باحث في العلاقات الاقتصادية يُهاجم سباق الاستحواذات الخليجية: نبيع شركاتنا الناجحة لسداد الديون.. ووثيقة ملكية الدولة «مغارة علي بابا»
المستثمرون الأجانب يضحكون بسبب ما يحدث وبيقولوا فيه أوكازيون في مصر.. هل سياستنا فقط لإدارة الدين العام
الصفقات التي تمت هدفها الحصول على نقد أجنبي للصرف على سداد الديون وليس لعمل استثمار جديد.. اللي عندنا نقل ملكية من إيد لإيد
اللي حصل إنه دخلت فلوس لتمويل عملية الشراء ولا نعرف أين ذهبت الأموال وعلى الحكومة تقديم كشف حساب لأن دي فلوس الشعب
أرفض تسيسس التجارة والاستثمار.. وصناديق السعودية والإماراتية عايزين يسيطروا على خدمات المالية والطاقة والأسمدة والأغذية
الدولة محتاسة ومش عارفة تسد الديون.. ومش عارف اتخيل إن الحكومة غارقة في بركة ومستمرة في الاستدانة
جابوا أصحاب المصالح وحطوهم على طرابيزة يتفاوضوا أنت تاخد دول وأنا آخد دول.. وما كتب عن وثيقة الملكية حتى الآن سطحي
هاجم إبراهيم نوار، الباحث المتخصص في العلاقات الاقتصادية والنزاعات الدولية، الاستحواذات التي جرت مؤخرًا، مطالبًا بضرورة أن تخضع لقوانين منظمة.
وقال نوار في ندوة عن بعد نظمها الحزب (المصري الديمقراطي)، إن الاستحواذ أحد آليات البورصات العالمية، تسمح بنقل رؤوس الأموال، والبورصة وسيلة تعامل لنقل ملكية الاسهم, ويجب أن تكون منظمة حسب القوانين التي تنفذها هيئات مستقلة، وليس في قعدة قهوة، مفيش استحواذ دون قوانين وهئيات منظمة تضمن عدم الاحتكار وحقوق الشركات تكون مصونة، قوانين البلد المستثمر فيها تُحترم، مفيش في الثقافة الخليجية حاجة اسمها نقابة زي عندنا، وبيشتروا شركات لها لجان نقابية.
وتابع عضو مجلس أمناء الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي: “الصفقات التي تمت هدفها الحصول على نقد أجنبي، لصرفها على سداد الديون وليس لعمل استثمار جديد، الكلام إن عندنا استثمارات جديدة مضلل لأن اللي عندنا نقل ملكية من إيد لإيد”.
وأضاف: “اللي حصل إنه دخلت فلوس لتمويل عملية الشراء، ولا نعرف أين ذهبت الأموال، الحكومة لازم تقم كشف حساب، لأن دي فلوس الناس مش فلوس الحكومة، كانوا بيقولوا شدوا الحزام عشان التنمية، ودلوقتي بيبيعوا الشركات بتاعة الشعب”.
وتسائل: “أين تذهب حصيلة بيع الصفقات، الحكومة هتعمل إيه بالحكومة، ولا تمت التسوية من بره لبره، أنت بتمول خدمة الدين، ولابتعمل استثمارات جديدة؟”.
وقال نوار: أرفض تسيسس التجارة والاستثمار والاقتصاد، والأموال تستخدم في السياسية، وإحنا شايفين قدام عينيا في حرب أوكرانيا.
وتابع: شايف مثلا الصناديق السيادية السعودية والإماراتية بيشتروا في الشركات وعايزين يسيطروا على خدمات المالية والطاقة والأسمدة والأغذية، رأس المال اللي جاي من أمريكا وأوروبا ليس له غطاء سياسي أو أجندة سياسية، والاستثمار يجب أن لا يكون مملوكًا للحكومات ليبعد عن السياسية.
وأضاف: الدولة محتاسة ومش عارفة تسد الديون، بكرة تمد إيديك وتقول لله يا محسنين، استمرار الاستدانة غلط، ومش عارف اتخيل إن الحكومة غارقة في بركة ومستمرة في الاستدانة، والمستثمرين الأجانب بيضحكوا وبيقولوا فيه أوكازيون في مصر، مش عيب إن الخلايجة ييجوا لكن يكون فيه قوانين منظمة.
