تحركات دولية لمنع خروج أزمة سد النهضة عن السيطرة.. وشرط سوداني قبل الملء الثاني
سكاي نيوز عربية
أكد مصدر مطلع أن الاتحاد الإفريقي يعمل بمساعدة دبلوماسية وفنية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على الخروج بتوافق محدود حول تنسيق الملء الثاني لسد النهضة وتغيير منهجية التفاوض بين الأطراف الثلاثة المشاركة في الاجتماعات المنعقدة حاليا في كنشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية – الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.
وأشار المصدر إلى أن جولة المبعوثين الأميركي دونالد بوث ومبعوث الاتحاد الأوروبي روبرت فاندول الأخيرة في العواصم المعنية مهدت لمناقشة مقاربة تضمن عدم خروج الملف عن السيطرة وإقناع الأطراف الثلاثة بالقبول بخارطة طريق جديدة تتصدر أجندتها، وضع آلية مرضية للتفاوض ومخاطبة مخاوف دولتي المصب السودان ومصر إزاء التأثيرات المحتملة من عملية الملء الثاني لبحيرة السد التي تعتزم إثيوبيا تنفيذها خلال شهري يوليو وأغسطس المقبلين بمقدار 13.5 مليار متر مكعب.
وانطلقت السبت في كنشاسا اجتماعات أطراف ملف سد النهضة الثلاثة على مستوى اللجان الفنية ووزراء الخارجية.
ويأمل المراقبون أن تتوصل الاجتماعات الحالية إلى حل يجنب تفاقم التوتر والنزاع في ظل الخلافات الجوهرية التي تراكمت بين البلدان الثلاثة منذ انطلاق المشروع في 2011، وسط جدل كبير حول أهلية الاتحاد الأفريقي وقدرته على حل المعضلة الحالية ومدى منطقية طلب السودان بتوسيع الوساطة إلى مطلة رباعية.
واكد وزير الري السوداني السابق عثمان التوم، أنه في حال تحقق تلك التوقعات فإنها ستشكل تطورا مهما في سير المفاوضات “لكنها لن تقدم الحل الكامل الذي تصبو إليه السودان ومصر والمتمثل في التوصل إلى اتفاق إلزامي يستند إلى القانون الدولي”.
وقال التوم لموقع “سكاي نيوز عربية” إنه ورغم أنه من المبكر الجزم بما يمكن ان تنتهي إليه اجتماعات كنشاسا إلا أن المؤكد أن من مصلحة الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي بذل الجهد الممكن لوضع المفاوضات في إطارها الصحيح.
وفي ذات السياق، رأى نور الدين عبدا المحلل السياسي ومدير منصة نيلوتيك بوست الإعلامية الاثيوبية، أن الوصول إلى اتفاق حول آلية تنسيق تبادل البيانات بين سدي النهضة الإثيوبي والروصيرص السوداني سيعتبر اختراقا “تكتيكيا وفنيا” يمكن أن يدفع المفاوضات قدما إلى الأمام.
وذكر عبدا، الذي تحدث لموقع “سكاي نيوز عربية” عبر الهاتف من أديس أبابا، أن حديث أطراف التفاوض في وقت سابق عن التوصل إلى تفاهمات حول 95 في المئة من الجوانب الفنية يشير إلى أن العنصر السياسي هو الذي يسيطر على سير المفاوضات في المرحلة الحالية اكثر من العنصر الفني.
لكن عبدا يشدد على ضرورة النظر إلى مجمل العملية المتعلقة بالمفاوضات الحالية في كنشاسا من الزوايا المتصلة بالظروف الموضوعية والزمانية التي تتم فيها، حيث تأتي وسط تعقيدات وتوترات شديدة بين الأطراف الثلاثة لذلك فإن مجرد القبول بالجلوس سويا ونزع فتيل التوتر يمكن أن يعتبر اختراقا كبيرا.
وتزايدت مخاوف دولتي المصب، السودان ومصر، خصوصا في ظل اعتزام إثيوبيا المضي قدما في خطة الملء الثاني لبحيرة السد وإعلانها إنجاز 79 في المئة من مراحل السد الذي تبلغ تكلفته 5 مليار دولار وبطاقة تخزينية تقدر بنحو 74 مليار متر مكعب.
وبالفعل عانى السودان من مشكلات حقيقية في تدفقات مياه ري المشاريع الزراعية عندما نفذت إثيوبيا خطة الملء الأول خلال خريف العام الماضي دون تنسيف مسبق مع السودان.
كما واجه السودان أيضا أزمة كبيرة في مياه الشرب في المدن الرئيسية بسبب انحسار المياه في بعص الفترات في النيل الأزرق ونهر النيل وارتفاعها في الفترة التي تلت اكتمال الملء، مما أثر على وضع طلبات الضخ.
لكن وزير الري السوداني السابق عثمان التوم اعتبر أن التوصل لاتفاق حول تبادل البيانات بشكل وقتي أمر جيد من الناحية الفنية ويمكن أن يقلص مخاوف السودان بشرط أن يتفق الجانبان على برنامج تفصيلي تلتزم من خلاله إثيوبيا على ملء منسق او منتظم بحيث لا يسمح بحجز كميات أكبر في وقت واحد أو مدد زمنية أقصر ويستكمل الجزء الأقل في المدة المتبقية من الشهرين المحددين.
وقال وزير الري السوداني ياسر عباس، اليوم الأحد، إن الملء الثاني لسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا، على النيل الأزرق، أحد أبرز روافد نهر النيل، يجب أن يتم بعد الاتفاق مع مصر السودان.
وأضاف عباس أن الاتفاق ينبغي أن يشمل قواعد ملء وتشغيل السد، وقال إن القاهرة تشدد على وضع منهج للمفاوضات بين الأطراف الثالثة في المفاوضات الحالية التي تستضيفها كينشاسا عاصمة دولة الكونغو الديمقراطية، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي.
وقلل مراقبون من فرص نجاح الوساطة الإفريقية في التوصل إلى اتفاق ملزم بشد السد، الذي يهدد حصص المياه لكل من مصر والسودان، بسبب تعنت إثيوبيا.
ويعتقد عبد الوهاب الصاوي السفير السابق بالخارجية السودانية أن فرص الاتحاد الإفريقي في حل أزمة سد النهضة ضئيلة نظرا لأن الجانب الإثيوبي يسعى لفرض الأمر الواقع، ويدرك صعوبة اتخاذ قرار التصعيد العسكري ومخاطرة الدولية علي مصر والسودان.