بعد 20 عاما هجمات 11 سبتمبر.. المنتدى الـ24 لحركة حقوق الإنسان.. حكام استغلوا الحرب على الإرهاب كاستراتيجية للبقاء في السلطة
كتب- فارس فكري
أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان البيان الختامي للمنتدى الإقليمي الـ24 لحركة حقوق الإنسان، تحت عنوان (20 عامًا على هجمات 11 سبتمبر: ماذا تعلمنا في عقدين من مكافحة الإرهاب؟) وتناول المنتدى بحث سبل معالجة ظاهرة تنامي الإرهاب بشكل أكثر فعالية.
شارك في المنتدى عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان، ونشطاء المجتمع المدني، والأكاديميين، من المنطقة العربية والولايات المتحدة وأوروبا.
وقال البيان الختامي إنه بعد 20 عامًا من بدء «الحرب العالمية على الإرهاب» في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، تطور تهديد الإرهاب وانتشر في جميع أنحاء العالم، برغم الأولوية التي نالتها مكافحة الإرهاب على المستوى الدولي، واعتماد معظم الدول –بشكل مفرط– على تشريعات وإجراءات أمنية قاسية لمواجهة الإرهاب، كان لمعظمها تأثير خطير على حقوق الإنسان.
تضمن المنتدى على مدى يومين جلستين إلكترونيتين، ركزت الأولى على الأبعاد الدولية لمكافحة الإرهاب، من خلال مناقشة تطور البنية السياسية والقانونية الدولية أعقاب هجمات 2001، لا سيما الخاصة بالأمم المتحدة. كما قدمت الجلسة لمحة عامة عن تأثير «الحرب على الإرهاب» على حقوق الإنسان والمدافعين عنها في المنطقة العربية.
بينما ركزت الجلسة الثانية بشكل خاص على التقاطعات بين الإرهاب والأنظمة الاستبدادية والسلطوية، من خلال نموذجي سوريا والعراق؛ إذ تطرق النقاش لكيفية توظيف بعض الحكام السلطويين بالمنطقة مكافحة الإرهاب كاستراتيجية للبقاء، ومدخل لتقديم أنفسهم لشعوبهم وللمجتمع الدولي باعتبارهم حصن منيع في مواجهة التطرف، بينما في واقع الأمر، وُظِفت سياسات مكافحة الإرهاب في قمع المعارضة السلمية. في الوقت نفسه، ساهمت انعكاسات السياسات السلطوية والطائفية، وأوجه القصور في الحكم والمؤسسات، والفشل في حل النزاعات المسلحة، في تنامي نزعة العنف في المنطقة العربية، كما هو الوضع في العراق.
وفيما يلي أبرز الاستنتاجات الرئيسية للمنتدى:
منذ هجمات 11 سبتمبر، وضع المجتمع الدولي تصورًا لجهود مكافحة الإرهاب قائم على مفهوم «الحرب» بدلًا من معالجة الأزمة من منظور العدالة الجنائية.
أدى نموذج «الحرب على الإرهاب» لتفاقم حدة الصراعات الوطنية والدولية، وانتشار التشريعات والسياسات الاستثنائية، التي أدت تدريجيًا لتآكل الحقوق السياسية والحريات المدنية وتهميش دور المجتمع المدني على المستويين الدولي والوطني.
أدى هذا النهج إلى تعميم المقاربة الأمنية لمكافحة الإرهاب، والتي كان لها تأثيرات مدمرة على حقوق الإنسان على الصعيد العالمي، فضلًا عن فشلها في إدراك مأزق الافتقار للعدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، الأمر الذي ساهم في نمو التطرف العنيف.
استفاد الحكام السلطويين في العديد من الدول العربية من هذا النهج، ووظفوا مكافحة الإرهاب كأداة لتعزيز سلطتهم، والقضاء على فرص المشاركة والمنافسة السياسية، وقمع المعارضة، والانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان.
في أعقاب الربيع العربي، وبدعوى مكافحة الإرهاب، لجأ عدد من الحكام السلطويين في المنطقة العربية لتأمين حكمهم عن طريق العنف والقمع، والانخراط في النزاعات المسلحة الداخلية والخارجية، وتبني سياسات طائفية، والتواطؤ مع الجماعات الإرهابية، ما ساهم في توسيع نطاق الإرهاب طوال العقد الماضي.
لا يمكن عزل الإرهاب عن إرث العنف الذي كرسه القادة السلطويون في المنطقة العربية منذ منتصف القرن العشرين.
يتلاعب بعض الحكام السلطويين في المنطقة بتهديد الإرهاب لتقديم أنفسهم لشعوبهم وللمجتمع الدولي باعتبارهم البديل الوحيد المتاح والمقبول، وبالتالي استمرت السياسات التي تؤدي إلى تعزيز الإرهاب والتطرف.
أثبت العقد الماضي أن الانتصارات الماضية على الجماعات الإرهابية كانت في معظمها انتصارات وقتية قصيرة الأمد، لأنها لم تعالج الجذور الأساسية التي غذت الإرهاب، وبالتالي بقي الإرهاب تهديد قائم ومتجدد ومستمر.
تتطلب مواجهة الإرهاب تغييرًا جذريًا في الاستراتيجيات المتبعة، ويُعد إنشاء مؤسسات قوية ومرنة، فضلًا عن تنمية حركات ديمقراطية قوية، خطوة أساسية لبناء دول ديمقراطية وطنية، تضمن العدالة لمواطنيها، وبالتالي تستطيع محاصرة الإرهاب.