكن مختلفة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي خلال السنوات العشر الماضية بما ذلك نهر إيفروس بين اليونان وتركيا الذي تنتهي عنده حدود الاتحاد الأوروبي وأيضا الحدود الإسبانية المغربية عند جيب مليلية الإسباني.
ويشمل ذلك حدود بولندا مع بيلاروسيا وحدود المجر مع صربيا وحدود كرواتيا مع البوسنة والهرسك.
ولا يتوقف تنفيذ عمليات صد المهاجرين على الحدود البرية بل يشمل ذلك المياه إذ جرى اتهام السلطات اليونانية بصد قوارب تُقل مهاجرين وطالبي لجوء محتملين قبل أن تصل مياه الاتحاد الأوروبي، وفي سياق متصل، اتُهم خفر السواحل الإيطالي بدفع قوارب المهاجرين إلى المياه الليبية.
الجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي قد ابرام اتفاقيات مع ليبيا وتونس بموجبها يتم تقديم مساعدات مالية مقابل منع تجاوز حدود الاتحاد الأوروبي بشكل غير نظامي. ويدافع التكتل الأوروبي عن هذه الاتفاقيات بقوله إنها تعالج عمليات تهريب المهاجرين بما في ذلك منعهم من الانطلاق في رحلات محفوفة بالخطر بحرا إلى القارة الأوروبية.
مصير المهاجرين؟
وتشير بوب، الخبيرة في شؤون الهجرة في منظمة أوكسفام، إلى أن طالبي اللجوء المحتملين الذين يتم إبعادهم، يواجهون في الوقت الحالي خيارات صعبة فيما يعتمد صعوبة ذلك على مكان تواجدهم.
وأضافت “في اليونان، غالبا ما يستمر المهاجرون واللاجئون في محاولة دخول الاتحاد الأوروبي. وقد ينجح البعض، لكن البعض الآخر يجد نفسه في تركيا في نهاية المطاف أو يتم إعادتهم إلى مراكز الاحتجاز اللييبة. هناك تقارير تفيد باستمرار استعباد المهاجرين وتعرضهم لجرائم اغتصاب وتعذيب وابتزاز”.
بدورها، قالت هناء حقيقي، المستشارة القانونية في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، وهو منظمة غير حكومية، إنه لا يمكن التأكيد على عدد طالبي اللجوء الذين لقوا حتفهم بعد إبعادهم من الحدود.