تطورات سد النهضة| جولة مفاوضات جديدة غدا.. وتضامن مصري مع السودان بعد انهيار سد بوط.. ودعوات للإسراع باتفاق ملزم
يبدأ وزراء المياه والري في مصر والسودان وإثيوبيا، غدا الإثنين، جولة جديدة من مفاوضات عبر الفيديو كونفرانس، بشأن قضية سد النهضة، تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، وبحضور خبراء ومراقبين أمريكيين ومن المفوضية الأوروبية ومكتب الاتحاد الإفريقي.
وأعلنت وزارة الموارد المائية والري، في نهاية شهر يوليو الماضي، انتهاء أول اجتماعات الجولة الثانية من المفاوضات، استكمالاً للمفاوضات للوصول إلى اتفاق ملزم بخصوص ملء وتشغيل السد.
وأكدت وزيرة التعاون الدولي والشئون الخارجية لجنوب إفريقيا، ضرورة الوصول إلى اتفاق ملء وتشغيل يقود في مرحلة لاحقة إلى اتفاق شامل بشأن التنمية بالنيل الأزرق، كما أعربت دولتا المصب (مصر والسودان) عن شواغلهما إزاء الملء الأحادي لإثيوبيا، الأمر الذي ألقى بظلاله على الاجتماع وأثار تساؤلات كثيرة حول جدوى المسار الحالي للمفاوضات، والوصول إلى اتفاق عادل للملء والتشغيل، وهو ما سبق وحذرت منه الدول، وأشارت السودان إلى بعض العواقب الناجمة عن هذا التصرف الأحادى.
وقالت الوزارة إن الاجتماع خلص إلى ضرورة إعطاء الفرصة للدول الثلاث لإجراء المشاورات الداخلية في ظل التطورات الأخيرة، في إطار السعي نحو التوصل لحلول للنقاط العالقة الفنية والقانونية واتفق الوزراء على معاودة عقد الاجتماع غدا.
وهنأت رئيسة إثيوبيا سهلي ورق زودي، مواطنيها بمناسبة الانتهاء من التعبئة الأولى لسد النهضة، حسبما أفادت وكالة الأنباء الإثيوبية (إينا)، قائلا إنه “يوم تاريخي لإثيوبيا والإثيوبيين”، وأضافت: “أحلامنا تتحقق، لا شيء مستحيل إذا توحدنا نحو هدف مشترك”.
وفي وقت سابق، شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة مصغرة لرؤساء الدول الأعضاء بهيئة مكتب رئاسة الاتحاد الإفريقي عبر الفيديو كونفرانس، لمناقشة نتائج الاجتماعات الفنية والقانونية التي عقدت مؤخراً حول السد برعاية الاتحاد الأفريقي، برئاسة الرئيس الجنوب إفريقي والرئيس الحالي للاتحاد سيريل رامافوزا، وبحضور أعضاء المكتب الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، والرئيس المالي إبراهيم أبو بكر كيتا، والرئيس فيلكس تشيسيكيدي رئيس جمهورية الكونجو الديمقراطية، بالإضافة إلى مشاركة رئيس وزراء السودان عبدالله الحمدوك، ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد.
وأكد الرئيس استمرار الرغبة الصادقة لدى مصر لتحقيق تقدم على صعيد القضايا الخلافية، التي تعد جوهرية في أي اتفاق عادل ومتوازن يتم التوصل إليه بشأن سد النهضة، مشدداً على أن الأمر يتطلب توافر الإرادة السياسية للتوافق حول تلك القضايا العالقة، بما يعزز فرص وجهود التوصل للاتفاق المنشود، ويدعم بناء الثقة والتعاون لتحقيق المصلحة المشتركة بين الدول الثلاث.
