تعقيدات الاقتصاد العالمي| الحكومة تعقد اجتماعًا لـ”تعزيز احتياطات النقد الأجنبي”.. وترقب دولي بسبب موجة منتظرة لـ”رفع الفائدة” بأمريكا وأوروبا
كتب – أحمد سلامة
تحركات اقتصادية متسارعة يشهدها المجتمع الدولي خلال الآونة الأخيرة، فيما تشير المؤشرات إلى استمرار وتيرة التذبذب الاقتصادي في العديد من الدول، وهو ما ينعكس على أداء الاقتصاد المصري.
ففي وقت ينتظر فيه العالم “موجة” من رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وأوروبا، تحاول الحكومة المصرية تعزيز موقفها حرصًا على الاحتياطي النقدي، خاصة في ظل ما يعانيه الاقتصاد بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية التي دفعت إلى موجة تضخمية كبرى.
وعقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء الاثنين، اجتماعا لمتابعة جهود تعزيز الاحتياطي من النقد الأجنبي، بحضور حسن عبدالله، محافظ البنك المركزي، و د. هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، و وزير المالية الدكتور محمد معيط.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الاجتماع جاء في إطار المتابعة الدورية لملف تعزيز احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي سواء على المدى القصير أو المدى الطويل؛ وذلك في ضوء ما تشهده الأسواق العالمية من موجات تضخمية صعودية ناتجة عن الأزمة الروسية-الأوكرانية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي استمرار التنسيق بين الحكومة والبنك المركزي من أجل ضمان توفير الموارد الدولارية اللازمة لتأمين السلع الأساسية، وكذا مستلزمات الإنتاج.
وقال مدبولي إن “الدولة لديها خطة على عدد من المحاور لتأمين احتياجات البلاد من النقد الأجنبي حتى نهاية العام المالي الجاري، إلى جانب تنفيذ مستهدفات الخطة العاجلة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية من خلال “اللجنة العليا للأداء الاقتصادي”.
في المقابل، ينعقد، اليوم الثلاثاء، الاجتماع الأخير خلال العام للفيدرالي الأمريكي، والذي سيمتد ليومين، حيث من المنتظر أن يوافق من خلاله صانعو السياسة النقدية على رفع الفائدة للمرة السابعة على التوالي وهذه المرة بمقدار 50 نقطة أساس لتصل المعدلات إلى 4.50%.
وبعد أربع اجتماعات تم إقرار رفع الفائدة خلالها 75 نقطة أساس تتوقع الأسواق أن يكون اجتماع ديسمبر نقطة تحول في سياسة الفيدرالي في رفع الفائدة وذلك بناء على تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الأخيرة والتي أشار من خلالها إلى أن سيكون مناسباً إبطاء وتيرة رفع الفائدة بدءًا من ديسمبر الحالي.
وما زالت الضبابية تسيطر على الأسواق خاصة أن “باول” في آخر اجتماع للسياسة النقدية أشار إلى أن معدلات الفائدة ستكون أعلى مما كان متوقعا في وقت سابق مما يشير إلى أن ذروة معدلات الفائدة لن تستقر في مارس. أما معدلات التضخم فمن المنتظر الثلاثاء صدور الأرقام والتي من المتوقع أن تظهر تباطؤ في القراءة إلى مستويات 7.3% في نوفمبر من 7.7% لتكون بذلك وتيرة التراجعات للشهر الخامس على التوالي مما قد يؤكد أن التضخم في أمريكا وصل إلى ذروته.
في غضون ذلك، وبحلول يوم 15 ديسمبر، فإنه من المنتظر صدور العديد من قرارات البنوك المركزية في أوروبا من ضمنها البنك الوطني السويسري والمركزي الأوروبي إضافة إلى بنك إنكلترا.
