بعد قرارات البنك المركزي.. «التحالف الشعبي»: التعويم الرابع للجنيه يغرق الاقتصاد ويفاقم مشكلة الديون ويفرض أعباء باهظة على المواطنين
أعلن حزب التحالف الشعبى الإشتراكى رفضه “الحازم” لقرارات البنك المركزي الأخيرة التي تضمن تعويم الجنيه، مشددا على أنها ستؤدى لمزيد من العجز المالى وتفاقم مشكلة الديون. كما تؤدي لتهديد النشاط الإقتصادى وإفلاس أعداد كبيرة من المشروعات، بالإضافة إلى ارتفاعات كبيرة للغاية فى أسعار السلع.
وقال حزب التحالف – في بيان صحفي صدر مساء الجمعة – إنه “بينما كانت البلاد لا زالت تعيش الأحلام الليلية الوردية لمسرحية صفقة رأس الحكمة (..) شهدنا يوم الأربعاء ٦ مارس الفصل الثانى لتلك المسرحية بمعانى مناقضة تماما لاجراءات بالغة الخطورة تشمل صدمة غير مسبوقة للمصريين تم اتخاذها بليل”.
وأضاف: “أقدم البنك المركزى على رفع سعر الفائدة ستة نقاط مئوية مرة واحدة، ليصل سعر الائتمان والخصم إلى أعلى معدل في التاريخ عند مستوى٢٧.٧٥ في المئة. وترافق مع ذلك تعويم أو خفض سعر الصرف الرسمى فى البنوك من ٣٠.٩ جنيه للدولار لفوق الخمسين، بانخفاض غير مسبوق أيضا بنسبة ٦٠ في المئة”.
وتابع البيان بأن ذلك يوضح أن صفقة رأس الحكمة “المرفوضة”، إنما هي جزء من صفقة أوسع دخلت فيها الإمارات فى شراكة مع الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي الذي تأمل السلطة فى الحصول على قرض جديد منه قد يصل لحوالي عشرة مليارات دولار، لافتا إلى أن المصريون جربوا روشتة صندوق النقد أربع مرات فى العهد الحالى بدءا من نوفمبر ٢٠١٦، ثم ثلاث مرات متتالية منذ مارس ٢٠٢٢، ولم يؤد فى كل مرة سوى لتفاقم المشكلات الاقتصادية واحتدام الأزمة الاقتصادية.
وقال حزب التحالف: “نحن إذ نعلن رفضنا الحازم لهذه القرارات ولتلك السياسات بمجملها، نذكر أن تلك السلطة دعت منذ عامين بالضبط لحوار وطني حول مشاكل البلاد، ولكنها فى الواقع أرادته مجرد ستار لكى تواصل بشكل منفرد بالمشاركة مع حليفها الأهم صندوق النقد الدولى سياساتها المتسببة فى الكارثة المفجعة التى تعيشها بلادنا”.
وأضاف أن “الآثار الخطيرة المترتبة على تلك القرارات هي تماما عكس كل ما تروج له الحكومة زيفا مرة أخرى من إصلاح اقتصادي واستقرار مالي ونقدي وتشجيع للصادرات وجذب الاستثمارات والسيطرة على التضخم”.
وأشار الحزب – بنظرة عامة – إلى ما وصفه بـ “أهم الآثار الكارثية للإجراءات الأخيرة”، والتي قال إنها ستتجلى فيما يأت:
– أن رفع سعر الفائدة بهذا المعدل غير المسبوق سيؤدى لرفع مدفوعات الفائدة لديون الدولة التى تستنزف الموازنة أصلا، وبالتالى ستؤدى لمزيد من العجز المالى، والفشل فى تحقيق وعود الإصلاح فى هذا المجال. وقد أفادت وزارة المالية أن ارتفاع الفائدة ١% يكلف الموازنة العامة العام الحالى ٨٠ مليار جنيه. بمعنى آخر التكلفة الاضافية لزيادة سعر الفائدة وحدها حوالى ٤٨٠ مليار جنيه. علما بأنه قد تم رفع سعر الفائدة فى العامين الأخيرين تسعة عشر نقطة مئوية
– خفض سعر صرف الجنيه ورفع الدولار ١% وفق تصريحات سابقة لوزير المالية يزيد أعباء الديون ٨٣ مليار جنيه. ومعنى آخر فإن الاعباء الجديدة ستقتترب من ١.٦ تريليون جنيه. وتلك أرقام كارثية. وقياس مدى تأثر المديونية الخارجية بخفض قيمة الجنيه يتضح من كون هذه الديون حوالى ١٦٥ مليار دولار، كانت تعادل قبل التعويم مقومو بالجنيه المصرى حوالى ٥ تريليون جنيه، وستزداد بدرجة كبيرة بعد التعويم الأخير لتصل إلى حوالى ٨.٢٥ تريليون مرة واحدة، أى أن الزيادة فى الدين الخارجى مقوما بالجنيه المصرى ستصل وحدها إلى ٣.٢٥ تريليون جنيه. ومن المؤسف أن هذه الزيادة الجديدة فى الدين العام الخارجى نتيجة التعويم وحدها تصل لما يعادل ١٥٠ فى المئة من اجمالى الإيرادات الحالية التى تقدر بنحو ٢.١ تريليون فقط
– ولما كان الدين العام الداخلى يقدر بحوالى ٨ تريليون جنيه، فإضافة الدين الخارجى بعد التعويم (٨.٢٥ تريليون جنيه ) يصبح اجمالى الدين العام ( الداخلى والخارجى ) نحو ١٦.٢٥ تريليون جنيه. ولما كان الناتج المحلى الاجمالى حوالى ١٠ تريليون جنيه فقط، فان معنى ذلك أن نسبة الدين للناتج المحلى ستصل الى نحو ١٦٢.٥ فى المئة من الناتج من المحلى الإجمالى .
