تقرير: تراجع توريدات القمح المحلية يضغط على فاتورة الاستيراد في مصر.. والمخزون يغطي 4.7 أشهر
الشرق/ بلومبرج
دفعت أزمة الأعلاف، وتراجع المساحة المزروعة بالقمح في مصر، إلى منافسة القطاع الخاص لأسعار التوريدات التي أعلنتها الحكومة، وهو ما تسبب في تراجع الكميات الموردة إلى وزارة التموين المصرية بنحو 10% خلال موسم 2023 مقارنة بالعام الماضي.
تلك الضغوط دفعت الحكومة لزيادة مشترياتها الخارجية وخاصة من روسيا بنحو 58% منذ بداية العام في ظل صعوبات تحقيق المستهدف من التوريد المحلي.
مصر، التي تعد من بين أكبر مستوري القمح في العالم، رفعت أسعار توريد إردب القمح “الإردب يعادل 150 كيلوجراما” إلى 1500 جنيه في الموسم الأخير مقابل ألف جنيه في موسم 2022 “الدولار= 30.95 جنيه”، ألا إن ذلك لم يشفع لها أمام المزارعين الذين لجأ بعضهم للبيع للقطاع الخاص أو الاحتفاظ بكميات كبيرة للاستخدام الشخصي أو كبديل لأعلاف الماشية.
ولم تعلن أي من وزارتي التموين أو الزراعة حتى هذه اللحظة عن الكميات النهائية الموردة من الفلاحين لموسم 2023، الذي انتهى قبل شهر تقريباً، أو المساحات المزروعة، لكن وثيقة حكومية أطلعت عليها “اقتصاد الشرق”، أشارت إلى أن الكميات المستلمة محلياً بلغت 3.4 مليون طن مقابل 3.8 مليون طن في موسم 2022.
يبدأ موسم زراعة القمح في منتصف شهر نوفمبر حتى نهاية شهر يناير، في حين يبدأ موسم الحصاد من منتصف أبريل حتى منتصف يوليو.
بحسب تقرير الهيئة العامة للاستعلامات في مايو الماضي، بلغت المساحة المزروعة بالقمح في موسم 2022-2023 نحو 3.2 مليون فدان، مقابل ما يصل إلى 3.65 مليون فدان في موسم 2021-2022 بحسب تصريحات صحفية لوزير الزراعة الحالي في أبريل 2022.
لم تلزم الحكومة الفلاحين في موسم 2023 بتوريد كميات محددة من القمح على غرار الموسم السابق، رغم تراجع المساحة المزروعة.
لم ترد أي من وزارتي الزراعة والتموين على طلبات متكررة من “اقتصاد الشرق” للتعليق عن أسباب تراجع توريد القمح من المزارعين للحكومة أو بيانات المساحات المزروعة.
لكن مسؤولاً حكومياً أبلغ “اقتصاد الشرق” أن سبب تراجع المساحة المزروعة بالقمح في موسم 2023 يرجع إلى “التوسع في مدخلات صناعة الأعلاف على حساب القمح”.
في حين أجمع مزارعون تحدثت معهم “اقتصاد الشرق” في عدد من محافظات مصر، على أن من أهم أسباب تراجع التوريد للحكومة هذا الموسم هو قيام بعضهم بالبيع لتجار القطاع الخاص بأسعار تزيد عن الأسعار الحكومية بنحو 200 جنيه، بجانب أزمة الأعلاف.
عبد السلام فراج، مزارع من الجيزة شمال مصر، يقول هذا الموسم قمت ببيع جزء كبير من محصولي لتجار القطاع الخاص بسعر 1700 جنيه للإردب، واحتفظت بالجزء الباقي لاستخدامه في المنزل، تجار القطاع الخاص يقومون ببيع ما يحصلون عليه منا إلى مطاحن القطاع الخاص ومصانع الأعلاف والمزارع السمكية في ظل عدم توافر الدولار اللازم للاستيراد.
وتعاني مصر من أزمة نقص العملات الأجنبية، وهو ما تسبب في انخفاض قيمة الجنيه رسمياً بأكثر من 50% أمام الدولار بعد تحريك سعر الصرف الرسمي لثلاث مرات منذ مارس 2022.
نقيب عام الفلاحين بمصر حسين عبد الرحمن أبو صدام، أرجع في حديثه مع “اقتصاد الشرق” ضعف إقبال الفلاحين على توريد القمح للحكومة موسم 2023، إلى قيامهم بتخزينه نظراً لتراجع سعره بالنسبة لأسعار بقية الحبوب وقيام البعض باستخدامه كبديل لحبوب تغذية الماشية مرتفعة السعر كالذرة.
أبو صدام، أضاف أن معدلات توريد القمح انخفضت أيضاً بسبب استخدام القمح في صنع الخبز المنزلي واتجاه البعض إلى تخزينه بالمنازل بدلاً بيعه.
يُذكر أن أسعار الحبوب شهدت قفزة قوية بالتزامن مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا وانقطاع الإمدادات القادمة من البلدين بسبب ظروف الحرب، وهو ما حدّ من عمليات استيراد الحبوب حينها، لكن مصر عاودت الاستيراد بقوة هذا العام ليصل إجمالي فاتورتها الخاصة بهيئة السلع التموينية من يناير وحتى الآن 4.1 مليون طن بزيادة نحو 58% عن نفس الفترة من العام الماضي، بحسب وثيقة حكومية أطلعت عليها “اقتصاد الشرق”.
يكفي مخزون القمح المصري لتغطية 4.7 أشهر من الاستهلاك المحلي حسب بيانات وزارة التموين المعلنة نهاية أغسطس الماضي، بينما تكفي مخزونات الزيت النباتي لمدة 3.9 أشهر.
وفي العام الماضي، تحولت مصر إلى الشراء بالأمر المباشر بعد أن أعاقت الحرب في أوكرانيا مشترياتها، وتحصل مصر مؤخراً على أغلب الكميات من روسيا دون الإعلان عن أسعار التعاقد.