تفاصيل الأزمة| المحامون يحتجون على “الفاتورة الألكترونية”.. وتلويح بالتصعيد: المواطن ليس سلعة والمحامي ليس “مُحصل”
كتب – أحمد سلامة
نظم عدد كبير من المحامين وقفات احتجاجية، اليوم الخميس، أمام مقر النقابة العامة، بوسط القاهرة، وعدد من النقابات الفرعية بالمحافظات رفضًا لتطبيق نظام الفاتورة الإلكترونية.
وتأتي الوقفة الاحتجاجية بعد أيام مما أعلنته النقابة العامة للمحامين، الاثنين الماضي، حيث أكدت رفضها لما أسمته “التسجيل القسري” للمحامين في منظومة الفاتورة الإلكترونية، غير أنها طالبت بإرجاء الحديث عن أية إجراءات تصعيدية من قبل الجمعيات العمومية للنقابات الفرعية، وذلك عقب اجتماع النقيب، عبد الحليم علام، ونقباء النقابات الفرعية.
حول أزمة “الفاتورة الألكترونية” يتحدث علي سليمان، المحامي بالنقض، ويشرح أبعاد المشكلة بالقول إن “الدولة تتعامل مع المحامي على اعتبار أنه يتعامل مع سلعة وليس مع مواطن له الحق الدستوري في التقاضي، المواطن له حق التقاضي مجانا، حينما نظرت الدولة إلى هذا المواطن تعاملت معه باعتباره سلعة وتعاملت مع المحامي باعتباره (مُحصل) سيقوم بتوريد الضريبة إليها”.
ويضيف علي سليمان “حينما نقارن الوضع نفسه، نجد أن الدولة أعفت المريض من ضريبة القيمة المضافة عندما يذهب إلى الطبيب.. أليس من حق المواطن أن يُعفى من الضريبة في حق التقاضي؟!”.
وعن مشكلات عملية التحصيل نفسها، قال سليمان لـ”درب”: عملية تحصيل الضريبة في ذاتها فيها مشكلات كتير، كنا اتفقنا مع الدولة على سداد القيمة المضافة مقدما أثناء رفع الدعوى، إن كانت القضية جزئية يتم سداد 20 جنيه، وإن كانت ابتدائية يتم سداد 40، وفي النقض 200 جنيه.. هذا مبلغ مقطوع يعني سداد القيمة المضافة مقدما، وهذا بروتوكول كان وقعته النقيب السابق سامح عاشور، لكن النقباء بعد ذلك لم يتمكنوا من تجديد هذا البروتوكول فأصدرت الدولة قرارها بتسديد القيمة المفاضة عن طريق الفاتورة الألكترونية ونسبتها 14% من قيمة الأتعاب.
ويضيف سليمان “بالإضافة لهذا، الدولة طلبت إني ادخل على موقع هي دشنته علشان أسجل نفسي على هذا الموقع، والمحامي علشان يسجل نفسه لازم يسدد ما يقرب من 7500 جنيه، ثانيا طُلب مني إني أعمل فاتورة ألكترونية، ودي نقطة مش مفهومة هل هو هيعطيني جهاز في المكتب يسدد عن طريقه؟!! هذا الجهاز وحده يتكلف نحو 30 ألف جنيه.. هذا القرار شديد الغموض وليس فيه كلام واقعي أو منطقي قابل للتنفيذ.
وأضاف علي سليمان “المحامون يتعاملون مع رسالة التقاضي وليس مع سلعة حتى تصمم الدولة على الفاتورة الألكترونية.. حاليا يتساءل المحامون ما الذي تقدمه لنا الدولة، المعاش أصرفه من نقابتي، الرعاية الصحية مقدمة من النقابة، ممنوع علي الحصول على بطاقة تموين.. وبالتالي أنا لا أستفيد بشكل مباشر من الضريبة التي تصر عليها الحكومة.. كل ذلك بخلاف الضريبة العامة (ضريبة المهن الحرة) التي نقوم بسدادها”.
يسترسل سليمان “الحقيقة أن المحامين في الفترة الماضية اصطدموا بمجموعة قرارات تصدر من رؤساء المحاكم بفرض رسوم إضافية على أمور ليس عليها رسوم وتفرض بتعليمات من رؤساء المحاكم، على الرغم من أن الرسوم لا تفرض إلا بقانون وفقا للدستور”.
