بيان لـ”العيش والحرية”: انتخابات الرئاسة.. فرصة للتعافي والخروج من أزمة أم محطة جديدة للتردي وتبديد الأمل
كتب – أحمد سلامة
أصدر حزب العيش والحرية -تحت التأسيس- بيانًا بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة، مشيرًا إلى أنها تأتي في ظلال أزمة اقتصادية ثقيلة بعد هجمات سلسلة من موجات التضخم في حين لا يمتلك المصريون من الأدوات ما يسمح لهم بالتعبير عن إرادتهم.
وقال البيان “تأتي الانتخابات الرئاسية القادمة، بينما تلقي الأزمة الاقتصادية بظلالها الثقيلة على الحياة اليومية للغالبية العظمى من المواطنين المصريين، فلقد ساهمت موجات التضخم المتتالية في العشرة أعوام الماضية، والتي وصلت لحدود قياسية خلال الأشهر الأخيرة، في تراجع كبير في قدرة غالبية المصريين على توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة وتجاوز الأمر قضية تردي الخدمات الصحية والتعليمية إلى القلق على توفير ما هو لازم للمأكل والملبس، يأتي هذا بينما يقع المصريون تحت حصار قاس يحرمهم من التعبير عن إرادتهم في أي انتخابات تشريعية أو نقابية أو طلابية، كما يستمر حصار حرية الرأي والتعبير، الأمر الذي يترك المصريين يعانون آلام كبيرة، بينما لا يمتلكون أي أدوات للتعبير عن آلامهم أو التعبير عن إرادتهم فيما يخص معاناتهم اليومية”.
وأضاف “بالطبع هناك اعتبارات دولية للأزمة الاقتصادية لا نغفلها ومنها: سياسيات وشروط جهات التمويل الدولية المجحفة، والتي تتبنى سياسات مستغلة للدول النامية، وتدفع بنا عمدًا لدوامات الاستدانة، والتي ينتج عنها زيادة الأعباء على المجتمعات، وعلى خطط التنمية، وكذلك على تحسين الخدمات وتمويل البرامج الاجتماعية، إلا أننا نؤمن تمامًا بوجود سياسات بديلة للتعامل مع توجهات جهات التمويل الدولية ومع أي أزمات أخرى مثل الحرب الأوكرانية، وأن شعار لم يكن في الإمكان أفضل مما كان.. شعار يعفي الأنظمة والحكومات من مسؤولياتها السياسية، ومن الخيارات الاقتصادية والسياسية التي تبنتها، والتي أنتجت أزمة بالحجم الذي نعانيه الآن في مصر”.
وأردف البيان “فشعارات مثل تلك تبرر الاستبداد، بينما تتحمل السلطات في المجتمعات الحديثة المسؤولية كاملة عن سياساتها وخياراتها، ومهما كانت الظروف المحيطة والتحديات، فدوما هناك سياسات وسياسات بديلة، وخيارات متنوعة للتعامل مع أي أزمة. فالأنظمة السياسية تتبنى هذا الخيار دون غيره وفقا لرؤى سياسية وتحيزات وتوجهات بعينها، بعبارات أخرى قضية التعامل مع الأزمات الاقتصادية وغيرها ليست عملية فنية، بل إنها مسألة سياسية تخضع لاعتبارات السياسة والرؤى والتحيزات. ولهذا فإننا نحمل الأزمة الاقتصادية الحادة التي نمر بها، وكل أشكال التراجع في التعامل مع ملفات عديدة للسلطة الحالية. كما أننا نؤمن بأن حالة المواطنين تظل هي البوصلة الأساسية لتقييم أي نظام أو أي سياسات، فتضحية المواطنين ومعاناتهم أمرًا لا يحمل أي سبب للابتهاج أو الاحتفال بقدرة الشعوب على التحمل، بل أن الإفقار والظلم الاجتماعي هو عبء كبير على المجتمعات الإنسانية يعطل إمكانياتها ويهدد استقرارها”.
