بعد أزمة مقبرة طه حسين.. السيسي: لا يمكن نعمل حاجة تجاه مناطق فيها مقابر لشخصيات نقدرها ونحترمها.. وأبو الغار: خطوة إيجابية
السيسي: نعالج هذا الأمر بكباري ومهم نقول ده ومانديش فرصة لحد يشوه الجهد اللي بنعمله
أبو الغار: هناك حلول هندسية تمنع تدمير الآثار بالكباري وهو ما طالبت به جموع المثقفين.. والانصات لرأي الشعب يمنع التوتر
كتبت: ليلى فريد
قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: “يهمني أقول لكل الناس اللى بتسمعنى واللي ليهم تواجدات، سواء مقابر ذات قيمة لشخصيات إحنا بنقدرها ونحترمها، أو ذات آثر تاريخي”.
وأضاف خلال تفقد الأعمال الإنشائية لتطوير عدد من الطرق والمحاور بالقاهرة الكبري: “لا يمكن أبدا نعمل حاجة تجاه مناطق فيها مقابر لشخصيات نقدرها ونحترمها أو لمناطق آثرية، ونعالج هذا الأمر بكباري ومهم نقول ده، ومش ندي فرصة لحد يشوه الجهد اللى بنعمله”.
وقال الكاتب والسياسي والطبيب محمد أبو الغار: “تصريح رئيس الجمهورية بعدم الاعتداء على مقابر الشخصيات الهامة في المنطقة أمر جيد ويعني أن هناك حلول هندسية تمنع تدمير الآثار بالكباري وهو ما طالبت به جموع المثقفين منذ فترة”.
وتابع: “القرار خطوة إيجابية تشير إلى أن العافية فقط، واتخاذ قرارات من جانب واحد دون سماع الرأي الآخر واعتبار أن هناك مجموعة واحدة فقط هي التي تفهم والباقي ورأي الناس ملوش لازمة أمر غير صائب، وأن الاستماع لوجهات النظر المختلفة والإنصات إلى رأي الشعب أمر جيد يمنع التوتر بين الدولة والناس وله مردود إيجابي”.
ومؤخرًا، قالت محافظة في بيان لها، إنه لا صحة لما يتم تداوله عبر المواقع الإخبارية وصفحات السوشيال ميديا بشأن إزالة مقبرة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين ضمن أعمال التطوير التى تجرى بالمنطقة المحيطة بها، وأن ما يتم تداوله بهذا الشأن عار تمامًا من الصحة.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا عليها علامة الإزالة لمدفن طه حسين، بالمقطم.
وقالت المهندسة جيهان عبد المنعم، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية، إنه لم يصدر قرار بازالة مقبرة عميد الأدب العربي الواقعة فى منطقة مقابر قرافة سيدي عبد الله بمنطقة التونسي بالقرب من مسجد ابن عطاء الله السكندري بنطاق حي الخليفة بجنوب القاهرة ولا تدخل ضمن أعمال التطوير التي تتم حاليا.
وقالت ابنة حفيدة عميد الأدب العربي، مها عون، إن “الأسرة استقرت بعد اجتماعات ومناقشات على عدم نقل رفات جدها إلى خارج مصر، أمام حالة الحب التي أظهرها الجميع له”. وأوضحت أن “رأي أغلبية الأسرة أن طه حسين طالما تعرض لهجوم من متطرفين خلال حياته ولم يترك مصر، ومن ثم لا يمكن إخراجه منها بعد مماته، لأن هذا سيكون بمثابة نفي له”، مشددة على أن “طه حسين مصري وينتمي لمصر”.
بدورها قالت النائبة مها عبد الناصر: أتوجه بالشكر للحكومة على الاستجابة لمطالبات مثقفي مصر ومطالباتي المتكررة بالعدول عن فكرة إزالة مقبرة طه حسين وإدراكهم أهميتها التاريخية والثقافية، وانتهز هذه الفرصة لتذكير الدولة كلها بأن العام القادم هو «اليوبيل الذهبى لوفاة طه حسي».
وأضافت في تصريح لها: «لذا أطالب كل الجهات بأن نبدأ بإحياء مشروع طه حسين التنويرى ولنجعل عام 2023 عام يحمل إسم طه حسين بما فى ذلك الدورة القادمه لمعرض الكتاب، فالمجتمع ككل فى أشد الحاجة الآن إلى إحياء مشروع طه حسين التنويري والنهضوي».
بدوره قال الأديب يوسف زيدان: «يجب أن نشكر محافظ القاهرة على تأكيده بأن مقبرة طه حسين لن تُهدم، وسيكون الشكرُ أوفر، لو دعا أحد العمال بطلاء واجهة المقبرة بعد التشويه الذي لحق بها بسبب كتابة كلمة “إزالة” ثم طمسها، وأنا على استعداد لتسديد نفقات الطلاء، بل ومستعد للقيام به بيدي».
