بعد تصفيتها ووقف العمل.. “الحديد والصلب” تدرس عرضا أوكرانيا لإدارة وتطوير الشركة بنظام المشاركة في الإيراد
كتب- حسين حسنين
أعلنت شركة الحديد والصلب، إنها تلقت عرضا فنيا وماليا من شرك أوكرانية لتأهيل وتطوير وإدارة شركة الحديد والصلب المصرية، والتي اتخذ قرارا بتصفيتها، وذلك بنظام المشاركة في الإيراد.
جاء ذلك في بيان من الشركة للبورصة المصرية، مشيرا إلى أن إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية تدرس العرض المقدم من الشركة الأوكرانية
وبحسب البيان، حققت شركة الحديد والصلب المصرية، عن أول 9 أشهر من العام المالي الجاري، خسائر بلغت 724.14 مليون جنيه خلال الفترة من يوليو حتى نهاية مارس الماضي، مقابل خسائر بلغت 783.84 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام المالي السابق له.
وتراجعت إيرادات الشركة خلال التسعة أشهر لتسجل 776.22 مليون جنيه بنهاية مارس، مقابل 859.35 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي.
يذكر أن شركة الحديد والصلب أعلنت رسميا إيقاف العمل في مصنع الحديد والصلب بحلوان بشكل نهائي، تمهيدا لبدء إجراءات تصفيتها نهائيا، على الرغم من الاعتراضات العمالية والشعبية والنقابية الواسعة، والدعاوى القضائية لوقف قرار تصفية الشركة، لتفقد الصناعة الوطنية بذلك قلعة جديدة من قلاعها، ورمزاً وطنياً له مكانته في وجدان الشعب المصري.
واعتصم أكثر من 500 من عمال الوردية الثانية والثالثة بالمصنع احتجاجا على قرار إيقاف العمل وإغلاق المصنع، وتساءلوا عن مصير آلاف العمال في ظل الوضع الجديد، بينما انتشرت قوات الأمن في جميع الشوارع المؤدية إلى المصنع وأمام بوابات المصنع لتنفيذ قرار الغلق.
وفي وقت سابق أدانت دار الخدمات النقابية والعمالية إجراءات تصفية شركة الحديد والصلب المصرية بحلوان، وحملت متخذيها مسئولية إهدار صرح من أهم صروح الصناعة الوطنية.
وقالت الدار، في بيان لها، إن القرار المؤسف بإغلاق شركة الحديد والصلب المصرية، وإيقاف العمل بها، ومنع العمال من الحضور تمهيداً لاستلام المصفي، يعد تحديا صارخا لإرادة الشعب المصري وطموحاته الوطنية، التي كشف عنها رأي عام لا تخطئه العين، وكثير من المبادرات والمحاولات الشعبية.
وجددت الدار رفضها قرار تصفية شركة الحديد والمصرية، مؤكدة إدانتها الشديدة للإصرار على البدء في إجراءات التصفية الذي يتجاهل اتجاهات الرأي العام المصري والموقف المجتمعي الواضح الرافض لقرار التصفية، مؤكدة أن إصرار وزارة قطاع الأعمال العام على تنفيذ القرار المرفوض لا ينطوي فقط على تحدي الإرادة الشعبية، وإنما يتغافل أيضاً عن اعتبارات شديدة الأهمية.
وشددت على أن الاختيار بين تصفية شركة الحديد والصلب المصرية أو استمرارها وتطويرها، هو في المحل الأول قرار سياسي: هل نرغب في أن تكون لدينا صناعة الحديد والصلب الإستراتيجية أم أننا يعوزنا الطموح إلى ذلك؟، وأنه ليس خافياً على أحد أن الحديد والصلب صناعة مغذية لصناعات كثيرة تتكامل معها، وليس هناك من ينكر أن الشركة الكبيرة كانت وما تزال صرحاً من صروح الصناعة الوطنية، وقلعة من قلاعها، وأنها لبت احتياجات بالغة الأهمية في لحظات فارقة بدءاً من الصناعات الحربية، وانتهاءً بأسطوانات الأكسجين في ظل أزمة كورونا الخانقة.
