انتقادات دولية ومحلية من ارتفاع قياسي للأسعار في شرم الشيخ تزامنا مع قمة المناخ: فرصة لتحقيق المكاسب أم وسيلة لمنع النشطاء والمحتجين؟
مصادر لـ”درب”: كثير من العاملين في شرم الشيخ رأوا في المؤتمر الجاري فرصة لتعويض خسائر السياحة خلال الفترات السابقة
المصادر: إلغاء عدد من الرحلات لبعض السياح من غير المدعوين للمؤتمر وتم إبلاغ جميع الشركات قبل أيام بضرورة وقف أي وفود سياحية
أسعار الفنادق على موقع “بوكينج” العالمي للحجوزات ارتفعت خلال مدة إقامة القمة مقارنة بأسعار نفس الغرف في الأيام العادية أو حتى مواسم السياحة
باحثة أسترالية: الفندق اتصل بي وأخبرني أن فاتورتي ارتفعت من 2500 دولار إلى 10500 دولار وأنني سأحتاج إلى الدفع أو إلغاء الحجز
مدير معهد تغير المناخ في الجامعة الوطنية الأسترالية: الوصول لمؤتمر الأطراف عمل باهظ للغاية.. وقصص التلاعب في الأسعار منتشرة
تقرير: التلاعب في الأسعار يؤدي إلى استبعاد العديد من المنظمات غير الحكومية ومجموعات المصالح من الدول النامية
كتب – أحمد سلامة
ارتفاع قياسي وغير مسبوق في الأسعار تشهده مدينة شرم الشيخ قبيل وتزامنًا مع بدء مؤتمر المناخ “كوب 27″، في وقت تضاربت فيه التصريحات حول أسباب ذلك الارتفاع، حيث بررها البعض بأنها أقرب إلى “موسم سياحي” فيما رأى البعض أنها محاولة للحد من تواجد النشطاء.
عدد من المصادر تحدثت إلى “درب” حول ارتفاع الأسعار في شرم الشيخ، إذ قال أحد مدراء شركات السياحة إن التعامل داخليًا في شرم الشيخ اقتصر على العملات الأجنبية، فيما ارتفعت بشدة أسعار الفنادق بصورة مبالغ فيها، مضيفًا “الجميع يتعامل مع مؤتمر المناخ باعتباره موسمًا سياحيا قد لا يُعوض”.
المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه قال لـ”درب” إن “كثير من العاملين في شرم الشيخ رأوا في المؤتمر الجاري فرصة لتعويض خسائر السياحة خلال الفترات السابقة، وبالتالي فإن عليهم أن يستغلوا تلك الفرصة، لذلك تضاعفت أسعار قيمة الخدمات المقدمة حتى أبسطها، كما شهدت أسعار السلع زيادة مبالغ فيها في بعض الأماكن”.
ويشير إلى أن أصحاب محال التحف “البازارات” رفعوا من قيمة الأسعار بشكل واضح، كذلك محال المأكولات والمشروبات، كما ضاعف المرشدين السياحيين من سعر الرحلات التي يقومون بها رفقة السياح.
المصدر أكد أنه تم إلغاء عدد من الرحلات لبعض السياح من غير المدعوين إلى المؤتمر، حيث تم إبلاغ جميع الشركات قبل أيام بضرورة وقف أي وفود سياحية لحين انتهاء قمة المناخ، وهو ما سبب ضررًا لبعض الشركات.
مصدر آخر بأحد الجهات الرسمية المدعوة إلى المؤتمر قال لـ”درب” إن هناك تشديدات أمنية مكثفة في المدينة، وانتشار وتواجد أمني شديد لتأمين الوفود الأجنبية، وهو ما ضيّق من حركة العاملين بالمدينة.
ويؤكد المصدر أنه تم منع عدة وفود سياحية كان من المقرر أن تتواجد في شرم الشيخ خلال فترة المؤتمر، غير أن تعليمات أمنية صدرت بإلغاء هذه الرحلات لاقتصار الأجهزة المعنية على استضافة الوفود.