– و يعنى هذا أن الدين العام لن ينخفض كما كانت تستهدف وتروج الحكومة والصندوق إلى مستوى ٧٥ فى المئة من الناتج، بل سيرتفع ارتفاعا هائلا إلى اكثرمن ضعف هذا المستهدف الأصلي. ويؤكد ذلك الفشل الكامل لكل ما أعلنوه من اصلاح اقتصادى وخفض الدين العام للمستوى المشار اليه، ويشير بلا أدنى لبس لكون ما يسمى برنامج الإصلاح الاقتصادى للحكومة والصندوق برنامج متناقض ينطوى على سياسات متعارضة ومتضاربة، فبينما يلغى الدعم ويرفع الاسعار ويجمد الأجور ويخفضها بشكل نسبى، بدعوى خفض الإنفاق وتخفيض عجز الموازنة والدين العام، يخفض سعر الجنيه ويرفع أسعار الفائدة، فيؤدى لزيادة عجز الموازنة و ارتفاع الدين العام لأرقام فلكية.
– أن رفع أسعار الفائدة فى البنوك إلى مستوى من ٣٠ إلى ٣٥ فى المئة وهو معدل لايوجد سوى فى عدد محدود للغاية من الدول، سوف يؤدى لتهديد النشاط الإقتصادى، و إفلاس أعداد كبيرة من المشروعات.
– ستتضرر الصناعة بشدة وخاصة المشروعات الصغيرة، لاعتماد بنسبة كبيرة على مستلزمات الانتاج المستوردة، وبالتالى سترتفع تكلفة الإنتاج وتصبح الصناعة المصرية أقل تنافسية، وتصبح الزيادة الهائلة فى التكاليف سببا رئيسيا للتضخم، على عكس ماتدعيه الحكومة كل مرة من أن إجراءاتها من شأنها خفض التضخم .
– ستحدث ارتفاعات كبيرة للغاية فى أسعار السلع نتيجة اختبارات واضحة. فالكهرباء والبنزين والدولار التى تحملنا رفع سعرها مرات ومرات سنضطر لرفعها من جديد بعد انخفاض الجنيه وكأن الشعب المصرى هو سيزيف فى الاسطورة اليونانية، كلما اقترب من الوصول لقمة الجبل أعادته الآلهة لسفحه من جديد. وستحدث ارتفاعات أخرى كثيرة نتيجة ارتفاع الدولار والدولار الجمركى وخلافه، وستكون أكبر للغاية من قدرة الناس على تحملها .
– سيصبح بيع الأصول المصرية للمستثمرين الأجانب والخليجيين بالخسارة بالنسبة لمصر اذا كان يجرى تقييم الأصول بالجنيه المصرى ثم البيع بالدولار. وقد استفادت الإمارات فى صفقة رأس الحكمة مثلا من المشاركة ب١١ مليار دولار من الوديعة الإماراتية سيتم تحويلها للجنيه المصرى بالسعر الجديد بعد التعويم، فيصبح مقابلها ٥٥٠ مليار جنيه مصرى .
يذكر أن البنك المركزي، قد أعلن يوم الأربعاء الماضي رفع أسعار الفائدة بواقع 600 نقطة أساس، في محاولة لكبح جماح التضخم وفي إطار الاستعداد “لتنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح”، وذلك في وقت يتم فيه وضع اللمسات النهائية على حزمة تمويل إضافية من صندوق النقد الدولي.
وأصدرت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري بيانًا، أكدت فيه “رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس، ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب. كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%”.
وأكد البنك المركزي في البيان، التزامه بـ”الحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط. وتحقيقاً لذلك، يلتزم بمواصلة جهوده للتحول نحو إطار مرن لاستهداف التضخم، وذلك من خلال الاستمرار في استهداف التضخم كمرتكز اسمي للسياسة النقدية مع السماح لسعر الصرف أن يتحدد وفقاً لآليات السوق”.
وأضاف: “يعتبر توحيد سعر الصرف إجراءً بالغ الأهمية، حيث يساهم في القضاء على تراكم الطلب على النقد الأجنبي، في أعقاب إغلاق الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمي والموازي”.