تقرير حقوقي: البنك الأوروبي يتورط في دعم الأنظمة الاستبدادية ويواجه تحديات تتعلق بالتزامه بحقوق الإنسان
ليزلي بيكمال: مصر مثال صارخ على عدم الامتثال للتفويض السياسي للبنك الأوروبي بدليل عشرات الآلاف من السجناء السياسيين
شدد تقرير حقوقي جديد على البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ضرورة دعم حقوق الإنسان وسيادة القانون والحكم الديمقراطي، لافتا إلى أن البنك تورط في دعم وتقديم القروض لبعض الأنظمة الاستبدادية.
ووفقًا للتقرير الصادر من بعض مجموعات المجتمع المدني، قبيل الاجتماع الـ 30 للمساهمين في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، واجه البنك صعوبات في منع إقراض أنظمة استبدادية مليارات اليورو، وتورط في دعم وتقديم القروض لبعضها.
وأشار التقرير إلى أن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، الذي تأسس عام 1991 لإعادة بناء اقتصادات أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق، وتوسّع منذ ذلك الحين ليشمل شمال إفريقيا، «لا يزال البنك الوحيد من نوعه الذي يتمتع بتفويض لتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون».
وأوضح التقرير أن استثمارات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية وصلت في العام الماضي إلى مستوى قياسي بلغ 11 مليار يورو، كان لتركيا ومصر النصيب الأكبر منها، و«هما بلدان يتراجع فيهما احترام حقوق الإنسان والحكم الديمقراطي».
ولفت التقرير إلى أن «البنك الأوروبي» نظريًا، يتبع نظرية «الأكثر مقابل الأكثر، الأقل مقابل الأقل»، ممّا يعني أن حجم الاستثمار ينخفض بتدهور الحريات، إلّا أنه على أرض الواقع، ضاعف البنك تقريبًا استثماراته في تركيا من مليار يورو في 2019 إلى 1.7 مليار يورو في 2020 وذلك رغم ما تشهده من أزمة حقوق متفاقمة وتآكل هائل للحريات المدنية.
ويتقصى التقرير حول القروض المصرفية في البلدان التي تعاني أدنى مستويات احترام الديمقراطية، وهي بيلاروسيا ومصر وتركمانستان وتركيا وأوزبكستان. كما يتساءل التقرير في دراسة حالة عن أوكرانيا عن نهج البنك الأوروبي في الاستثمار في القطاع الخاص هناك.
ويقدّم التقرير دلائل عن طبيعة عملاء البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، المستفيدين من ضعف سيادة القانون والأنظمة القضائية المختلة والامتيازات والمحسوبية الرأسمالية في إصدار التصاريح السريعة والاحتكارات القطاعية والإعفاءات الضريبية والمنح الحكومية وجميع أنواع تدخلات الدول لصالح متلقي القروض.
وأكد التقرير أن إجراءات مصادرة بعض الدول – محل دراسة التقرير- لأراضي الفلاحين المعدمين تسببت في تعريضهم لاستغلال الشركات الجديدة، بالإضافة إلى ممارسات الشرطة في قمع الاحتجاجات ضد الأوليغارشية، بينما يتم توظيف القضاء غير المستقل لترهيب الأصوات الناقدة من خلال دعاوى قضائية تستهدف التضييق على المنخرطين في الحياة العامة.
وشددت ليزلي بيكمال، مسئولة مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان لشئون المناصرة الدولية لدى الاتحاد الأوروبي، على أنّه يجب على البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن ينفذ مبدأ «الأكثر مقابل الأكثر، الأقل مقابل الأقل».
وقالت بيكمال: «لعل مصر مثال صارخ على عدم الامتثال للتفويض السياسي للبنك الأوروبي، بدليل عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، والاستخدام الممنهج للتعذيب، والإخفاء القسري المتكرر».
وأضافت أنه يجب على البنك استثمار رأس المال السياسي لدعم حقوق الإنسان وسيادة القانون والحكم الديمقراطي، التزامًا بتفويضه وحمايًة لاستثماراته التي تزيد عن 7 مليار يورو في مصر.
من جانبها، قالت فيدانكا ماكغراث، مسئولة سياسات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في شبكة مراقبة البنوك في أوروبا الوسطى والشرقية، إنه «يمكن وينبغي على البنك الأوروبي أن يفعل المزيد لتعزيز الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان».
وأضافت: «نحن ندعو البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية إلى تحسين حواره بشأن السياسات مع الحكومات الاستبدادية، لتعزيز عمليات فحص النزاهة وتطبيق ضماناته الخاصة بحقوق الإنسان».
وذكرت كيت واترز، المديرة التنفيذية لمؤسسة «Crude Accountability»: «لقد فشلت 30 عامًا من التعامل مع نظام استبدادي مثل تركمانستان في إنتاج اقتصاد حرّ، أو التعددية، أو الإصلاحات الديمقراطية؛ لذا أدعو البنك الأوروبي إلى العودة بصدق وجدية للمادة (1) كمبدأ أساسي للمشاركة التركمانية ومحاسبة الحكومة على انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان».
فيما قالت اوميدا نيازوفا، المديرة التنفيذية للمنتدى الأوزبكي لحقوق الإنسان، إن استثمارات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في قطاع القطن في أوزبكستان «تدعو للقلق».
وأشارت نيازوفا إلى أن الشركات التي ارتبطت تاريخيًا بانتهاكات خطيرة لحقوق العمال، بما في ذلك العمالة القسريّة للأطفال والبالغين، مُنحت قروضًا بملايين الدولارات دون بذل العناية الواجبة الاجتماعية والبيئية. «لذا ثمة ضرورة لمزيد من الضوابط والتوازنات قبل الموافقة على الأموال، خاصّة في بلد يتعرّض فيه المجتمع المدني والنقابات العمالية المستقلة لقيود خطيرة».
يذكر أن التقرير تم إعداده من قبل شبكة مراقبة البنوك في أوروبا الوسطى والشرقية، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، حملة القطن، Crude accountability ، Counter balance والمنتدى الأوزبكي لحقوق الإنسان، بدعم من حملة المدافعين عن التنمية. وحمل التقرير عنوان «لا وقت للاحتفال: ثمة حاجة لتقدّم في مجال حقوق الإنسان بعد 30 عامًا من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية»