بلا إشراف قضائي.. «هيومن رايتس» تتهم السلطات التونسية باستخدام «الإقامة الجبرية» لإخفاء «اعتقالات سرية»
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، الأربعاء، إن السلطات التونسية تستخدم ما تسميه “الإقامة الجبرية” لإخفاء “الاعتقالات السرية” بذريعة حالة الطوارئ، لافتة إلى أن قضايا المسؤول السابق بوزارة الداخلية فتحي البلدي وآخرين تُظهر تصعيدا خطيرا في فرض الإجراءات الاستثنائية في ظل حالة الطوارئ.
وشددت سلسبيل شلالي، مديرة هيومن رايتس ووتش في تونس على أن “عدم كشف مكان احتجاز شخص ما هو خطوة مقلقة نحو دولة ينعدم فيها القانون، ولا يمكن تبريره مطلقا بحالة الطوارئ التي مُددت بشكل متكرر منذ 2015”.
وطالبت شلالي في بيان صحفي صادر عن “هيومن رايتس” السلطات التونسية بإنهاء هذه “الاعتقالات التعسفية” فورا و”استخدام السبيل القانوني والشفاف بالكامل للسماح بالطعن القضائي”.
اعتقل عناصر شرطة بملابس مدنية البلدي ووزير العدل السابق نور الدين البحيري في 31 يناير الماضي قرب منزليهما، في ظروف متشابهة، وأُجبروهما على ركوب سيارة الشرطة، واقتيدا إلى وجهتين مجهولتين بدون مذكرة توقيف، بحسب البيان.
وفي حين يمكث البحيري حاليا في المستشفى جراء تدهور صحته، فإن البلدي محتجز في “مكان سري” منذ أكثر من شهر.
وقال وزير الداخلية التونسي في بيان نُشر يوم اعتقالهما إن شخصين – لم يُكشف عن اسميهما ويفترض أنهما البلدي والبحيري – وُضعا رهن الإقامة الجبرية، وفقا لـ “إجراء ذو صبغة تحفظيّة أملته الضّرورة في إطار حماية الأمن العامّ”، مستشهدا بالفصل 5 من المرسوم (الطوارئ) 78-50 المؤرخ في 26 يناير/كانون الثاني 1978.
وقالت عائلتاهما لـ”هيومن رايتس” إنه بعد مرور أكثر من شهر على اعتقالهما، لم يتلقَّ البلدي أو البحيري أي إخطار كتابي بإقامتهما الجبرية. لم تصدر مذكرة توقيف ولم تعلن السلطات عن أي تهمة رسمية ضدهما، متجاوزة الإجراءات القانونية المعتادة.
ونقلت المنظمة عن المحامية لطيفة الحباشي، قولها إن البلدي (55 عاما) محتجز في معتمدية برج العامري بولاية منوبة غرب تونس العاصمة. لكن لم يُكشف عن المكان المحدد ولم يتمكن محاموه حتى الآن من مقابلته، رغم طلباتهم المتكررة. يمكن لعائلته فقط زيارته في مركز لـ “الحرس الوطني” في برج العامري.
يذكر أنه منذ أن منح الرئيس نفسه سلطات استثنائية، صعّدت السلطات التونسية إجراءاتها القمعية ضد العديد من معارضيه ومنتقديه. إذ فرضت تعسفا الإقامة الجبرية على العشرات في منازل أو في مناطق محددة مسبقا. لكن في هذه الحالات، تحولت الإقامة الجبرية إلى اعتقال إداري في أماكن غير محددة، وفقا لـ”هيومن رايتس”.
وقالت شلالي إن “الإجراءات الاستثنائية التي يتيحها مرسوم الطوارئ يُساء استخدامها ولا رقابة قضائية عليها، ما يجعل شبح الاعتقالات السرية يلوح في الأفق. تقوّض هذه الانتهاكات سلطة النظام القضائي وتمعن في تفتيت مبادئ سيادة القانون”.