وتم التوافق في ختام القمة على مواصلة المفاوضات والتركيز في الوقت الراهن على منح الأولوية لبلورة اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، على أن يتم لاحقاً العمل على بلورة اتفاق شامل لكافة أوجه التعاون المشترك بين الدول الثلاث فيما يخص استخدام مياه النيل.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، إن إثيوبيا أنجزت العام الأول من ملء خزان سد النهضة بفضل موسم الأمطار، وأضاف في بيان على “تويتر”: “الماء يفيض بالفعل عن السد تحت الإنشاء، وإثيوبيا ستجري المزيد من المحادثات مع مصر والسودان بخصوص المشروع”.
وأثارت السيول التي اجتاحت بعض مناطق وسط السودان والانهيارات المفاجئة لسد في ولاية النيل الأزرق جنوب شرقي البلاد، تساؤلات حول علاقتها بالتقدم الذي حدث في مشروع سد النهضة الإثيوبي الذي يقام على مسافة أقل من 100 كيلومتر من الحدود السودانية.
وأعربت وزارة الخارجية عن تضامنها مع السودان إثر حادث انهيار السد، مؤكدة وقوف مصر جنباً إلى جنب مع الأشقاء في السودان لمواجهة تداعيات هذا الحادث، من منطلق الروابط الأخوية التى تربط شعبي وادي النيل والعلاقات التاريخية ووحدة المسار والمصير التى تجمع البلدين.
واستبعد خبراء أن يكون لانهيار السد المحلي الصغير في السودان أو السيول التي اجتاحت مناطق أخرى علاقة بمرحلة الملء الأولي لسد النهضة والتي اكتملت قبل أقل من أسبوعين، إلا أنهم أشاروا إلى أن احتمال حدوث تأثيرات مستقبلية على السودان من السد الإثيوبي يستدعي ضرورة التوصل إلى اتفاق تشغيل ملزم يمنع أي تأثيرات سلبية.
وأوضحت وسائل إعلام محلية أنّ السد كان يحوي 5 ملايين متر مكعب من مياه الشرب والري، لكن المسؤولين السودانيين لم يتمكنوا من حصر الأضرار بعد بسبب عجز وصول الأجهزة المعنية إلى المنطقة.
وقالت المديرة التنفيذية المكلفة لمحلية التضامن بولاية النيل الأزرق، نسيبة كلول، إن المياه حاصرت 600 أسرة أخرى في أحد الأحياء، مع تعذر الوصول اليها، وأوضحت أن المياه غمرت المنطقة من 3 اتجاهات.
وحذرت المسؤولة الحكومية من حدوث موجة نزوح كبيرة في المنطقة التي يمثل فيها “سد بوط” عصب الحياة بالنسبة لها وتضم سوقا كبيرة وأكثر من 9 مدارس للتعليم الأساسي، وظلت طوال فترة الحرب ملاذا آمنا للنازحين من جميع أرجاء الولاية.
ويشهد السودان عادة أمطاراً غزيرة بين يونيو وأكتوبر، حيث تواجه البلاد سنوياً مخاطر الفيضانات. حيث اجتاحت سيول عارمة مناطق شمالي السودان، الأربعاء الماضي، مما أسفر عن انهيار عشرات المنازل.
وأفادت وكالة أنباء السودان الرسمية، أن سيولا عارمة اجتاحت، مدينة أبو حمد بولاية نهر النيل (538 كلم شمالي الخرطوم) “ما تسبب في خسائر كبيرة بالمنازل والممتلكات”.
وقال عبدالكبير آدم، أحد أبرز الخبراء السودانيين المتخصصين في السدود، لـ”سكاي نيوز عربية”، إن هذه الحوادث ظلت تتكرر بشكل شبه سنوي في السودان وترتبط أكثر بمعدلات هطول الأمطار في الهضبة الأثيوبية، لكنها تشير إلى وجود مشكلة دائمة قد ترتبط سلبا أو إيجابا بمستقبل تأثيرات سد النهضة على السودان.
