بعد وفاة أول طبيب بسبب كورونا: أطباء مصر ومقدمو الخدمات الصحية.. تفان في مواجهة الموت ومطالبات بتقديرهم (تقرير)
نرصد قصص وبطولات الأطباء في الصفوف الأمامية لمواجهة كورونا.. وأمين عام الأطباء: ليس لدينا أحصائيات بمصابي الأطقم الطبية
حكايات لأطباء وأطقم تمريض تركوا منازلهم من أجل حمايتنا.. وخطابات من النقابة تطالب بتوفير المستلزمات الطبية لهم
الطاهر: الأطباء منهم من لم ير أهله منذ أسابيع طويلة ومنهم من أصيب بعدوى ومنهم من يرقد فى العناية المركزة بسبب إصابته
كتبت – أميرة الفقي :
نعت نقابة اطباء مصر اليوم الإثنين أول شهيد للواجب من الأطباء فى مصر وهو الأستاذ الدكتور أحمد اللواح، أستاذ ورئيس قسم التحاليل الطبية بجامعة الأزهر، الذي توفي بمستشفى العزل بالاسماعيلية بعد إصابته بفيروس كورونا . د. اللواح يظل واحد من آلاف الاطباء والفرق الطبية الذين يتقدمون الصفوف لمواجهة كورونا، كلهم تحرك منذ اللحظة الأولى لخوض الحرب ضد انتشاره، وبأقل الأمكانيات وبجهودهم، خرجت منظمة الصحة العالمية لتؤكد على قدرة مصر في مواجهة الفيروس حتى الآن .
لكن المفاجأة أن بطولة الأطباء تفتقر للتوثيق فطبقا لأمين عام نقابة الاطباء وتصريحاته لموقع درب فأنه لا يوجد حتى الآن، معلومات موثقة عن أعداد المصابين من الأطباء والأطقم الطبية.
بحسب آخر إحصائيات وزارة الصحة المصرية مساء أمس، فإن إجمالي عدد المصابين هو 609 ومنها 40 حالة وفاة و132 حالة شفاء، فيما فرضت الحكومة حظر تجول منذ الثلاثاء الماضي، مع غلق المحال التجارية والمقاهي والمطاعم وتعليق حركة المواطنين وحركة النقل العام ووسائل المواصلات من الساعة السابعة مساء حتى الساعة السادسة صباحا، تفاديا لانتشار الفيروس.
الأطباء لم يتطوعوا فقط بتقدم الصفوف في ظل تلك الظروف، بل كان لهم دور كبير في التوعية، حول الفيروس وسبل مواجهته من خلال تواصلهم مع المواطنين عبر وسائل التواصل الحديثة ومواقع التواصل الإجتماعي، بل والمشاركة باستشارات طبية في مختلف التخصصات تهدف للحد من النزول للشارع.
الدكتور أحمد اللواح، أستاذ ورئيس قسم التحاليل الطبية بجامعة الأزهر، الذي توفي بمستشفى العزل بالإسماعيلية، في الساعات الأولى من صباح اليوم، بعد إصابته بفيروس كورونا ، كأول ضحايا الأطقم الطبية في مصر، كان مثالا حيا على التضحيات التي يبذلها الأطباء ومخاطر الموت التي تواجههم في كل لحظة، في طريقهم لإنقاذ حياة الآلاف من الفيروس الوبائي.
نفس الأمر فعله الدكتور الشاب محمد علام، نائب مدير مستشفي النجيلة المخصصة لعزل مصابي كورونا بمحافظة مرسي مطروح، الذي سخر جزء من وقته للظهور في أكثر من فيديو لتوضيح أسباب المرض وطرق الوقاية منه.
وأكد علام، في منشور على “فيسبوك” ناعيا اللواح، إن وفاة أو إصابة مقدمى الخدمة الصحية “شئ خطير ومرعب” في أي مكان في العالم، لأنه يؤدي إلى نقص في عدد القوى البشرية التي تواجه المرض، كما أنه يثير الخوف لدى باقي الفريق الطبي، سواء فى نفس المستشفى أو نفس منطقة بوفاة زميل لهم، كما يبعث بالخوف على المحيطين به من أهل وأصدقاء، فضلا عما يمثله من ذعر قد ينتشر لدي باقي الشعب، بالرغم من أن فرصة تعرض الطبيب للإصابة أكبر بكثير.
وكان درب قد رصد محلمة بطولية رائعة قام بها الأطباء وجميع أعضاء الفريق الطبي بالمستشفيات لمواجهة انتشار فيروس كورونا، بعد أن تركوا أسرهم وأطفالهم لينقذوا حياة المرضى من فيروس ليس له علاج حتى الآن،
فالطبيبة آية الحديدي، رئيسة العناية المركزة بمستشفى صدر بمدينة المنصورة، رافقت إحدى المريضات من الدقهلية إلى مرسى مطروح التي استغرقت 6 ساعات قبل أن ترحل الحالة لتكون أول وفاة مصرية بكورونا. تركت الطبيبة طفلها وأسرتها ولم تتأخر عن مهمتها الإنسانية، وعلقت على ما قامت به بقولها: “أنا مكنتش خايفة من شيء إحنا طول عمرنا بنتعامل مع الالتهاب الرئوي طبيعي ومتعودين على ده، وهي كان لازم تتنقل وأخذت الاحتياطات بتاعتي ولبست البدلة الوقائية، لكن كان كل همي أحاول أنقذ حياتها”.
