انتقادات واسعة لتعيين الإمارات مسؤولا نفطيا لقيادة مؤتمر المناخ “كوب 28”
بي بي سي
عينت الإمارات رئيس إحدى أكبر شركات النفط في العالم لقيادة محادثات المناخ العالمية “كوب 28” في دبي في وقت لاحق من هذا العام.
وسلطان أحمد الجابر هو الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبو ظبي الوطنية، وهو أيضاً وزير التجارة، ومبعوث المناخ لدولة الإمارات التي تستضيف الدورة 28 لمؤتمر المناخ.
ويقول نشطاء إنه يجب أن يتنحى عن دوره في مجال النفط عندما يرأس المؤتمر لأن هناك تضارباً واضحاً في المصالح، بحسب مراسل بي بي سي للشئون البيئية مات ماكغراث.
ونقلت وكالة أنباء الإمارات عن الجابر قوله “نسعى إلى تقديم نهج واقعي وعملي وبراغماتي يركز على إيجاد الحلول ويحدث نقلة نوعية في العمل المناخي والنمو الاقتصادي منخفض الانبعاثات”.
وأضاف الجابر أن بلاده ترى أن “العمل المناخي يمثّل فرصة مهمة للاستثمار في النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام وأن توفير التمويل اللازم يعد عاملاً حاسماً لإطلاق العِنان للعمل المناخي”.
ويرى المناصرون لحماية البيئة أن شخصاً منغمساً في صناعة النفط قد لا يدفع الدول إلى خفض إنتاجها واستخدامها للوقود الأحفوري بسرعة، وهو الأمر الذي يقول العلماء إنه بالغ الأهمية لتجنب تغير المناخ الخطير.
وإدارة محادثات المناخ العالمية ليست مهمة سهلة، إذ تفحص أعمال الرئيس وكل كلمة يقولها بشدة، قبل المؤتمر بأشهر وخلاله، يكتب ماكغراث.
ويهيمن الجدل بالفعل على “كوب 28” إذ إن الدولة المضيفة، الإمارات، هي واحدة من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم. وسيعقد كوب 28 في دبي في تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر القادمين.
ومن المرجح أن يؤدي تعيين شخصية رئيسية في صناعة الطاقة بوصفه رئيساً مُعيناً لكوب 28 إلى زيادة المخاوف من تأثر محادثات المناخ العالمية بمصالح الجهات المرتبط بالوقود الأحفوري.
ووصف بعض من حضروا اجتماع كوب 27 الأخير في مصر بأنه كان “معرض تجارة الوقود الأحفوري المجيد”.
وأظهر تحليل أسماء الجهات والأفراد المسجلين للمشاركة في الحدث، زيادة كبيرة بعدد من كانوا مرتبطين بصناعة النفط والغاز مقارنة بالاجتماعات السابقة.
وضم الوفد الكبير من دولة الإمارات في مؤتمر شرم الشيخ، 70 شخصاً على صلة وثيقة بالوقود الأحفوري.
والجابر هو الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبو ظبي الوطنية، التي يُقال إنها ثاني أكبر شركة نفط في العالم.
وعلى مدار العقد الماضي، أصبح وجهاً لقطاع الطاقة في الإمارات، لكنه سيكون أول مسؤول تنفيذي في قطاع النفط يتولى منصب رئيس مؤتمر المناخ.
وبالإضافة إلى أنه وزير الصناعة ومبعوث المناخ، فهو أيضاً رئيس مجلس إدارة شركة مصدر، وهي شركة الطاقة المتجددة المملوكة للحكومة وساعد في تأسيسها.
ومن المؤكد أنه حذر منذ فترة طويلة من مخاطر تغير المناخ، لكن نشطاء قلقون بشأن تعيينه، ويدعون إلى تنحيه عن أدواره في الصناعة.
وقالت تسنيم إيسوب من كلايمت أكشن انترناشونال: “من الضروري أن يطمئن العالم على أنه سيتنحى عن منصبه باعتباره رئيساً تنفيذياً لشركة بترول أبوظبي الوطنية”.
وأضافت: “إنه لا يستطيع أن يرأس مؤتمراً لمعالجة أزمة المناخ، في ظل تضارب مماثل في المصالح، إذ أنه على رأس صناعة مسؤولة عن الأزمة نفسها”.
وما سيقلق الناشطين هو أن كبار منتجي النفط والغاز هم من بين من يعارضون التخلص التدريجي السريع من جميع أنواع الوقود الأحفوري.
وفي كوب 27، كان هناك دفعة قوية من أكثر من 80 دولة للمؤتمر لإعلان دعمه لخفض تدريجي للنفط والغاز وكذلك الفحم.
ولم تنجح هذه المحاولة في مواجهة معارضة شديدة من الدول التي تعتمد على صادرات الوقود الأحفوري.
وبينما قوبل تعيين الجابر بانتقادات من النشطاء، رحب آخرون منخرطون في دبلوماسية المناخ بهذه الخطوة.
وقال إيفو دي بوير، الذي شغل منصب رئيس شؤون المناخ في الأمم المتحدة بين عامي 2006 و2010: “تبنت الإمارات استراتيجية سليمة للنمو الأخضر وهي مستثمر رئيسي في الطاقة المتجددة في الداخل والخارج”.
وأضاف: “كان رئيس مؤتمر المناخ المعين فعالاً في العديد من هذه القضايا. وهذا يزوده بالفهم والخبرة والمسؤولية لجعل كوب 28 طموحاً ومبتكراً ومركّزاً على المستقبل”.
وسوف تختبر هذه المهارات بالتأكيد في اجتماعات دبي في أوائل ديسمبر/كانون الأول من هذا العام.
وسيعقد كوب 28 أول تقييم رسمي للتقدم المحرز في خفض انبعاثات الكربون منذ توقيع اتفاقية باريس.
وسيكون “التقييم العالمي”، كما يطلق عليه، لحظة رئيسية في توضيح إلى أي مدى ستحتاج الدول إلى الحد من انبعاثاتها.
وبحسب البيان الإماراتي الصادر الخميس فإن كوب28 “يقام في مرحلة بالغة الأهمية نظراً للآثار السلبية التي يعاني منها العالم”.
وتعد الإمارات واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم. وبعدما عملت على تنويع اقتصادها على مدى عقود، أصبحت الدولة الصحراوية التي يبلغ عدد سكانها عشرة ملايين بينهم تسعة ملايين أجنبي تعتمد بشكل أقل على البترول.
لكنها تتوقع أن تحتاج صناعة النفط والغاز إلى استثمار أكثر من 600 مليار دولار كل عام حتى سنة 2030 لمجرد مواكبة الطلب المتوقع.
في الوقت ذاته، تنفق الإمارات مليارات الدولارات لتطوير طاقة متجددة كافية لتغطية نصف احتياجاتها بحلول عام 2050، وقد أطلقت “مبادرة استراتيجية” تستهدف الحياد الكربوني بحلول ذلك العام، بحسب فرانس برس.