ومن أجل تقليص التبعات السالبة وتعظيم الفوائد التي يمكن أن يجنيها السودان من السد، يشدد آدم على ضرورة التوصل لاتفاق ملزم بشأن تشغيل سد النهضة.
كما يشير إلى ضرورة الاهتمام أكثر بمسألة التخطيط الاستراتيجي المتعلق بتحقيق الموازنة اللازمة للاستفادة من التدفقات الزائدة للمياه عبر إقامة سدود ومحطات لحصاد مياه الأمطار.
ويتفق خبير استرتيجيات المياه، سامي محمد أحمد، مع آدم حول ضرورة التوصل لاتفاق تشغيل ملزم، لكنه يرى عدم وجود أي علاقة بين الملء الأولي لسد النهضة والسيول التي غمرت بعض القرى السكنية القريبة من الحدود الإثيوبية وفي مناطق أخرى في شمال السودان.
ويقول أحمد إنه على العكس مما يعتقد البعض فإن سد النهضة وبعد اكتمال مرحلة الملء الكلي سيقضي على الفيضانات وسيقلل من احتمالات السيول، نظرا لأنه سيعمل على حجز كميات المياه الزائدة التي كانت تتدفق داخل الأراضي السودانية سنويا.
ويؤكد أن السبب الرئيسي في تكرار ظاهرة الفيضانات السنوية يعود إلى مشكلات تتعلق في أن جميع السدود الداخلية في السودان ثانوية ليست لديها القدرة على حجز كميات أكبر من المياه على عكس السدود القرنية مثل السد العالي في مصر أو سد النهضة في أثيوبيا.
في سياق متصل، استقبل السفير فوق العادة والمفوض الإثيوبي بالسودان السفير يبلتال أميرو بمكتبه وفد جمعية الصداقة الشعبية السودانية الإثيوبية بحضور رئيس الجمعية سليمة أسحق، والأمين العام على النور، بحضور أمين العلاقات العامة وأمينة المرأة.
واستمع السفير إلى شرح لعمل لجنة التسيير لجمعية الصداقة الشعبية السودانية الإثيوبية، التي استلمت قطعة الأرض الخاصة بها بالحديقة الدولية.
كما أمن الطرفان على زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية الإثيوبي المتوقع زيارته للسودان، وأكد السفير على مساعدة وفد السودان الشعبي الذي سيزور سد النهضة لاحقا.
وبرزت خلال جولات التفاوض الأخيرة بين كل من إثيوبيا ومصر والسودان العديد من الخلافات المرتبطة بمخاوف فنية وقانونية وجيولوجية.
وترتبط المخاوف الجيولوجية بطبيعة جغرافية منطقة السد التي تقع على ارتفاع 500 متر فوق سطح البحر وتتكون من براكين وصخور متحولة وتعاني من تشققات يتوقع أن تسهم في زيادة فقدان المياه وتقلل نسبة الأمان.
وفيما تركزت بعض المخاوف في دولتي المصب على عدة جوانب أبرزها احتمال التأثير السلبي على الحصص المائية والتسبب في أضرار بيئية ومخاوف من انهيارات وفيضانات محتملة، تقول إثيوبيا إن مشروع سد النهضة لا يسبب أي أضرار للآخرين وأنه يشكل مشروعا للنهضة الاقتصادية والزراعية.
وتشير أديس أبابا إلى أن المشروع يساهم في تعزيز التعاون الكهربائي مع السودان وتخفيض الطمى بالنسبة لسدوده، وانتظام تصريف مياه النيل الأزرق، الذي يمدها بحصتها من المياه.
وفي جولات سابقة اقترحت الخرطوم والقاهرة آليات تتضمن ملء السد خلال 7 سنوات، لكن إثيوبيا تقول إن إطالة أمد سنوات الملء سيفقد السد مزاياه الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يدفعها لإكمال عملية الملء في مدة لا تزيد على 5 سنوات.