واستكمل “وبالفعل بدأت الناس في مصر تجاهر بأنينها المكتوم منذ سنوات صحيح يظل أنينهم بينهم، وفي المواصلات العامة، أو على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن استمرار المعاناة سيقود حتما إلى احتجاجات اجتماعية عنيفة خاصة عندما تصل الحالة بالطبقات الشعبية إلى أن تتساوى الحياة والموت، ولقد رأينا أين يتجه المزاج العام لعامة المواطنين ورفضهم لكل ما هو حكومي، حين برز رفض الصحفيين والمهندسين لصور التسلط الحكومي على إرادتهم، ولأننا دوما نتحيز لمسارات الأمل وتحسين شروط الحياة في بلادنا”.
واسترسل “فإننا ننظر إلى الانتخابات الرئاسية القادمة كفرصة حقيقة للخروج من الأزمة وتعافي المجتمع إذا تحولت إلى انتخابات حقيقة تتمتع بالحد الأدنى من شروط النزاهة، فإذا كان عموم المواطنين المصريين في كرب شديد فليكن فتح مساحة اختيار منصب الرئيس باعتباره المنصب الأهم في معادلات الحكم في بلدنا هو السبيل لاستعادة المواطنين قدرتهم على الفعل والتعبير عن إرادتهم والتحكم في مصائرهم”.
وتابع العيش والحرية “وبالطبع يتطلب هذا إرادة حقيقية لدى الأطراف الفاعلة لتحويل هذه المحطة الدستورية إلى انتخابات جادة وحقيقية، الأمر الذي لا يستقيم إلا بتوفير حد أدنى من الشروط؛ منها فتح المجال للمرشحين المحتملين للدعاية ولقاء الجماهير وجذب المؤيدين وتدشين حملاتهم والاستعداد لجمع التوكيلات اللازمة للترشح بدلًا من التضييق عليهم وملاحقتهم كما يحدث الآن، ومنها أيضا فتح المنابر الإعلامية للمرشحين للظهور للجمهور الواسع وتقديم البرامج، وكذلك فك الحصار عن المجتمع المدني المصري وفتح الطريق له للاستعداد للعمل في الانتخابات ومراقبتها وفتح باب المناظرات بين المرشحين المحتملين والإفراج عن سجناء الرأي…أي فتح رئات المجتمع وتهيئة الأوضاع لانتخابات جادة”.
وأضاف “وتبقى أكبر عقبة -في تقديرنا – في أن تتحول الانتخابات القادمة لانتخابات حقيقية هي ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي، فإن ترشحه -بموجب التعديل الدستوري الذي تم في التعديلات الدستورية 2019، والذي رفضته قوى المعارضة، ورأتها تأسيسًا لحكم سلطوي ممتد، سيقطع الطريق على ترشح أي مرشح جاد للمعركة خوفًا من الحصار أو البطش الأمني، أو الشعور بعدم جدوى المعركة، ومن ناحية أخرى، فإن حياد مؤسسات وأجهزة الدولة وإعلامها الرسمي غير ممكن مع ترشح الرئيس في بلد يتمتع الرئيس فيه بالوزن الأكبر في عملية الحكم ونفوذ كبير وسيطرة شبه كاملة على المؤسسات جميعها”.
واختتم البيان “وأخيرًا، فإن غياب المرشحين الجادين وعدم حيادية المؤسسات سيترك أثره عند عموم المواطنين بعدم جدوى المعركة، ويبدد آمالهم في أي فرصة لتعديل الأوضاع وتحسين شروط الحياة، الأمر الذي سيعيد مشهد انتخابات 2018، التي لم يتعامل معها المصريون ولا العالم بأي اهتمام أو جدية، إلا أن حجم الأزمة وعمق المعاناة سيجعل من انتخابات بملامح 2018، عبئا هائلا وغير محتمل على البلد والمواطنين، فمصر في أشد الحاجة لانتخابات رئاسية حقيقة تفتح الطريق للأمل والتعافي من دوامات المعاناة والتردي”.