بعد فوزه بجائزة «إيبرو تيمتيك».. محمد الباقر قصة حقوقي طالب بالعدالة لموكله فتحول لمتهم: حريته حقه (بروفايل)
«كل زياراتي له بتبقى عاملة زي لحظة الفرملة قبل ما تخبط حد، كل حاجة بتحصل بسرعة وكأنك منفصل عن جسدك وفي حلم يقظة لمدة ٢٠ دقيقة كل شهرين تلاتة»، بهذه الكلمات عبرت نعمة هشام، زوجة المحامي الحقوقي محمد الباقر، عن معاناتها في كل زيارة لزوجها بمحبسه، ووسط دعوات مستمرة بتضمينه بقوائم العفو مازال المحامي الحقوقي خلف القضبان في محبسه.
اقترب الباقر، مدير مؤسسة «عدالة» للحقوق والحريات، من إكمال 3 سنوات خلف القضبان منذ إلقاء القبض عليه وحبسه في سبتمبر من العام 2019 على ذمة القضية 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة.
وأصدرت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ في ديسمبر الماضي حكما ضد الباقر بالسجن 4 سنوات في اتهامه بنشر أخبار كاذبة في القضية رقم 1228 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ القاهرة الجديدة، والمنسوخة من قضيته الأساسية المحبوس فيها منذ سبتمبر 2019.
وتجاوز الباقر في 29 سبتمبر الماضي سنتين من الحبس الاحتياطي، وهي أقصى مدة للحبس الاحتياطي منصوص عليها في القانون، وبعدها يستوجب إخلاء سبيل المحبوسين، لكن لم يتم إطلاق سراحه وصدر بحقه الحكم سالف الذكر.
وفي مفاجأة سارة قالت المحامية الحقوقية ماهينور المصري: “النهاردة في باليرمو تم إعلان جايزة (إيبرو تيمتيك) Ebru Timtik بعد يومين من مؤتمر نظمه اتحاد المحامين الأوروبيين عن (المحاكمة العادلة) واللي اختاروا إن مصر تبقى الدولة اللي بيتكلموا عنها علشان سجلنا الرائع في إهدار كل فرص المحاكمات العادلة”.
وتابعت، السبت: “الجايزة بقي أخدها هيثم محمدين ومحمد الباقر والحقيقة هما فعلا خير من يمثلنا، ٢ من ألطف وأنبل وأطيب المحامين، وعلى الرغم من أن هيثم وباقر مش من نفس الخلفية الفكرية ولكن الحقيقة هما الاتنين لهم نفس الروح، تفاني شديد وتواضع شديد وحب لكل الناس وإجماع من الناس على حبهم من مختلف التيارات، ابتسامة موجودة على طول ودفع تمن كبير لإيمانهم بالعدالة”.
كان رمضان الماضي هو “ثالث رمضان” للباقر في الحبس بينما تتوق زوجته نعمة هشام إلى خروجه ليكون بجوارها على طاولة الإفطار، حيث قالت عبر حسابها على فيسبوك مطلع الشهر الكريم: “تالت رمضان من غير باقر .. واحشني جداً .. وهتجنن من تخيلك بتفطر في السجن سنة ورا سنة”. وكانت نعمة هشام قد ذكرت سابقا: “كل أحلامي وطموحاتي اختزلت في أني نفسي محمد يخرج، مش عايزة حاجة في الدنيا غير أن محمد يطلع، كفاية كدة”.
في 29 سبتمبر من العام 2019، وأثناء توجه مدير مؤسسة «عدالة» للحقوق والحريات إلى مقر نيابة أمن الدولة لحضور التحقيقات مع الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، فوجئ المحامي الحقوقي بقوات الأمن تحتجزه داخل مقر النيابة، ليتم إبلاغه بعد ذلك بصدور أمر ضبط وإحضار في حقه، حيث تم إدراجه متهما على نفس القضية التي كان ذاهبا للدفاع عن علاء عبد الفتاح فيها، ليتحول بذلك في ساعات من محامي إلى متهم في نفس القضية.
رحلة الباقر مع الحبس درامية للغاية، خاصة بعد وفاة والده بعد أسابيع قليلة من قرار حبسه، لتنطلق بعدها دعوات عديدة بالسماح له بتوديع والده ودفنه، وهو ما حدث بالفعل آنذاك.
في تصريحات سابقة، قالت نعمة هشام، زوجة الباقر، إن الباقر كان متعلقا بوالده بشكل كبير، ووفاته بعد مرضه في غياب الباقر بالتأكيد أثر على نفسية المحامي المعتقل بشكل كبير، معربة عن انتظارها له خارج السجن حتى يستطيع “أن يحزن على والده بشكل يليق.
ويواجه الباقر في القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة، اتهامات بمشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي وأيضا نشر أخبار وبيانات كاذبة.
وفي أغسطس 2020، حققت نيابة أمن الدولة العليا مع الباقر في قضية جديدة حملت رقم 855 لسنة 2020 أمن دولة، وقررت حبسه على ذمتها 15 يوما، بحيث يبدأ الحبس فيها فور إخلاء سبيله في قضيته الأولى.
وبعد إكمال الباقر سنتين في الحبس الاحتياطي على ذمة القضية 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة بدأت محكمة جنح أمن الدولة طوارئ في 18 أكتوبر 2021 محاكمة الباقر والناشط علاء عبد الفتاح والمدون محمد إبراهيم رضوان “أكسجين”، بعد يومين من إحالتهم للمحاكمة بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية وإذاعة ونشر أخبار وبيانات كاذبة داخل البلاد وخارجها.
وقضت المحكمة في 20 ديسمبر الماضي، حكمها بحبس الناشط السياسي علاء عبد الفتاح 5 سنوات وبغرامة مالية قدرها 200 ألف جنيه، وأيضا الحكم على محمد الباقر ومحمد أكسجين بالحبس 4 سنوات.
في وقت سابق، جددت منظمة العفو الدولية، المطالبة بالإفراج عن محمد الباقر. وقالت المنظمة عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، إنها تطالب بإسقاط الأحكام عن الباقر والإفراج عنه فورًا.
وأصدرت 65 مؤسسة حقوقية مصرية وعربية ودولية، في يناير الماضي، بيانا طالبت فيه السلطات المصرية بإسقاط الأحكام الصادرة على عدد من السياسيين والمعارضين في عدة قضايا، جميعها كانت أمام محكمة جنح أمن الدولة العليا طوارئ.
وشملت المطالبة بجانب الباقر كل من، المحامي زياد العليمي والناشط السياسي علاء عبد الفتاح الصادر ضدهما حكما بالسجن 5 سنوات.
ودعت المنظمات الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى إلغاء الأحكام الصادرة بحقهم، والذين حكم عليهم بالسجن لمدد طويلة في محاكمات أمام محاكم الطوارئ لمجرد قيامهم بممارسة حقوقهم بشكل سلمي. كما تحث المنظمات على وضع حد بشكل فوري لجميع المحاكمات أمام محاكم الطوارئ، خاصة وأن الأحكام الصادرة عنها غير قابلة للاستئناف.