تتماشى مع حقوق الإنسان.. «هيومن رايتس» و«مسارات التنمية» تطالبان حكومات العالم إنشاء ودعم أنظمة ضمان اجتماعي شاملة
شددت منظمتا “هيومن رايتس ووتش” و”مسارات التنمية” على الحكومات حول العالم والمقرضين الدوليين ضرورة إنشاء ودعم أنظمة ضمان اجتماعي شاملة تتماشى مع التزاماتهم في مجال حقوق الإنسان، مؤكدة أن الاستثمار في الضمان الاجتماعي على المدى الطويل أكثر أهميّة من أي وقت مضى.
وقالت المنظمتان في وثيقة “أسئلة وأجوبة حول الضمان الاجتماعي” نُشرت يوم الخميس، إنّه يتعيّن على الحكومات والمقرضين الدوليين، مثل “صندوق النقد الدولي” والبنك الدولي”، إنشاء ودعم أنظمة ضمان اجتماعي شاملة تتماشى مع التزاماتهم في مجال حقوق الإنسان.
ونوهت إلى أنه “في خضمّ النزاعات المتقاطعة، والأزمات الاقتصاديّة، والصدمات المناخيّة، صار استثمار الحكومات في الضمان الاجتماعي على المدى الطويل أكثر أهميّة من أي وقت مضى”.
وقالت لينا سيمت، باحثة أولى في مجال الفقر وعدم المساواة في هيومن رايتس ووتش، إن “الضمان الاجتماعي أداة أساسيّة تستخدمها الحكومات للحدّ من عدم المساواة وحماية الناس من الفقر أو الجوع أو التشرّد. ينبغي أن تدفع الأزمات الاقتصاديّة والغذائيّة والمناخيّة المركّبة الحكومات إلى إنشاء أنظمة ضمان اجتماعي تحمي حقوق الإنسان، بدلا من تقليص البرامج الحاليّة”.
وشرحت المنظمتان في وثيقة الأسئلة والأجوبة التزامات ومسؤوليات الحكومات والكيانات في مجال حقوق الإنسان التي تؤثر على الإنفاق الاجتماعي، وأهميّة الضمان الاجتماعي الشامل في الوفاء بها. شرحتا أيضا أساسيات الضمان الاجتماعي الشامل، وكيف يُمكنه الحدّ من الفقر وعدم المساواة وحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك وقت الأزمات، وكيف يُمكن للحكومات تجاوز العقبات التي تحول دون توفيره.
يُعتبر توفير الضمان الاجتماعي لكلّ أفراد المجتمع حقا من حقوق الإنسان وشرطا ضروريا لإعمال الحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة الأخرى، لا سيما الحق في مستوى معيشي لائق، الذي يشمل الحق في الغذاء والسكن الملائمين. يُلزم القانون الدولي الحكومات بتوفير الضمان الاجتماعي وكذلك ضمان الحصول على الخدمات الاجتماعية الجيدة والضروريّة لحقوق الإنسان، مثل التعليم، والرعاية الصحية، والماء، والصرف الصحّي.
ويفتقر أكثر من أربعة مليارات شخص إلى أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية، وهو المصطلح الذي غالبا ما تستخدمه وكالات “الأمم المتحدة” ومنظمات التنمية الدوليّة.
ووفقا للمنظمتين، هذا النقص في التغطية يتركّز أساسا في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسّط، التي تواجه فجوات تمويليّة كبيرة بين استثماراتها الحاليّة وما تحتاجه لتوفير مستوى أساسي من الضمان الاجتماعي.
وأشارت الوثيقة إلى أنه يوجد أدنى مستوى من التغطية في أفريقيا، حيث يتمتع فقط 17.4% من السكان بشكل واحد على الأقل من مزايا الضمان الاجتماعي.
ورغم أنّ التغطية أعلى في أوروبا وشمال أمريكا، إلا أنّ هيومن رايتس ووتش وثقت تقاعس العديد من الدول الأكثر ثراءً عن إعمال الحقوق المتعلقة بالضمان الاجتماعي وتوفير مستوى معيشي لائق، بما في ذلك الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وإسبانيا.
شرحت المنظمتان في وثيقة الأسئلة والأجوبة كيف يُمكن للحكومات معالجة الفجوات الحاصلة في الضمان الاجتماعي وكفايته. كما شرحتا لماذا يتعين على الحكومات الابتعاد عن البرامج التي تمّ اختبارها والقائمة على الاستهداف الضيق، والعمل بدلا من ذلك على أنظمة أكثر شموليّة.
وأوضحت المنظمتان كيف يُمكن للبلدان سدّ فجوات التمويل بطرق تحمي حقوق الإنسان، مثل فرض ضرائب تصاعديّة على الثروة والأرباح الفائضة للشركات الكبرى، ومحاربة التهرّب من الضرائب وتجنبها، والقضاء على التدفقات المالية غير المشروعة. تحث هيومن رايتس ووتش أيضا الدول الأكثر ثراءً على المساعدة في دفع التمويل العادل للضمان الاجتماعي من خلال تعزيز “الصندوق العالمي للحماية الاجتماعية” الذي يتوافق مع متطلبات حقوق الإنسان.
وقالت “هيومن رايتس” و”مسارات التنمية” إنّ على الحكومات معالجة الثغرات الحاصلة في الضمان الاجتماعي وكفايته، وحث الدول الدائنة على الالتزام بعمليات إعادة هيكلة ديون تحترم حقوق الإنسان وتُمكّن الحكومات من تمويل الضمان الاجتماعي الشامل. يتعين على المقرضين الدوليين الأقوياء، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التأكد من أنّ برامج الإقراض الخاصة بهم لا تقوّض الحق في الضمان الاجتماعي، وهو ما قد يحدث مثلا من خلال فرض قيود صارمة على الإنفاق الحكومي كشرط لبرامج الإقراض.
وقال الدكتور ستيفن كيد، الرئيس التنفيذي لـ مسارات التنمية: “تُعدّ أنظمة الضمان الاجتماعي الشاملة والمتوافقة مع حقوق الإنسان أكثر فاعليّة بكثير من الأنظمة القائمة على استهداف الفقر في الحدّ من الفقر وتحقيق إيرادات أكثر إنصافا لجميع أفراد المجتمع”.
وأضاف أنه “يُرجح أيضا أن تساعد هذه البرامج على تحقيق النموّ الاقتصادي وتعزيز العقد الاجتماعي التقدّمي، ما يعني أنها أكثر استدامة من الناحية الماليّة والسياسيّة”.