بكين تدعو إلى التعامل بهدوء وحذر لحل قضية المنطاد الصيني وتندد بمحاولات بعض الساسة الأمريكيين تشويه صورتها
حثّت الصين على المعالجة “الهادئة” للجدال حول المنطاد الصيني المكتشف في أجواء الولايات المتحدة، بحسب موقع “بي بي سي”.
وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان يوم السبت إن بكين “لم تنتهك أبدا أراضي ومجال أي دولة ذات سيادة”.
وقال إن وانغ يي، كبير مسؤولي السياسة الخارجية، إنه ناقش الحادث مع وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن عبر الهاتف، مؤكدا أن الحفاظ على قنوات الاتصال على جميع المستويات أمر مهم “خاصة في التعامل مع بعض المواقف غير المتوقعة بطريقة هادئة وموثوقة”.
وأضاف أن بكين “لن تقبل أي تخمين أو دعاية لا أساس لها”، واتهم “بعض السياسيين ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة” باستخدام الحادث “كذريعة لمهاجمة الصين وتشويه سمعتها”.
وكان بلينكن أرجأ في وقت سابق زيارة لبكين، قائلا إن وجود منطاد “المراقبة” كان “عملا غير مسؤول، وغير مقبول”.
وكانت زيارة بلينكن التي المقررة يومي الأحد والإثنين، ستصبح أول زيارة رفيعة المستوى لمسؤول أمريكي، إلى الصين خلال سنوات.
وبينما سادت مخاوف من أن المنطاد يستخدم في “التجسس”، أكدت الصين أنه لأغراض “مدنية” مبدية أسفها لانجرافه إلى الأجواء الأمريكية.
وكان من المتوقع أن يجتمع الوزير الأمريكي مع نظيره الصيني، ومن ثم الرئيس شي جينبينغ.
وقال بلينكن في بيان الجمعة، إن المنطاد الصيني “هو انتهاك لسيادتنا”.
وأضاف “هذا تصرف غير مقبول، وغير مسؤول في الوقت نفسه، لكنه يتسم بغير المسؤولية بشكل أكثر لأنه جاء عشية زيارة كان يخطط لها منذ وقت طويل”.
وقالت بكين إنه “منطاد مدني” انحرف عن مساره المخطط له.
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية إنهم يعتقدون أن المنطاد، الذي شوهد فوق مناطق حساسة في الأيام الأخيرة، هو في الواقع جهاز “مراقبة على ارتفاعات عالية”.
لكن الخارجية الصينية قالت في بيان إن المنطاد يستخدم لأغراض “الأرصاد الجوية بشكل أساسي”.
وأضافت أن الصين “تأسف للدخول غير المقصود” للمنطاد إلى المجال الجوي الأمريكي.
وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأمريكية، إن الظروف لم تكن مؤاتية في هذا الوقت لما كان ينتظر ليصبح أول اجتماع رفيع المستوى يعقد منذ سنوات، بين الولايات المتحدة والصين.
وأضاف المسؤول الأمريكي أنهم على دراية بالاعتذار الذي قدمته الصين، لكنه وصف المنطاد بالخرق الواضح للسيادة وللقانون الدولي.
وقال مسؤولون أمريكيون إن المنطاد حلّق فوق جزر ألوتيان في ألاسكا وعبر كندا قبل أن يظهر فوق مدينة بيلينغز في مونتانا يوم الأربعاء.
وتعد مونتانا، وهي ولاية ذات كثافة سكانية منخفضة، موطنا لواحد من ثلاثة أماكن فقط لمخازن الصواريخ النووية في البلاد، في قاعدة مالمستروم الجوية.
في وقت لاحق، أعلنت الولايات المتحدة عن بالون صيني ثان يطفو فوق أمريكا اللاتينية.
وقال السكرتير الصحفي للبنتاجون البريغادير جنرال باتريك رايدر “نشهد تقارير عن منطاد يمر عبر أمريكا اللاتينية. ونقيم الآن أنه بالون مراقبة صيني آخر”. ولم يقدم مزيدا من التفاصيل حول موقعه.
لم تدل الصين حتى الآن بأي تعليقات عامة على البالون الثاني المبلغ عنه.
وبحسب مسؤولين أميركيين، حلّق المنطاد فوق ألاسكا وكندا قبل أن يظهر فوق ولاية مونتانا الأمريكية، التي تضم عددا من مواقع الصواريخ النووية الحساسة.
قال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية إن الولايات المتحدة قررت عدم إسقاط المنطاد بسبب الخطر الذي يشكله سقوط الحطام، والاستخدام المحدود لأي معلومات استخباراتية يمكن للجهاز جمعها.
ومع ذلك، أعدت الحكومة طائرات مقاتلة لإسقاط المنطاد إذا لزم الأمر.
