بعد سقوط الطاغية بشار.. التحالف الشعبي الاشتراكي يحذر من تكرار السيناريو السوري ويدعو إلى إصلاح سياسي شامل
كتب – أحمد سلامة
حذر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي من تكرار ما وصفه بـ”السيناريو السوري” في مصر، مؤكداً أن الأحداث الدامية التي شهدتها سوريا خلال السنوات الماضية تقدم دروساً عميقة حول مخاطر تقييد الحريات والاعتماد على القبضة الأمنية، وما ينتج عن ذلك من تهديد لوحدة واستقرار الدولة.
وأشار الحزب في بيانه الصادر تحت عنوان “بعد سقوط الطاغية بشار وحتى لا يتكرر السيناريو السورى فى مصر” إلى أن النظام السوري بدأ في تعميق أزماته منذ سنوات طويلة، عندما تم تعديل الدستور السوري ليناسب الوريث الرئاسي بشار الأسد، مما فتح الباب أمام حكم استبدادي أدى لاحقاً إلى تقسيم فعلي لسوريا إلى مناطق نفوذ متفرقة، تصاحبها موجات هجرة واسعة وارتفاع أعداد المعتقلين وهيمنة سياسية لحزب البعث.
وأوضح البيان: “تابع حزب التحالف الشعبى الاشتراكى التطورات العاصفة فى سوريا وعينه على مصر وباقى دول المنطقة وعلى احتمالات امتداد السيناريو إليها، ورغم تعدد أسباب ما جرى فإنه يجب التركيز على مخاطر إقصاء الشعب وتقييد الحريات والحكم بالقبضة الأمنية للأجهزة التي تهاوت في غمضة عين وسط فرحة قطاعات واسعة من الشعب بسقوط الحكم الاستبدادي الذي بدأ بتعديل الدستور السوري ليتوائم منصب الرئيس مع سن الوريث (بشار الأسد) وانتهى بتعديل خريطة سوريا وتقسيمها الفعلي إلى كانتونات ومناطق نفوذ ترافقها موجات واسعة من الهجرة وارتفاع متزايد لأعداد المعتقلين وهيمنة شاملة لحزب البعث”.
وأكد البيان أن سوريا أصبحت نموذجاً صارخاً لما يحدث عندما تُقايض حرية الشعوب وحقها في التنظيم بمواقف مناهضة للهيمنة الاستعمارية، مشدداً على أن الشعب الحر والمنظم هو الحارس الأمين لأمن الوطن، وأن الاعتماد على أجهزة أمنية أو وكلاء خارجيين لا يمكن أن يعوض غياب الحرية والتنظيم المستقل.
ونبه الحزب إلى أن المشهد في سوريا يعكس كيف يمكن أن تتهاوى الأنظمة الأمنية في لحظات الأزمات، مما يفتح المجال للطائفية، الإرهاب، والتقسيم. وشدد على أن الأزمة السورية أتاحت لإسرائيل فرصة غير مسبوقة لضرب الجيش السوري، واحتلال مناطق مثل جبل الشيخ، واستغلال حالة التفكك الداخلي.
وأردف “ويرى حزب التحالف أن ما حدث في سوريا يؤكد للمرة المائة بعد الألف أن مقايضة أية مواقف مناوئة لمشروعات الهيمنة الاستعمارية بحرية الشعب والحق في التنظيم المستقل لا يغلق الباب أمام خطط الهيمنة ومشروعات التقسيم وأن الشعب الحر المنظم هو الحارس الأمين للوطن ولا يمكن الاستغناء عنه بالرعاة والوكلاء فعندما تحتدم الأزمة تتهاوى القبضة الأمنية ويفتح الباب للطائفية وجماعات الإرهاب وفرص التفتيت والتقسيم وتوسيع رقعة الاحتلال الصهيوني. وقد وجدها الكيان الصهيونى فرصة لكى يجهز على قدرات ومقومات الجيش السورى وبحتل جبل الشيخ والمنطقة العازلة بعد كل ما كاله لها من ضربات”.
وفي هذا السياق، دعا الحزب إلى تبني خطوات عاجلة لضمان عدم تكرار هذا السيناريو في مصر أو أي دولة أخرى بالمنطقة.. موضحا أن الخطوات الإصلاحية يجب أن تتضمن إطلاق سراح سجناء الرأي والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، ورفع الحصار المفروض على الأحزاب والنقابات.. كذلك ضمان حرية الإعلام واستقلال القضاء حيث دعا إلى اتخاذ خطوات جادة نحو حرية الإعلام واستقلال القضاء، بما يساهم في بناء دولة تقوم على مبادئ المواطنة واحترام القانون.
وطالب الحزب بضرورة تحقيق توازن واستقلال بين السلطات الثلاث، والعودة إلى دستور 2014، خاصة فيما يتعلق بمدد وصلاحيات الرئيس، لضمان عدم تحول الحكومة إلى مجرد سكرتارية للرئيس.. مشيرًا إلى أهمية مراجعة كافة الاتفاقيات التي تؤثر على سيادة مصر على مواردها الطبيعية، وعلى رأسها معاهدة كامب ديفيد واتفاقية الخرطوم، بالإضافة إلى تعزيز دور الدولة في توفير الاحتياجات الأساسية وأن تركز الدولة على تلبية احتياجات المواطنين الأساسية في مجالات الغذاء، الصحة، الإسكان، والتعليم.
كما دعا إلى سياسات اقتصادية تعتمد على الإنتاج، ووقف تصاعد الديون، وضم الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة.. وسن سياسات حازمة لمكافحة الفساد، وتحقيق عدالة توزيع الأعباء والموارد.
كما شدد البيان على ضرورة احترام التعددية الثقافية والفكرية، وحرية الإبداع، ودعم الحريات الأكاديمية وحقوق المرأة والشباب والأقليات.
وأوضح حزب التحالف أن ما حدث في سوريا يعد تحذيراً واضحاً لكل دول المنطقة، وليس لمصر فقط، بشأن مخاطر الحكم الاستبدادي.. مضيفا أن الاعتماد على الأجهزة الأمنية كحل وحيد لمواجهة الأزمات يؤدي في النهاية إلى انهيار هذه الأجهزة وفتح المجال أمام تدخلات خارجية وتفكك داخلي.
وأشار الحزب إلى أن الكيان الصهيوني استغل الأزمة السورية لإضعاف الجيش السوري واحتلال المزيد من الأراضي، في حين تفاقمت معاناة الشعب السوري بسبب الانقسامات الداخلية والطائفية.
وأكد الحزب أن الحلول الجذرية تكمن في احترام حقوق الشعوب، وتمكينها من حرية التنظيم والتعبير، وبناء نظام ديمقراطي يضمن التوازن بين السلطات واستقلالها.
واختتم حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بيانه بتجديد دعوته لكل القوى السياسية والمجتمعية في مصر للعمل معاً من أجل إصلاح سياسي شامل يحمي البلاد من مخاطر التفكك والهيمنة الخارجية.
وأكد أن الطريق الديمقراطي الذي يحترم الحق في التنوع ويرفض الطائفية والتقسيم هو الضامن الوحيد لمستقبل أفضل لمصر ودول المنطقة، داعياً الجميع إلى الوقوف صفاً واحداً في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.