دار الخدمات لفتت أيضا إلى أن الاختيار بين تصفية شركة الحديد والصلب المصرية أو استمرارها لا يمكن أن يستند فقط إلى حسابات الربح والخسارة الآنية الضيقة بمعزل عن دورها وموقعها في تحقيق التنمية الشاملة المستدامة، وفي بناء صناعة وطنية متكاملة على أسس قوية من الصناعات الثقيلة.
واستدركت: “رغم ذلك، وحتى بحسابات الربح والخسارة، تترتب على التصفية الكثير من الخسائر، فشركة المناجم والمحاجر التي تم فصلها عن الشركة الأم وتأسيسها تستند فقط إلى إمكانية تصنيع مكورات الحديد، غير أن الأبحاث الكثيرة التي سبق إجراؤها أثبتت أنه يكاد يكون مستحيلاً صناعة مكورات الحديد من الخام المصري، وأن الطريقة الوحيدة لتصنيع هذا الخام هي أفران شركة الحديد والصلب المصرية التي تم بناؤها وإعدادها خصيصاً لكي تناسب هذا الخام، نحن إذاً أمام مخاطر إغلاق هذه الشركة المنقسمة وإهدار الخام المصري”.
شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسية التي أنشئت خصيصاً لكي تتكامل مع شركة الحديد والصلب المصرية وتمدها بالفحم اللازم لها مهددة هي الأخرى بالتوقف والتصفية – وفقا للدار – حيث إن إيقاف الفرن الرابع الذي يعمل في الشركة الآن يعني خسارة قدرها مباشرة قدرها نصف مليار جنيه تقريباً، وتصفية البنية التحتية لشركة الحديد والصلب المصرية بما تحتويه من محطات غاز، وكهرباء، وسكك حديدية، وهو ما يمثل أيضاً خسارة كبيرة، كما أن الكثير من هذه المحطات والشبكات يمتد إلى أعماق بعيدة تحت الأرض الأمر الذي يجعل الاستفادة من هذه الأرض لغير الغرض الذي أُعدت له أمراً شديد الصعوبة، فضلاً عن الصناعات التي تتكامل مع شركة الحديد والصلب والتي تتضرر بالقطع من تصفية هذه الشركة.
كان وزير قطاع الأعمال العام ورئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية اتخذا- من خلال الجمعية العمومية غير العادية لشركة الحديد والصلب المصرية المنعقدة يوم 11 يناير الماضي – قراراً بتصفية شركة الحديد والصلب المصرية على سندٍ من القول بخسائرها الكبيرة وتعذر إصلاحها.
أعقب ذلك رفضاً شعبياً كبيراً لتصفية الشركة، وإقامة دعاوى قضائية من العمال وحاملي الأسهم، وتقديم عروض من عدة جهات للاستثمار في عملية إصلاح الشركة.
وقالت دار الخدمات إن صناعة الحديد والصلب كانت حلماً وأملاً يراود المصريين، إلى أن أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في 14 يونيو 1954 مرسوماً بتأسيس شركة الحديد والصلب، كأول مجمع متكامل لإنتاج الصلب في المنطقة العربية باستخدام تكنولوجيا الأفران العالية وبمعدات ألمانية للصهر من خامات الحديد المستخرجة من أسوان لتحتل الشركة مكانتها الرائدة في صناعة الحديد والصلب في المنطقة العربية.
إلا أن الشركة رغم ريادتها أخذت تعاني خلال الأعوام الماضية بسبب تقادم الآلات والمعدات، وازدياد نفقات التشغيل، وضعف قدراتها التنافسية في السوق في ظل منافسة غير عادلة مع إغراق السوق بالحديد المستورد بأسعار تقل عن تكلفة إنتاجه على الأخص من تركيا وأوكرانيا والصين، ثم ازدادت الأمور سوءاً مع قرار الحكومة عام 2017 “بتعويم الجنيه المصري”، حيث تزايدت نفقات التشغيل وتكرر انقطاع الغاز الطبيعي عن المصانع، وعدم انتظام توريد الفحم أضافة إلى مخالفته معايير التشغيل وانخفاض جودته فضلاً عن عدم وجود إدارة ذات كفاءة.