وحول مبررات ارتفاع الأسعار بهذه الكيفية، قال أحد النشطاء “إن هذا يبدو وكأنه إجراء مُتعمد لتقليل توافد المحتجين على سياسات المناخ، حيث تسعى السلطات المصرية إلى الحد من الاحتجاجات وهو ما أثار انتقادات عالمية واسعة، على الرغم من تأكيد الحكومة المصرية على تخصيص مساحات للاحتجاج غير أن الإجراءات المُتبعة تعرقل أي دور اعتاد المحتجون على تنفيذه في القمم السابقة والتي كان آخرها القمة التي عقدت باسكتلندا”.
وجاءت أسعار الفنادق على موقع “بوكينج” العالمي للحجوزات، خلال مدة إقامة القمة بين 6 نوفمبر و18 نوفمبر، لتشير إلى ارتفاع كبير جدا في الأسعار مقارنة بأسعار نفس الغرف في الأيام العادية أو حتى موسم السياحة في شرم الشيخ.
وبالبحث عن غرفة لشخصين طوال المدة، جاءت الأسعار 49 ألف جنيه للغرفة بالإضافة إلى 14 ألف جنيه رسوم وضرائب كما حددها الموقع، وهذا للإقامة في فندق من نجمتين.أما أقل أسعار الفنادق صاحبة الـ3 نجوم، كان من نصيب فندق “ايدن روك خليج نعمة” بسعر 51.5 ألف جنيه إضافة إلى 16 ألف جنيه ضرائب ورسوم كما حددها الموقع.
بينما جاءت أسعار الفنادق الـ3 نجوم أيضا ولكن إذا كان الحجز خلال شهر أكتوبر لنفس المدة ولنفس الغرفة، ليبدأ من 4800 جنيه شامل الرسوم والضريبة وتصل إلى 12 ألف جنيها.أما الفنادق صاحبة الـ4 نجوم فتبدأ أسعارها من 61 ألف جنيه للغرفة الشخصين، إضافة إلى مبلغ 19 ألف جنيه رسوم وضرائب، شاملة الإفطار فقط.
فيما تصل أسعار الـ4 نجوم إلى 141 ألف جنيه إضافة إلى 40 ألف جنيه رسوم وضرائب، وذلك من نصيب فندق “كونتيننتال بلازا”.فيما إذا كان الحجز قبل القمة خلال أكتوبر الجاري ولنفس المدة والغرفة، فإن الأسعار في الفنادق ذات الـ4 نجوم بدأت من 7 ألاف جنيها شاملة الرسوم والضرائب، وتصل إلى 32 ألف جنيها.
أما فنادق الـ5 نجوم، فتبدأ أسعارها من 67 ألف جنيه إضافة إلى 21 ألف رسوم وضرائب من نصيب فندق “رويال الباتروس”، وتصل إلى 518 ألف جنيه إضافة إلى رسوم 143 ألف جنيه، وذلك للإقامة في فندق شتايجنبرجر ألكازار”.
فيما تبدأ أسعار الفنادق الـ5 نجوم في الأيام العادية من 10 ألاف جنيه شاملة الرسوم والضرائب، وتصل في أعلى سعر إلى 104 ألف جنيه.
أما إذا كانت تبحث عن إقامة في ستوديو خاص بعيدا عن الفنادق وهذه الأسعار، فإن أسعار الاستوديو من خلال موقع “بوكينج” أيضا بدأت من 39 ألف جنيه شامل الرسوم والضريبة، ووصلت إلى 48 ألف جنيه.
وكان عدد من المقررين الخواص بالأمم المتحدة، قد أعربوا عن “مخاوف من عدم السماح لمنظمات المجتمع المدني غير الحكومية” بالمشاركة في قمة المناخ من خلال “فرض عدة قيود”.وقال المقررون الخواص في بيان سابق نشر على موقع الأمم المتحدة، إنه “لا يوجد معلومات وشفافية للمعايير التي من خلالها يتم اعتماد المنظمات غير الحكومية، إلى جانب زيادة كبيرة جدا في أسعار غرف الفنادق”، ما اعتبروه المقررون “قيود على المشاركة”.
من جانبه، قال موقع “إيه بي سي نيوز”، إنه تم وصف COP27 على شواطئ شرم الشيخ في شبه جزيرة سيناء المصرية باسم “مؤتمر الأطراف الأفريقي” – مع جدول أعماله للتركيز على التكيف مع المناخ والبنية التحتية للدول النامية، بما في ذلك العديد من الدول في القارة الإفريقية، لكن تكاليف الإقامة المتضخمة، وانتهاكات حقوق الإنسان، والأسئلة حول أوراق اعتماد مصر الخاصة بالمناخ ألقت بظلالها على الحدث قبل انطلاقه هذا المساء (AEDT).
