تريز سمير تكتب عن فرقة بانوراما أبطال قرية البرشا: فيلم ريش وفقراء مصر .. كنت شاهدة على تفاصيل المعاناة
كنا نجتمع كفريق نتحدث عن مشاكلنا ومشاكل القرية نحاول الوصول إلى حلول أو حتى مسكنات نريد أن يكون مجتمعنا أفضل
كيف صنع فريق بانوراما برشا المستحيل في قريتنا ليس فقط في الحصول على جوائز كان ولكن في التغيير المجتمعي الذي أحدثه
لقد تغيرت قريتنا وأصبحت للفتاة القدرة على العمل والتعبير عن الرأي ورفض الزواج المبكر ومنع ختان الإناث ورفض التمييز
فيلم “ريش” حقق حلمي حقق احلام الفقراء في أن يعبر أحد عنهم لقد انتصر الفقراء في معركتهم الفكرية
كنت قد أعددت مقالا منذ شهور بعد نجاح الفيلم واقتناصه لثلاثة جوائز في مهرجان كان الدولي ، ومن أشد المعجبات بهذا النجاح الرائع ، بل ومن كثرة فرحتي لم استطع النوم حينها ، هذا الشعور الذي لم أحدث فيه أحد، لم اتكلم عن تلك المشاعر ولا عن أسبابها، ولكنني كنت اعلمها جيدا ، لقد نجحت مجموعة من الشابات والأطفال الدخول الى عالم التمثيل ، لقد استطاعت دميانه وفريق عمل فرقة بانوراما برشا النجاح …الظهور ، ان يعرفنا أحد ، لقد كنت شاهدة على تفاصيل المعاناة ، نعم كانت معاناة حقيقية بالنسبة لنا ، كنا نجتمع كفريق نتحدث عن مشاكلنا ، ومشاكل القرية، نحاول الوصول إلى حلول ، او حتى مسكنات ، نريد أن يكون مجتمعنا أفضل مجتمع ، فتيات تكتب مشكلاتهن على أوراق ، ثم نتجمع في غرفة صغيرة ، وبعدها نقرر إنه لا مفر سوى المواجهه ، ثم يخرجن إلى الشارع يعبرن عن أنفسهن ، يتعرضن تارة للسخرية ، وأخرى للنقد ، وثالثة للوم
تخرج بانوراما برشا في الشوارع الطينية، غير الممهدة للفن، ولكن سنوات تحاول ان تصنع المستحيل حتى تقبلهم المجتمع ، تقبلهم عندما نجحوا عالميا، لم يكن الطريق سهلًا، إطلاقا … ومازال
الموقف يظهر بسيط ولكنه معقد، نحن نعيش في قرية صغيرة، فقيرة اقتصاديا ولكنها غنية بالمواهب، غنية بالأفكار ، وروح الشباب، فريق بانوراما برشا صنع المستحيل في قريتنا، ليس فقط في الحصول على جوائز مهرجان كان، ولكنه في التغيير المجتمعي الذي أحدثه
المال والإقتصاد قادر على التطوير الشكلي والمنظر الجمال، ولكن الفن وتغيير الأفكار المجتمعية الموروثة من العادات والتقاليد البالية ، التي تقيد المجتمع والمرأة يأخذ سنوات كثيرة
….
لقد تغيرت قريتنا وأصبحت للفتاة القدرة على العمل، والتعبير عن الرأي، ورفض الزواج المبكر ، ومنع ختان الإناث، ورفض التمييز
كل تلك القضايا والمشكلات التي تدمر المجتمع وتمحي أي تطور في مصر …
هذا هو التطور الحقيقي، وكل هذا حدث بعد سنوات من العمل الاجتماعي التطوعي بين الشباب والشابات في أول جمعية أهلية داخل قريتنا الصغيرة ” البرشا ”
لقد نبتت بذرة المسرح من قلب الشارع ومن قلب أحلامنا بالتغيير .
واستمرت الفرقة بقيادة المحاربة ” يوستينا سمير ” ومجموعة كبيرة جدا من المتطوعين والمتطوعات الذين وصلوا إلى عشرات .
ولحسن حظ قريتنا ، ان هناك مخرجين أنقياء ومجتهدين أرادوا الخروج عن المألوف واختيار ابطال فيلم ريش من قلب الصعيد ، سعى وبحث عن مكان وبشر يشبهون الفيلم ، استطاعوا ان يعكسوا طبيعتهم البسيطة في اللغة والأداء غير المفتعل ، ذهب المخرج عمر الزهيري إلى البرشا بمحافظة المنيا مرات عديدة لإختيار الفنانين، حتى اختيار بطلة الفيلم “دميانة حنا” من فرقة بانوراما برشا ، ونلنا شرف التواجد في تلك الساحة التي لم نحلم بها مطلقا.
كان المخرج إنسان بمعنى الكلمة عندما اختار ممثلين من فرقة فنية بسيطة ، رغم مواهبهم وجهودهم طوال سنوات ، ولكن لولا اهتمامه بتلميع هذا الذهب لما ظهر المعدن …
نعم كانت أحلامنا بسيطة جدا تتمثل فقط ان يسمع المجتمع صرخاتنا ، يصغي إلينا ، الحديث عن مشكلاتنا أمام الجميع بمثابة انتصار لا يعلمه او يشعر به إلا من عاش في قلب القرى
أعود إلى المقال الذي لم اكتبه ، خشية اان اكون غير موضوعية ، وعندما رأيت وقرأت عن فرحة جميع المصريين بهذا الانتصار اكتفيت بهذا
الآن أكتب رأيي بعد ظهور طيور الظلام الذين حاولوا القضاء على أحلام مجتمع وبشر تمسكوا بالحياة … نحن الفقراء نستطيع التعبير عن قضايانا ، من خلال الكتابة ، الرسم ،الفن والتمثيل
فيلم “ريش” حقق حلمي، حقق احلام الفقراء في أن يعبر أحد عنهم، ولاني دائما اقف مع فريق الفقراء لإنني منه ، لقد انتصر الفقراء في معركتهم الفكرية …
مهما اشتدت الحرب… سيكون الإنتصار لإختيار الجمهور من المصريين الذين بالفعل وقفوا بجانب فريق العمل ومخرج الفيلم
فالمتابع لوسائل التواصل الإجتماعي يدرك مع من وقف الرأي العام المصري.. فالإنحياز للعمل الفني الرائع منذ اللحظة الأولى
يؤكد أن مصر والمصريين بخير ولن يسيء أحد إلى سمعتهم ، لأنهم ينحتون في الصخر ويصلون إلى الجوائز العالمية .
وللحديث بقية