ومن المتوقع أن يرفع البنك البريطاني الفائدة 50 نقطة أساس لتصل المعدلات إلى 3.50% وذلك لمكافحة معدلات التضخم والتي وصلت إلى مستويات 11.1% في نوفمبر، حيث من المرتقب أيضا أن تشهد الأسواق الأربعاء وقبل يوم واحد من قرار البنك صدور بيانات التضخم لشهر نوفمبر والتي تشير إلى تباطؤ القراءة إلى 10.9% مما قد يشير إلى أن معدلات التضخم وصلت إلى ذروتها. وكان بنك إنكلترا خلال اجتماعه الأخير قد رفع الفائدة 75 نقطة أساس بأكبر وتيرة منذ 1989 لتصل المعدلات إلى قمة 2008 بهدف السيطرة على التضخم.
أما المركزي الأوروبي فمن المقرر أن يعلن البنك عن رفع الفائدة 50 نقطة أساس في آخر اجتماعاته للعام إلى مستويات 2% من 1.50% بهدف مكافحة معدلات التضخم التي وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، وكان البنك قد أعلن خلال اجتماعاته السابقة عزمه الاستمرار في رفع الفائدة رغم مخاوف الركود التي تسيطر على اقتصاد المنطقة. ووصلت معدلات الفائدة في أوروبا إلى أعلى مستوياتها منذ 2009 مع رفع المركزي الفائدة في الاجتماع الأخير. وما زال طريق المركزي الأوروبي الأكثر ضبابية خاصة مع عدم جزم اللجنة حول توجهاتها المستقبلية حول قرار الفائدة على المدى البعيد مما يعطي مزيد من التركيز لكلمة رئيسة البنك كريستين لاغارد والتي ستقوم بالتعليق على قرار رفع الفائدة من خلال مؤتمر صحفي.
وخرجت من مصر استثمارات أجنبية غير مباشرة بلغت 20 مليار دولار في أول 4 شهور من العام الجاري، بحسب تصريح للدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري.
وفي أغسطس الماضي، قال الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل، إن البنك المركزي المصري قد يتجه إلى تحريك أسعار الفائدة أو خفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار أو الاثنين معا، لمواجهة قرار البنك الفيدرالي الأمريكي -آنذاك- بزيادة سعر الفائدة 75 نقطة أساس، وذلك للحفاظ على ما تبقى من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في مصر، والحفاظ كذلك على قدرته على الاستدانة من الخارج، وهي ضرورية في الوقت الحالي لسداد الالتزامات الدولية الخارجية والتي تقدر بـ60 مليار دولار خلال العام المالي 2022/2023.
وعلّق على ذلك الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادي، بالقول إن “اتجاه الفيدرالي الأمريكي لتشديد السياسة النقدية أدى إلى: أولا، خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة من الأسواق الناشئة ومنها مصر إلى الأسواق الأمريكية، بقيمة تجاوزت 20 مليار دولار. ثانيًا، تراجع قيمة سعر صرف الجنيه والذي يقترب من 19 جنيه أمام الدولار، ومتوقع أن يستمر في الانخفاض خلال الفترة المقبلة مثل باقي العملات في الأسواق الناشئة مثل تركيا والبرازيل وعملات الدول المتقدمة مثل اليورو والاسترليني”.
وتابع بالقول: “ثالثا، ارتفاع سعر الفائدة في مصر إلى 12.5% في البنك المركزي، ورابعا، ضعف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وخامسا ارتفاع تكلفة الاقتراض من الخارج لمصر، وسادسًا تراجع البورصة المصرية بشكل كبير جراء الانسحاب الكبير من الاستثمارات الأجنبية والعربية”.
الموجة المنتظرة من “رفع الفائدة” تترقبها جميع الأسواق الناشئة وتنظر إليها بحذر، وتسعى إلى تلافي تأثيراتها السلبية خاصة على مستوى ما يتعلق بخروج الاستثمارات.. فماذا سيكون الأثر على الاقتصاد المصري؟