وواصل: “السيولة الدولارية بتروح، هل الاحتياطي النقدي زاد، لا، الفلوس بتيجي من هنا بتروح من هنا، هل السياسية المصرية، سياسة لإدارة الدين العام، مش عارفين نعمل فائض من أي مشروع، بكرة هتبيع إيه، النهارده بعت أصول بتجيب فلوس، ولما تيجي لأصول مش بتجيب فلوس هتعمل إيه؟، وأنت قبل ما تاخد قرض شوف هتسده منين، وتكلفة سداد الدين العام بتزيد عن أضعاف قدرة الاقتصاد”.
وأكد نوار أن “وثيقة ملكية الدولة زي مغارة علي بابا، جابوا أصحاب المصالح وحطوهم على طرابيزة يتفاوضوا، أنت تاخد دول وأنا آخد دول، أنت واقع في أزمة، هل أنا كان لازم أحط قواعد لضمان المنافسة، ولا أسيب القطاع الخاص المتوحش يسيطر على السوق، لما الجبنة بتاعتك تبقى مش بتاعتك، وما كتب عن الوثيقة حتى الآن سطحي حتى الآن، يجب مراجعة الوثيقة”.
يشا إلى أنه تتسابق السعودية والإمارات في الاستحواذ على الشركات العاملة في قطاعات الأسمدة والحاويات والتكنولوجيا المالية، إذ حصل البلدان الخليجيان على على 45% من “موبكو” و41% من أبو قير للأسمدة و52% من الأسكندرية للحاويات و37.6% من شركة “إي فاينانس”.. وبينما يحتدم السباق بينهما تدخل قطر على الخط إذ يعتزم الشيخ تميم بن حمد أمير قطر زيارة مصر خلال الأسابيع المقبلة للاستحواذ على حصص في”الإسكندرية للحاويات” إضافة إلى شركات أخرى بقطاعي التكنولوجيا المالية والأغذية باستثمارات قطرية تصل لـ 20 مليار دولار.
وفي ظل الصراع الخليجي على الاستحواذ على الشركات المصرية، امتد عملية “البيع والاستحواذ” إلى الموانئ المصرية، حيث صدرت تأكيدات عن مصادر مُطلعة أنه يتم دراسة مدى ملائمة طرح أي من الموانئ المصرية في البورصة للمستثمرين العرب والأجانب، في وقت أعلنت فيه هيئة قناة السويس عن اعتزامها إدراج 3 شركات في البورصة المصرية مع نهاية العام الحالي.
الخبير الاقتصادي، هاني جنينة، قال إن مصر مُلزمة بسداد 30 مليار دولار حسب متوسط التقديرات بحلول نهاية العام الجاري، مُرجعًا ذلك إلى الفجوة التمويلية.. ويوضح جنينة أن الفجوة التمويلية في ميزان المدفوعات تنشأ من أمرين، أولهما التزام مصر بسداد مديونيات القروض من أقساط وفوائد كالتي حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولي أو دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وتبلغ قيمة القروض -حسب جنينة- 20 مليار دولار، مُشيرًا إلى أن هذه هي الأرقام التي أعلنها البنك المركزي في أواخر عام 2021.. مضيفًا في الوقت ذاته أن “عدم الوفاء بهذه المديونيات يُسمى (تخلف عن السداد) وبالتالي نذهب إلى مصير سيرلانكا”.ويستكمل الخبير الاقتصادي “الأمر الثاني هو أننا مدينين بـ 10 مليار دولار أيضًا في صورة عجز في ميزان المعاملات الجارية، وهو المتعلق بعملية الاستيراد والتصدير، وبالتالي لدينا عجز بسبب زيادة أسعار القمح والبترول عالميًا”.
العديد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني أبدت رفضها لعمليات البيع الجارية، كان من بينها حزب “التحالف الشعبي الاشتراكي” الذي حذر في بيان من خطورة هذه الصفقات على الأمن القومي المصري، داعيا إلى الوقف الفوري لسياسة بيع الأصول الاقتصادية الرابحة والاستراتيجية”.