وروى الدكتور حسام فتحي، أحد أطباء الحجر الصحي بمستشفي إسنا بالأقصر، روى شهادته عن الوضع بالمستشفى وما يقام به أعضاء الفريق الصحي خلال الأيام الماضية.
وقال فتحي ” أنا موجود بالمستشفى من يوم الأربعاء 11 مارس واستقبلنا أول حالة يوم الجمعة 13 مارس الساعة 11 مساء ومن حينه وأنا جزء من فريق العزل المسؤول عن الكشف الطبي وعلاج المصابين ومشاركة في مكافحة العدوى والتوعية للمرضى والتمريض والموظفين والفنيين والعمال والأمن وكل المشاركين في العزل.. هذا وأنا نائب عظام لا ناقة لي في التواجد والعمل”.
لقراءة مزيد من القصص:
وفي الأسبوع الماضي، تداول مستخدمون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لممرضة أصيبت بالفيروس في مستشفى دمياط العام، وتم نقلها للعزل وسط بكاء وصراخ، ما عكس حالة من الذعر لدى زملائها.
وتتصاعد أصوات أطباء مصر للمطالبة بمزيد من الحقوق وضمانات لحمايتهم من مخاطر المهنة، بالحق في الحماية من العدوى وزيادة بدل العدوى الذى لا يتخطى 19 جنيها حتى الآن، وتوفير وسائل انتقال للأطباء وأعضاء الفريق الطبي للانتقال للنوبتجيات والعودة وقت ساعات الحظر.
“الأطباء والأطقم الطبية بالمعامل يحتاجون إلى أعلى حماية من العدوى”، بحسب الدكتورة منى مينا، الأمين العام السابق لنقابة الأطباء، التي طالبت عبر صفحتها بموقع “فيسبوك” بالاتزام بمعايير وإرشادات منظمة الصحة العالمية لاستخدام الواقيات الشخصية للأطباء مع جائحة كورونا.
وخاطبت نقابة الأطباء يوم 23 مارس الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، للتأكيد على جميع المرافق الطبية بضرورة توفير المستلزمات الوقائية للأطباء، خاصة بعد ورود كثير من شكاوى الأطباء تفيد وجود نقص فى بعض المستلزمات الوقائية لهم أثناء المكافحة، وكذلك ضرورة مراعاة عدم عمل الأطباء ذوي الأمراض المزمنة الخطيرة التي تؤثر على المناعة وتجعلهم أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، وكذلك تقليص عمل المستشفيات والوحدات الصحية في العيادات الخارجية.
ومساء أمس، قرر الرئيس عبدالفتاح السيسي زيادة بدل المهن الطبية بنسبة 75% عن القيمة الحالية، بما يشمل الأطباء العاملين بالمستشفيات الجامعية، بتكلفة إجمالية قدرها حوالي 2,25 مليار جنيه، فضلاً عن إنشاء صندوق مخاطر لأعضاء المهن الطبية.
كما وجه الرئيس بصرف مكافآت استثنائية للعاملين حالياً بمستشفيات العزل والحميات والصدر والمعامل المركزية على مستوى الجمهورية، على أن تصرف تلك المكافآت الاستثنائية من صندوق تحيا مصر.
وقال أمين عام نقابة الأطباء إيهاب الطاهر، في لقاء تليفزيوني يوم الخميس الماضي، أن المنظومة الطبية كلها تواجه تحديات كبيرة فى حربها ضد وباء كورونا والفريق الطبى على خط المواجهة فى تلك الحرب، خاصة شباب الأطباء فى مستشفيات العزل، فمنهم من لم ير أهله منذ أسابيع طويلة، ومنهم من أصيب بعدوى، ومنهم من يرقد فى العناية المركزة بسبب إصابته.
وأضاف: “مع ذلك، الكل يجتهد ولا يقصر ويؤدى رسالته على أكمل وجه، لأنه يشعر بمسئولية تجاه بلده وأهله رغم الظروف الصعبة التى يعمل فيها، سواء من عدم توافر وسائل الحماية الكافية، وسوء المرتبات والبدلات، وهو ما كان سببًا فى هجرة الأطباء من مصر، والحقيقة أن كل ما طلبنا به كنقابة كان للصالح العام وليس لصالح الأطباء فقط”.
«في فرنسا – طبقا للكاتب والروائي علاء الأسواني – يخرج الفرنسيون جميعا إلى النوافذ في تمام الساعة الثامنة مساء كل يوم، ويصفقون بحماس تحية للأطباء والممرضات الذين يخوضون الحرب ضد كورونا من أجل حماية أرواح الناس فهل تكون محنة كورونا وبطولات الأطباء خلالها، فرصة لرد بعض الحقوق للأطباء والممرضات والفرق الطبية في مصر».