ويضيف الموقع “أثناء حضورها الحدث كمندوبة لجامعة جريفيث، كان لدى فيرجينيا يونغ مكان إقامة في مدينة شرم الشيخ الساحلية حجز ودفع ثمنه مقدمًا، ولكن منذ حوالي أربعة أشهر، اتصل بها الفندق ليقول لها إن فاتورتها قد ارتفعت – من 2500 دولار إلى 10500 دولار – وأنها ستحتاج إلى الدفع أو إلغاء حجزها”.
ويستكمل التقرير “تم الاتصال بكاثرين بوين، نائبة مدير جامعة ملبورن المستقبلية المناخية، قبل بضعة أشهر لتقول إنها ستضطر إلى دفع مبلغ إضافي قدره (682 دولارًا أمريكيًا) في الليلة لحضور المؤتمر الذي يستمر أسبوعين وإلا سيتم إلغاء حجزها. رفضت وتركت مؤقتًا بدون مكان تقيم فيه”.ويتابع التقرير “وفقًا للبروفيسور بوين، لم يكن هناك وضوح بشأن من أصدر التوجيه، حيث أشار أصحاب الفنادق والمسؤولون الحكوميون والفعاليات بأصابع الاتهام إلى بعضهم البعض”.
وحسب التقرير فقد قال مارك هودن، مؤلف IPCC ومدير معهد تغير المناخ في الجامعة الوطنية الأسترالية (ANU)، إن الوصول إلى مؤتمر الأطراف عملاً باهظًا للغاية.. مضيفا “القصص عن التلاعب في الأسعار منتشرة وحجم هذا غير عادي على الإطلاق”.
ونبه التقرير إلى أنه “في حين أن البعض قد يكون قادرًا على تحمل التكاليف المتضخمة، فمن المتوقع أن يؤدي التلاعب في الأسعار إلى استبعاد العديد من المنظمات غير الحكومية ومجموعات المصالح من الدول النامية ذاتها التي من المفترض أن يكون مؤتمر الأطراف هو المنصة”.
خلال الشهر الماضي، أرسل التجمع الإفريقي للعدالة المناخية -وهي حركة إفريقية شعبية تمثل منظمات المجتمع المدني وحركات النساء ومجتمعات الفلاحين والمواطنين الأفارقة وغيرهم- إعلانًا إلى الحكومات الإفريقية ومفاوضي مؤتمر الأطراف، داعين إلى رفض أي محاولات “لوصف COP27 بأنه مؤتمر الأطراف الإفريقي إذا لم يعترف بأصوات الشعوب الإفريقية في تنوعهم، والدفع باتجاه اتفاقيات تقترب من جعل توقعات العدالة المناخية حقيقة واقعة”.
يشير التقرير إلى أن “المنظمات غير الحكومية ومجموعات الاحتجاج ساعدت في إبراز القضايا الصعبة أو غير المستساغة في اجتماعات مؤتمر الأطراف، وقد يؤدي غيابها إلى الانتقاص من حدث هذا العام، حيث لن يتمكن كثير من مواطني إفريقيا والدول النامية من الوصول إلى شرم الشيخ”وتقول هيومن رايتس ووتش إن الجدل حول القضايا البيئية في مصر بعيد كل البعد عن الحرية، وأن البلاد تستخدم COP27 لغسيل سمعتها.
قال عمرو مجدي، الباحث المصري البارز في هيومن رايتس ووتش، إن نشطاء البيئة في مصر تم إسكاتهم كجزء من حملة قمع أوسع للحقوق المدنية على مدى العقد الماضي.. مضيفًا “اضطرت العديد من المنظمات إلى إغلاق أبوابها بسبب هذا، لا سيما الجماعات البيئية”.
ويستكمل “أي باحث أو صحفي يعرف أن الذهاب إلى الشارع والتحدث إلى المجتمعات المتضررة والتحدث عن القضايا البيئية أمر محفوف بالمخاطر، ليس فقط بالنسبة لهم، ولكن بالنسبة للسكان”.