وقال الحزب، في بيان صحفي، “فوجئنا بالإعلان عن بيع عدد من الشركات والأصول المصرية الرابحة للسعودية، وسبق ذلك استحواذ الإمارات على حصص في عدد آخر من الشركات الرابحة، ضمن مخطط لضخ أموال أعلن عنها قدرت بـ٢٢ مليار دولار من السعودية والإمارات وقطر، زعموا أنها تساعد مصر لمواجهة نقص سيولة النقد الأجنبي والأزمة الاقتصادية، في حين ستذهب أساسا للاستحواذ على عدد كبير من الشركات والأصول المصرية الرابحة، ما ستكون له انعكاسات بالغة السلبية والخطورة في الأجل المنظور”.
وأوضح “التحالف الشعبي”، أنه بذلك لحقت السعودية بالإمارات في الاستحواذ على حصة في شركة أبو قير للأسمدة، إلى جانب ثلاث شركات مصرية أخرى هي؛ مصر لإنتاج الأسمدة، والإسكندرية لتداول الحاويات، وشركة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، بمبلغ وصل إلى مليار و٣٠٠ مليون دولار، وكانت الإمارات قد سبق لها منذ شهور الاستحواذ على حصص في عدد من الشركات المصرية على رأسها؛ البنك التجاري الدولى، وشركتى أبو قير وموبكو للأسمدة، وشركة فورى، مقابل ١.٨ مليار دولار”. .
وأضاف: “بهذا تسير الخصخصة ونقل الأصول المصرية الرابحة للأجانب وتحديدا الخليجيين بسرعة الصاروخ، وفى ظل أزمة مالية أدت لها سياساتها، تبيع الحكومة المصرية كل الدجاج الذى كان يبيض ذهبا، ومن المعروف أن شركة أبو ظبى القابضة كانت قد استحوذت منذ أربع شهور على ٢١ فى المئة من أسهم شركة أبو قير للأسمدة بقيمة ٣٩٢ مليون دولار، أى حوالى ٦ مليارات جنيه مصري”.
وأشار إلى أنه بعد أربع أشهر فقط حققت “أبو قير للأسمدة” أرباحا قدرها ٩ مليارات جنيه، نصيب أبو ظبى فيها ١.٨ مليار جنيه ، أي إنها استردت أكثر من ربع ما دفعته فى أربع أشهر فقط، وسيكون على الاقتصاد المصرى تحمل التزام تحويل كل أرباح المستثمر الإماراتى للخارج بالعملة الصعبة سنويا، متسائلا: “هذا استثمار كما تقول وزيرة التخطيط أم بيع لكل ما يدر لمصر دخلا حتى وصل الأمر لبيع عفش البيت”.
وأكد الحزب أن ما يتم الترويج له من أن مثل هذه الاستثمارات – التى هى ليست استثمارات حقيقية بل مجرد استحواذ ونقل ملكية للأصول الموجودة فعلا – ستحل مشكلة السيولة فى مصر ليس صحيحا، فهى ليس بوسعها أن تكون حلا لنقص السيولة الأجنبية، بل ستزيدها تفاقما على تفاقم، نتيجة حق تحويل الاستثمارات وأرباحها للخارج بالعملة الصعبة.
وتابع: “نتيجة لهذا فقد أصبح ميزان الدخل الاستثمار الأجنبى سالبا بالفعل ويشكل ضغطا جديدا على الاقتصاد المصرى والعملات الأجنبية، ووفقا لآخر بيانات البنك المركزى فإن ميزان دخل الاستثمار قد زاد عجزه إلى ١١.٣ مليار دولار فى التسعة أشهر الأولى من السنة المالية الأخيرة، مقابل ٨.٩ مليارات فى الفترة المناظرة من العام السابق، أى أن العجز فى زيادة مطردة رغم تدفق الأموال الخليجية المشار إليها”.
واستكمل: “الغياب التام للشفافية فى كل تلك الصفقات وحظر الطعن عليها بأى شكل من الأشكال مهما شابها من مخالفات أو فساد، ولتهديدها أيضا الأمن القومى المصرى باحتكار المستثمرين الأجانب لقطاعات حيوية كقطاع الأسمدة وغيره فى وقت نواجه فيه أزمة غذاء وأسمدة عالمية، ولمخالفة نصوص الدستور التى تقررحرمة الملكية العامة، فإننا نرفض تلك الصفقات ونحذر من خطورتها، وندعو للوقف الفورى لسياسة بيع الأصول الاقتصادية الرابحة والاستراتيجية”.