وذكرت وسائل إعلام أمريكية في وقت سابق أن المنطاد بحجم ثلاث حافلات.
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت تعقب ما يُشتبه أنه “منطاد” مراقبة صيني، بعد أن رصدته وهو يحلق فوق مواقع حساسة خلال الأيام القليلة الماضية.
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية إنهم واثقون من أن “منطاد الاستطلاع الذي يحلق على ارتفاع عال” يخص الصين. وقد شوهد أحدث مرة في سماء ولاية مونتانا الغربية.
وقال مسؤول دفاعي بارز، تحدث شريطة عدم كشف هويته، إن الحكومة جهزت طائرات مقاتلة، بما في ذلك طائرات من طراز “إف-22″، في حال أمر البيت الأبيض بإسقاط هذا الجسم.
وقالت كندا يوم الجمعة إنها تراقب “حادثا ثانيا محتملا” يتعلق بمنطاد للمراقبة، لكنها لم تذكر الدولة التي قد تكون وراء ذلك. وأصدرت كندا بيانا قالت فيه إنها تعمل عن كثب مع الولايات المتحدة “لحماية معلومات كندا الحساسة من تهديدات المخابرات الأجنبية”.
واجتمع كبار القادة العسكريين، بما في ذلك وزير الدفاع لويد أوستن والجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، يوم الأربعاء لتقييم هذا التهديد. وكان أوستن مسافرا إلى الفلبين في ذلك الوقت.
ونصح القادة العسكريون بعدم اتخاذ “إجراء حركي” ضد المنطاد بسبب الخطر الذي قد يشكله سقوط الحطام على الناس على الأرض.
وامتنع المسؤولون عن إعطاء معلومات حول الحجم الدقيق للمنطاد، لكنهم وصفوه بأنه “كبير”، مع ورود تقارير عن تمكن طيارين من رؤيته، حتى من مسافة بعيدة.
ومع ذلك، قالت وزارة الدفاع الأمريكية إنه لا يوجد “تهديد خطير بشكل كبير” من اختراق المخابرات الأمريكية، لأن المسؤولين الأمريكيين “يعرفون بالضبط مكان هذا المنطاد ومساره”.
وليس هناك أي خطر على الطيران المدني، نظرا لأن المنطاد أعلى “بشكل كبير” من الارتفاع الذي تستخدمه شركات الطيران التجارية.
وأضافت الوزارة في بيان أنه من غير المرجح أن يعطي المنطاد معلومات أكثر بكثير مما يمكن أن تجمعه الصين بالفعل عبر استخدام الأقمار الصناعيةوقال مسؤولون إن الولايات المتحدة أثارت الأمر مع المسؤولين الصينيين في السفارة الصينية في واشنطن، وفي بكين.
وخلال مؤتمر صحفي يوم الخميس في البنتاجون، رفض المسؤولون الكشف عن موقع المنطاد. كما رفضوا تقديم مزيد من التفاصيل عن الجسم، بما في ذلك المكان الذي أُطلق منه.
وأضافوا أنه تم تعقب مناطيد مراقبة مماثلة خلال سنوات عدة ماضية، لكن هذا المنطاد “بدا وكأنه ظل في رحلته لفترة أطول هذه المرة”.
وتسبب الأمر في حالة من الجدل والارتباك على وسائل التواصل الاجتماعي في مونتانا، حيث نشر البعض صورا لجسم دائري شاحب في السماء، في حين ذكر آخرون أنهم رأوا طائرات عسكرية أمريكية في المنطقة، لمراقبة الهدف على ما يبدو.
وقال تشيس دوك، وهو موظف في بيلينغز، لوكالة أسوشيتد برس للأنباء إنه لاحظ “الدائرة البيضاء الكبيرة في السماء”، وعاد إلى المنزل للاستعانة بكاميرا أفضل.
وقال: “اعتقدت أنه ربما يكون جسما طائرا غير معروف يطير بشكل شرعي. لذلك أردت التأكد من توثيق ذلك، والتقطت أكبر عدد ممكن من الصور”.
ورغم تطمينات البنتاغون بأن المنطاد “يحلق على ارتفاع عال جدا عن مستوى مسار الرحلات الجوية التجارية” وأنه “لم يمثل تهديدا عسكريا أو جسديا للأشخاص على الأرض”، أثار وجوده غضبا واسعا.
وكان الرئيس السابق دونالد ترامب من بين الذين دعوا الجيش الأمرييكي لإسقاط المنطاد.
وقال في تصريح على منصة التواصل “تروث سوشل” التي يملكها: “أسقطوا المنطاد”.
وانتقد عدة مشرعين من الحزب الجمهوري قرار السلطات الأمريكية عدم إسقاطه حتى الآن.
وقال رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي على تويتر إن حادث المنطاد “عمل مزعزع للاستقرار يجب التعامل معه”..