وتضم المقبرة، الموجودة حاليا في منطقة “الخليفة”، بالقرب من مسجد ابن عطاء الله السكندري، أيضا رفات ابنته أمينة، التي كانت من أوائل الفتيات اللائي حصلن على شهادة جامعية في مصر، ورفات زوجها الراحل محمد حسن الزيات، الذي شغل منصب وزير خارجية مصر إبان حرب أكتوبر عام 1973.
وفي الآونة الأخيرة، أزالت السلطات المصرية العديد من المقابر التاريخية، التي يبلغ عمر بعضها مئات السنين، بهدف توسعة الطرق وإقامة مشروعات عمرانية، وهو ما أثار العديد من الانتقادات.
ورحل طه حسين في أكتوبر عام 1973، وأقيمت له جنازة ضخمة انطلقت من جامعة القاهرة. وكان من أبرز مؤلفاته الأدبية دعاء الكروان، والأيام، والمعذبون في الأرض، وفي الشعر الجاهلي، وشجرة البؤس.
وكان حسين عميدا لكلية الآداب بجامعة القاهرة، كما عُين وزيرا للتعليم في مطلع الخمسينيات من القرن العشرين ليرفع شعار “التعليم كالماء والهواء”. وأمضى بضع سنوات في بعثة تعليمية بفرنسا في بدايات القرن العشرين حيث نال أكثر من درجة علمية في الأدب والتاريخ.
وسعت الحكومة المصرية، على مدى السنوات الماضية، إلى بناء العديد من الجسور والطرقات الجديدة بهدف تحسين المدن.
ومنذ عام 2014، دشنت الحكومة المصرية أكثر من 600 جسر ونحو 21 طريقا جديدا، بتكلفة أكثر من 85 مليار جنية (5.3 مليار دولار)، بحسب وزارة النقل. لكن تلك المشاريع قوبلت بانتقادات من جمعيات مهتمة بالتراث.
فرغم تأكيد السلطات المصرية اهتمامها بالقاهرة التاريخية، يقول مهتمون بالتراث إن السلطات المصرية أزالت عشرات المدافن، من بينها مقابر شخصيات تاريخية، في منطقة “قرافة المماليك”.
وهي مقابر سجلت ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو وتعود للقرن السابع الميلادي، وتضم مدافن سلاطين وأمراء من المماليك وشخصيات تاريخية، وكثيرا من العامة.
ونفت الحكومة مرارا أن يكون أي من المدافن التي يجري هدمها مسجلا في عداد المباني الأثرية، مؤكدة حرصها على الحفاظ على المناطق الأثرية.
لكن في السنوات الأخيرة، كررت اليونيسكو شكواها من “الإهمال الذي تتعرض له المنطقة، وهددت بشطبها من قائمة التراث العالمي، ونقلها لقائمة التراث المعرض للخطر”، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية.
ويعدّ طه حسين أحد أبرز أعلام التنوير في مصر الحديثة، وكان صاحب مشروع فكري تأثر بعدد من المفكرين العرب والغربيين.
ولد طه حسين علي سلامة في عام 1889 بإحدى قرى محافظة المنيا، وفقد بصره في الرابعة من عمره متأثرا بداء الرمد. وأرسله والده إلى كتاب القرية حيث حفظ القرآن في وقت وجيز.
والتحق طه حسين بالجامع الأزهر، وكان يتنقّل بين العلماء والمشايخ يتلقّى على أيديهم علوم اللغة والشريعة، مما كان يُدرس في ذلك الوقت.
وانتسب طه حسين إلى الجامعة المصرية عام 1908 وحصل على درجة الدكتوراه في فلسفة أبي العلاء المعري، قبل إيفاده إلى فرنسا في بعثة علمية.
ومن فرنسا حصل طه حسين على درجة الدكتوراة في الفلسفة الاجتماعية، كما اجتاز درجة علمية في القانون الروماني.
وفي فرنسا كذلك تعرّف على زوجته سوزان بريسو، التي رافقته حتى آخر رحلته في الحياة.
وبعد عودته من فرنسا، عيّن طه حسين أستاذا بالجامعة المصرية، وتولى عمادة كلية الآداب. كما عُيّن طه حسين وزيرا للمعارف.
وخاض طه حسين كثيرا من المعارك الأدبية والثقافية. وأثار كتابه “في الأدب الجاهلي” ضجة لم تهدأ إلى الآن.
وفي أكتوبر من عام 1973، رحل طه حسين عن عالمنا عن أربعة وثمانين عاما، قضى معظمها، شابا وكهلا، في إنارة الطريق لأبناء قومه، وقد أثرى المكتبة العربية بأكثر من أربعين كتابا.