وضرب سليمان مثلا لذلك بالقول “أنا دلوقتي كمحامي مفروض عليا رسوم على كل ورقة أقوم بتصويرها، ومفروض عليا رسوم على كل ورقة أتقدم بها في مستندات القضية.. كل هذه الأمور تجمعت مع بعضها لتشكل أزمة كبيرة للمحامين”.
خلال يوم أمس الأربعاء، التقى عبد الحليم علام، نقيب المحامين، رئيس اتحاد المحامين العرب، الدكتور محمد معيط وزير المالية، بحضور مجدي سخي وكيل النقابة، ومحمود الداخلي أمين عام النقابة، ومن مصلحة الضرائب المصرية، مختار توفيق رئيس المصلحة، ورشا عبد العال معاون رئيس المصلحة، بشأن مشاكل التطبيق بالتسجيل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية.
ثم جاء اجتماع مجلس النقابة العامة والنقابات الفرعية على ضوء اجتماع النقيب مع وزير المالية، محمد معيط، ورئيس مصلحة الضرائب، لمناقشة المسألة، والذي انتهى ببيان من النقابة يعلن الفشل في الوصول لحل للأزمة، ما دفع النقابات الفرعية لاتخاذ إجراءات تتجاوز مجرد رفض الفاتورة الإلكترونية.
المحامون المشاركون في الوقفات الاحتجاجية رفعت لافتات كتب عليها: “أنا محامي أرفض الفاتورة الإلكترونية”، و”المحامي فكرة وليس سلعة”، و”جموع محامين مصر.. نسعي لتوصيل مطالبنا المشروعة”، و”وقفة احتجاجية سلمية”.
ودوت هتافات المحامين أرجاء النقابة، مرددين: “أنا مش واقف ضد الدولة.. المحامي ابن الدولة”، و”المحامي جوه الصورة إحنا رافضين الفاتورة”، و” العدالة مش تقاضى .. العدالة محامي وقاضى”.
وطالب المشاركون في الوقفة الاحتجاجية بمقر النقابة العامة، نقيب المحامين، بالانضمام لوقفتهم الإحتجاجية، فيما شارك عدد من أعضاء مجلس النقابة العامة.
وقال وزير القوي العاملة الأسبق وعضو لجنة العفو الرئاسي كمال أبو عيطة، الذي شارك في الوقفة أمام النقابة، إن قرار مصلحة الضرائب بإلزام المحامين بالتسجيل فى منظومة الفاتورة الإلكترونية “ليس له سند قانوني”، متساءلا “هل يريدون تحويل المهنة إلى سلعة؟!.. إذا أصبحت المهنة سلعة فسوف يحين وقت ولن يستطيع أن يدفعها إلا القادرون”.
في محافظة المنوفية نظم المحامون وقفات داخل المحاكم؛ وقرروا عدم التعامل مع خزائن كافة المحاكم، مشيرين إلى أن هذا الإجراء دعم للنقابة العامة.
وقال نقيب محامي بورسعيد صفوت عبد الحميد، إنه سيتم غلق جميع مكاتب المحامين ليلا وعدم العمل أو التعامل مع موكليهم فى الفترة المسائية، كما أشار الى أن التصعيد للموقف يبدأ من السبت القادم.
فيما أعلنت النقابة اعتبار مجالس النقابات الفرعية على مستوى الجمهورية في حالة انعقاد دائم، إلى أن يتم إصدار القرارت الوزارية في شأن عدم تسجيل المحامين بنظام الفاتورة الإلكترونية.
المحامي محسن بهنسي شدد على أن المطلب الوحيد للوقفة هو إلغاء الفاتورة الإلكترونية، مُضيفًا: “احنا أصحاب رسالة، مش مقاولين عشان يتفرض علينا جباية”، مشيرًا إلى أن مجلس النقابة العامة يحاول التسويف في حل الأزمة بالتزام النقيب مكتبه بدعوى تشكيل لجنة لدراسة الأمر، ومضيفا “مش عايزين دراسة، الطلب هو الإلغاء”.
ولفت بهنسي إلى أنه في حال لم تستجب النقابة ووزارة المالية لمطالب المحامين بعد وقفة اليوم، فالجمعية العمومية للمحامين لديها خيارات تصعيدية قد تصل إلى الإضراب العام أو الاعتصام داخل النقابة.